أبيي مجدداً في دائرة التوتر.. نزاع متجدد بين السودان وجنوب السودان
بعد سنوات من الهدوء النسبي، عاد النزاع على منطقة أبيي الحدودية بين السودان وجنوب السودان إلى السطح، مع تحركات جوبا الأخيرة للاعتراف بنتائج استفتاء أحادي الجانب أجري عام 2013. تسعى حكومة جنوب السودان للاعتراف رسميًا بنتائج هذا الاستفتاء الذي نظّمته عشائر دينكا نقوك، ما يشكل خطوة تصعيدية قد تعيد تأجيج الخلافات العرقية والسياسية حول المنطقة الغنية بالموارد.
تقع أبيي، التي تبلغ مساحتها حوالي 10,000 كيلومتر مربع وتوازي مساحة لبنان، بين حدود السودان وجنوب السودان. ولم تُحسم مسألة السيادة عليها منذ توقيع اتفاق السلام الشامل عام 2005 الذي أدى في النهاية إلى استقلال جنوب السودان عام 2011.
تحركات جوبا: إدراج استفتاء أبيي في أجندة الحكومة
بدأت حكومة جنوب السودان اتخاذ خطوات عملية لدعم الاعتراف بنتائج استفتاء دينكا نقوك. وأشارت تقارير إعلامية قريبة من الحكومة إلى أن وزير شؤون أفريقيا دينق ألور، ورئيس دائرة أبيي شول دينق ألاك، عقدا اجتماعًا مع الرئيس سلفاكير ميارديت، ونائبه رياك مشار، لإدراج قضية أبيي في أجندة مجلس الوزراء، حيث من المتوقع أن يُعقد اجتماع يوم الأربعاء المقبل لمناقشة الاعتراف الرسمي بنتائج الاستفتاء.
تمهيدًا لهذه الخطوة، اعتمد المجلس التشريعي لأبيي -الذي شكلته جوبا بشكل أحادي- نتائج الاستفتاء. وتهدف الحكومة إلى تمرير هذا القرار عبر مجلس الوزراء، ليُطرح لاحقًا على البرلمان للمصادقة النهائية.
موقف الخرطوم وقبيلة المسيرية
من جانبها، رفضت الخرطوم التحركات الأحادية من قبل جنوب السودان، معتبرة أنها تمثل خرقًا واضحًا للتحكيم الدولي واتفاقيات السلام السابقة. أكدت الحكومة السودانية أن مسألة أبيي لا يمكن أن تُحل إلا عبر مفاوضات ثنائية تحت مظلة الاتحاد الأفريقي والهيئات الدولية.
أبيي: عقدة جغرافية وسياسية
النزاع حول أبيي يتجاوز كونه خلافًا حدوديًا، ليصبح قضية مرتبطة بالموارد النفطية والمياه، فضلًا عن البعد العرقي بين المكونات السكانية. بينما تدعم عشائر دينكا نقوك الانضمام إلى جنوب السودان، ترفض قبيلة المسيرية العربية هذا الطرح، حيث تعتمد القبيلة على أبيي كممر رئيسي لرعي الماشية.
مع عدم وجود حلول واضحة حتى الآن، يبدو أن النزاع حول أبيي مرشح للاستمرار، ما لم تتدخل الأطراف الدولية والإقليمية لدفع الطرفين نحو تسوية سلمية تضمن الاستقرار في المنطقة الحساسة.
في ظل التصعيد الحالي، تظل منطقة أبيي نقطة توتر رئيسية بين السودان وجنوب السودان. ومع التحركات الأحادية من جوبا والتوترات العرقية المتزايدة، فإن الحاجة إلى حلول مستدامة عبر الحوار أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.