تحقيقات

هجوم جوي على نيالا.. «هيومن رايتس» تتهم الجيش السوداني باستخدام قنابل عشوائية


قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن القوات المسلحة السودانية استخدمت قنابل غير موجهة أُلقيت جوا لشن هجمات على أحياء سكنية وتجارية في نيالا بجنوب دارفور أوائل فبراير/شباط 2025. هذه الهجمات العشوائية، التي تشكل جرائم حرب مفترضة، قتلت وأصابت أعدادا كبيرة من المدنيين.

وشنّ الجيش السوداني هجمات متكررة على نيالا، عاصمة جنوب دارفور، منذ سيطرة خصمه “قوات الدعم السريع” على المدينة أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023. المدينة، التي كان يقطنها أكثر من 800 ألف نسمة قبل النزاع الحالي، هي الأكبر في دارفور وإحدى أكبر مدن السودان.

وقال جان باتيست غالوبان، باحث أول في قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: “قصف الجيش السوداني أحياء سكنية وتجارية مكتظة بالسكان في نيالا باستخدام قنابل غير دقيقة. قتلت هذه الهجمات عشرات الرجال والنساء والأطفال، ودمرت العائلات، وزرعت الخوف والنزوح”.

تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير موثوقة عن غارات جوية عديدة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وفبراير/شباط 2025، وأجرى باحثون تحقيقات مفصّلة في خمس غارات جوية شُنت في 3 فبراير/شباط، أوقعت بشكل خاص إصابات قتلى بين المدنيين. أجرى الباحثون مقابلات مع 11 شخصا ضحايا وشهود، وثلاثة أشخاص من الطواقم الطبية التي عالجت الضحايا. وحللوا صورا فوتوغرافية وفيديوهات من وسائل التواصل الاجتماعي، منها ما يُظهر بقايا ذخائر من ثلاث غارات.

وقال شهود إن غارات 3 فبراير/شباط أصابت مناطق سكنية وتجارية مزدحمة في حيَيْ الجمهورية والسينما بوسط المدينة في تتابع سريع. بالإضافة إلى شارع الكونغو، وهو طريق رئيسي في المدينة. أفادت منظمة “أطباء بلا حدود” أن 32 شخصا قُتلوا وأصيب العشرات بحسب المزاعم. قال شهود إن غارة جوية أصابت متجرا للبقالة قرب “مستشفى مكة للعيون” في شارع يعج بالناس والمركبات. ما أوقع عددا كبيرا من القتلى.

قال رجل وصل إلى مكان الحادث بعد وقت قصير: “دُمر المكان بالكامل وتضرر جراء الغارة الجوية. قُتل كثيرون. من بين القتلى سيدة مسنة… وركاب سيارة تويوتا، وبعض المارة”. أضاف أن أكثر من 35 شخصا قُتلوا هناك.

أفاد “مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة” الذي يجمع بيانات عن النزاعات حول العالم أنه بين 2 و4 فبراير/شباط قُتل ما بين 51 و74 مدنيا وأُصيب العشرات. أفادت أطباء بلا حدود عن مقتل 25 شخصا على الأقل في غارات جوية في 4 فبراير/شباط، وإصابة 21 آخرين في غارة جوية على مصنع لزيت الفول السوداني نُقلوا إلى “مستشفى نيالا التعليمي” الذي تديره المنظمة.

راجعت هيومن رايتس ووتش صورا لبقايا ذخيرة لتحديد الأسلحة المستخدمة في ثلاث غارات في 3 فبراير/شباط، وتمكنت من ذلك في اثنتين. خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أنه تم استخدام قنبلة من طراز “أوفاب-250” (OFAB-250) في الغارة التي وقعت أمام “مستشفى مكة للعيون”، وهي قنبلة غير موجهة شديدة الانفجار ومتشظية. في غارة أخرى، حددت هيومن رايتس ووتش استخدام قنبلة من طراز “فاب” (FAB) متعددة الأغراض وغير موجهة أُلقيت جوا أصابت طريقا يبعد حوالي 140 مترا شمال غرب المستشفى.

وصف خمسة شهود طائرة واحدة، لا يبدو أنها مقاتلة نفاثة كانت تحلق في السماء وقت الغارات. قال أحد الشهود: “رأيت الطائرة تحلق حول المدينة. كانت طائرة كبيرة، تشبه طائرة الشحن… قصفت في دورتها الثانية حول المدينة”.

قال عامل يومي نجا من غارة أودت بحياة أخته وابن أخيه في 3 فبراير/شباط: “كانت الطائرة تحلق على ارتفاع كبير جدا جدا. لم يكن الوقت الفاصل بين الغارتين طويلا ربما دقيقة أو دقيقتين – قصفت الطائرة، ثم انعطفت، ثم قصفت ثانية بعد فاصل زمني قصير جدا”.

في معظم الظروف، لا يمكن توجيه قنابل أوفاب والقنابل غير الموجهة الأخرى من سلسلة أوفاب أو فاب نحو هدف عسكري محدد لأن لها تأثيرات واسعة النطاق ودقة محدودة. لذلك، من المرجح أن تصيب أهدافا عسكرية ومدنيين أو أهدافا مدنية بدون تمييز عند استخدامها في منطقة مأهولة بالسكان، مثل الأحياء السكنية المكتظة في نيالا، ما يجعل الهجوم عشوائيا. قالت هيومن رايتس ووتش إن غارات 3 فبراير/شباط يُفترض أنها عشوائية وتنتهك القانون الإنساني الدولي. شن هجمات عشوائية عمدا أو بتهور يشكل جريمة حرب.

كانت غارات غرة فبراير/شباط جزءا من موجة قصف جوي أوسع نطاقا شنّها الجيش على نيالا. سجّل مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة 41يوما من الغارات الجوية على مدى ثلاثة أشهر بين ديسمبر/كانون الأول 2024 وفبراير/شباط 2025، شملت أياما شهدت غارات جوية متعددة. وقد أصابت العديد من هذه الغارات الأحياء الشرقية من نيالا. التي تضمّ تمركزا كثيفا لمقاتلي قوات الدعم السريع في مواقع عديدة، بما في ذلك مطار نيالا ومحيطه، وهو مركز رئيسي لقوات الدعم السريع.

عندما تُنشر القوات في مناطق مأهولة بالسكان، كما في حالة قوات الدعم السريع في نيالا. ينبغي لها تجنب وضع أهداف عسكرية قرب المناطق المكتظة بالسكان والسعي إلى إبعاد المدنيين عن محيط الأنشطة العسكرية. تُقيّد قوات الدعم السريع بشدة وصول المدنيين إلى أجزاء من شرق نيالا.

 

ألحقت الغارات الجوية على المناطق السكنية في وسط نيالا خسائر فادحة في صفوف المدنيين. قال العامل اليومي: “الغارات الجوية هي الأسوأ، لأنها تدمر كل شيء. في حالة الأعيرة النارية، يستطيع الناس تجنبها والاحتماء منها، لكن لا يمكننا الاحتماء من الغارات الجوية. إنها قوية جدا”.

إمكانية تلقي الضحايا الرعاية الطبية وتوافرها محدودان للغاية. قال أربعة شهود تمت مقابلتهم إنهم لم يتمكنوا من تلقي العلاج اللازم لإزالة شظايا الذخائر. إما لعدم قدرتهم على تحمل تكلفته أو لنقص الأطباء المؤهلين في نيالا.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للجيش السوداني إيقاف جميع الهجمات العشوائية فورا. بما فيها تلك التي تنطوي على استخدام قنابل غير موجهة تُلقى جوا على مناطق مأهولة بالسكان.

ينبغي للدول الأخرى أن تحذو حذو “الاتحاد الأوروبي” في فرض عقوبات على قيادة القوات الجوية السودانية جرّاء هذه الهجمات. وينبغي للسودان ضمان وصول المراقبين بمن فيهم أولئك التابعون لـ ‘المحكمة الجنائية الدولية” و”بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان”. للتحقيق في انتهاكات جميع الأطراف المتحاربة. وينبغي للحكومات ضمان الدعم السياسي والمالي اللازم للتحقيقات الجارية.

قال غالوبان: “ما يزال المدنيون يتحملون وطأة حرب السودان المدمرة المستمرة منذ عامين رغم التعبيرات الدولية عن القلق. على الدول الأخرى اتخاذ إجراءات متضافرة لحماية المدنيين .ومنع المزيد من الهجمات العشوائية من خلال التحقيق في أفعال المسؤولين من جميع الأطراف ومعاقبتهم”.

وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى لعقود هجمات جوية عشوائية شنها الجيش السوداني على مناطق مأهولة بالسكان باستخدام قنابل غير موجهة أُلقيت من طائرات شحن تحلق على ارتفاعات كبيرة. في الحرب الحالية، التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023. أدت غارات جوية عديدة شنتها القوات المسلحة السودانية على المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في السودان إلى مقتل وإصابة عدد لا يُحصى من المدنيين.

تزامنت حملة الغارات الجوية المكثفة التي شنّها الجيش السوداني على نيالا مع تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع بدأت باستخدام مطار نيالا كقاعدة للطائرات المسيّرة. وأن طائرات شحن كبيرة كانت تهبط فيه. استخدام قوات الدعم السريع المطار لأغراض عسكرية يجعله من الأعيان العسكرية وهدفا مشروعا. أفادت وسائل إعلام محلية أن قوات الدعم السريع في نيالا نفذت حملات اعتقالات واسعة بحق أشخاص يُشتبه في تقديمهم إحداثيات الغارات الجوية للجيش السوداني في أوائل ديسمبر/كانون الأول. ومرة ​​أخرى في أواخر يناير/كانون الثاني.

الهجمات الموجهة ضد مقاتلي قوات الدعم السريع والأهداف العسكرية كالمطار متوافقة مع قوانين الحرب طالما أنها لا تُلحق بالمدنيين أضرارا عشوائية أو غير متناسبة.

لا يحظر القانون الإنساني الدولي الهجمات على المناطق الحضرية في حال وجود أهداف عسكرية. ولكن الهجمات الموجهة ضد المدنيين أو الأعيان المدنية، أو التي تُسبب أضرارا عشوائية أو غير متناسبة بالمدنيين، محظورة دائما. وقد تُشكل جرائم حرب إذا نُفذت بالنية الإجرامية المطلوبة لاستيفاء هذا الشرط. يُلقي وجود العديد من المدنيين في المناطق الحضرية بمسؤوليات أكبر على الأطراف المتحاربة لاتخاذ خطوات لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين. وينبغي للأطراف المهاجِمة السعي إلى إلغاء الهجوم أو تعليقه إذا قررت أن الهدف ليس عسكريا أو سيُلحق بالمدنيين أضرارا عشوائية أو غير متناسبة.

غارات على نيالا في 2 – 4 فبراير/شباط

شهدت نيالا غارات يومية بين 31 يناير/كانون الثاني و5 فبراير/شباط 2025. وصرّح موظف طبي في مستشفى نيالا التعليمي بأن الغارات الجوية استهدفت مركز المدينة لثلاثة أيام متتالية في 2 و3 و4 فبراير/شباط.

في 3 فبراير/شباط، سُجِّلت خمس غارات جوية على الأقل بفاصل زمني قدره 40 دقيقة. أصابت الغارة الأولى شارع الكونغو، وهو جادة رئيسية في المدينة، قرب مستشفى نيالا التعليمي، ثم أصابت غارتان منازل في حي الجمهورية. أصابت غارة رابعة طريقا شمال دار السينما مباشرة. وغارة خامسة متجرا للبقالة قرب مستشفى مكة للعيون، على أطراف حي السينما.

في غضون 10 دقائق من الغارة الأولى في 3 فبراير/شباط، بدأ الجرحى بالتوافد إلى قسم الطوارئ في مستشفى نيالا التعليمي، بحسب أحد الموظفين الطبيين. “بينما كنا نعالج الجرحى، سقطت قنبلة أخرى. كنا نعالج الجرحى، وفي الوقت نفسه كنا خائفين”. أضاف:

كان بعضهم مصابا بجروح بليغة، وبعضهم بترت أطرافه، والبعض أصيب بجروح بليغة في الرأس أو البطن، في حين كان لدى البعض كسور في الأطراف العلوية أو السفلية. … توفي اثنان في مركزنا؛ الأول، في سن 18 عاما، كانت لديه صدمة في الرأس، والثاني، في سن 30 عاما، كانت لديه نتيجة إصابات متعددة – بتر في القدم وكسر في الذراع اليمنى.

قال الموظف في الكادر الطبي إنه تم نقل 15 أو 16 مصابا إلى المستشفى في ذلك اليوم، ونحو 50 ضحية خلال هذه الأيام الثلاثة. نقل تسعة مصابين بالغين، بينهم امرأتان، إلى المستشفى عصر يوم 2 فبراير/شباط، مصابين بحروق وكسور، وأحدهم قدمه مبتورة. في 4 فبراير/شباط، نُقل 21 جريحا إلى المستشفى: توفي اثنان هناك، وتوفيت امرأتان بعد نقلهما من المستشفى، وفقا لأعضار الكادر الطبي.

أفاد موظفان طبيان بأن جميع الضحايا الذين نُقلوا إلى المستشفى كانوا مدنيين، وقالا إن قوات الدعم السريع استخدمت مواقع أخرى لعلاج مقاتليها المصابين.

غارة على شارع الكونغو، 3 فبراير/شباط

أفاد ثلاثة شهود عيان بأن أول قنبلة سقطت على نيالا في 3 فبراير/شباط سقطت على شارع الكونغو، قرب مستشفى النور الخيري للعيون وشركة “زين” للهاتف المحمول، على بُعد حوالي 200 متر من مستشفى نيالا التعليمي. وأسفر الانفجار عن مقتل عدد غير محدد من المدنيين.

كان عامل يومي من الحي قد غادر منزله لتوه مع شقيقته البالغة من العمر 40 عاما، وابن أخيه، وهو في العشرينيات من عمره، عندما لاحظوا طائرة تحلق في السماء. قال إنه لم يلاحظ أي وجود لقوات الدعم السريع قبل الغارة:

 

كنت على بُعد 10 أمتار فقط من منزلي عندما رأيت الطائرة، وبدأ الناس يركضون في كل مكان مذعورين، وقالوا: هناك طائرة، طائرة قادمة! كانت طائرة بيضاء… تحلق على ارتفاع عالٍ جدا، وكان الصوت هائلا… كان ثمة حشد من الناس [في الشارع]، منهم من هو ذاهب إلى عمله، أو يقطع الطريق فحسب، أو يتوجه إلى مكان ما… كان هناك بعض الذعر ولم يعرف الناس هل يبقون في الخارج أم يحاولون الاختباء… بدأ الجميع بالركض. ثم قلت لأختي إن علينا الاختباء. كنت متقدما قليلا عن [أختي وابن أخي] عندما وقعت الغارة وأودت بحياتهما.

قال العامل إن أخته وابن أخيه “تقطعوا حرفيا”، بينما أصيبت ساقه.

تحققت هيومن رايتس ووتش من فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي في 3 فبراير/شباط، وحددت موقعه الجغرافي، ويُظهر عمود كبيرا من الغبار والدخان من موقع الضربة. كما تحققت هيومن رايتس ووتش من ستة صور فوتوغرافية التقطها أحد سكان نيالا. وحددت موقعها الجغرافي، تُظهر مبنيَيْن متضررَيْن عند زاوية الطريق. تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 5 مارس/آذار أضرارا لحقت بالمبنيين.

غارة جوية بالقرب من مستشفى مكة للعيون، 3 فبراير/شباط

بعد ظهر يوم 3 فبراير/شباط، سقطت قنبلة على متجر بقالة على بُعد أقل من 30 متر شرق مستشفى مكة للعيون. تحدثت هيومن رايتس ووتش مع ستة شهود وناجين أكدوا مقتل 13 مدنيا على الأقل وإصابة 16 آخرين. كما قُتل ثلاثة مقاتلين من قوات الدعم السريع يرتدون الزي العسكري كانوا يشربون الشاي في الشارع، وفقا لأحد الشهود. وقال شهود إن الغارة وقعت بعد الغارة التي أصابت شارع الكونغو.

قال طبيب كان يعمل داخل المستشفى آنذاك: “قبل الانفجار الأول، سمعنا صوت طائرة. عندما سمعنا الانفجار [الأول]، طلبنا من الناس الخروج. ثم وقع الانفجار الثاني… بعد دقائق من الأول”.

قالت امرأة نجت من الغارة إن الطائرة التي سمعوها وشاهدوها كانت بيضاء اللون.

قبل الغارة، كان ثمة “أشخاص كُثر يتنقلون هنا وهناك” في الشارع القريب من المستشفى، كما قال موظف في متجر كان ينهي يوم عمله عندما سقطت القنبلة. “كان الناس يتحركون. وكان آخرون يدخلون ويخرجون من… المستشفى”. قال شاهد آخر إنه كان ثمة أشخاص كُثر يشربون القهوة في مقهى قرب المستشفى، وإن الشارع كان مزدحما بشكل خاص بالمركبات المدنية.

بعد الغارة الجوية الأولى على شارع الكونغو، قالت امرأة تعمل كعاملة يومية: “كان الناس مرعوبين. بدأوا بالخروج إلى الشارع لمعرفة ما يحدث. كان بعضهم يركض في الشارع محاولا الاحتماء من الهجوم. كان هناك الكثير من الناس في الخارج… كان الناس يركبون عربات التوكتوك ويركضون في كل مكان”.

أصابت الغارة متجر بقالة، فدمرته، وألحقت أضرارا بمبانٍ أخرى ومركبة واحدة على الأقل. تحققت هيومن رايتس ووتش من فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي في 3 فبراير/شباط في موقع الغارة، وحددت موقعه الجغرافي، ويُظهر مبنى مدمرا إلى حد كبير. كانت توجد سيارة “تويوتا لاند كروزر” بيضاء متوقفة في الطريق، متضررة بشدة. كما تضررت واجهة مستشفى مكة للعيون بشكل يمكن ملاحظته، وكذلك المباني على جانبَيْ الطريق. ويمكن رؤية أضرار مماثلة في صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 5 مارس/آذار.

وصف رجل وصل بعد الغارة المشهد قائلا:

دُمر المكان بالكامل وتضرر جراء الغارة الجوية. قُتل عديدون… إحداهن سيدة [مسنة]… وركاب سيارة تويوتا، وعابرون. كان ثمة أكثر من 35 قتيل وجريح… جميعهم… مدنيون… الجثث متناثرة… سألتُ من كانوا هناك: “هل يوجد عناصر من الدعم السريع، أو أشخاص يرتدون الزي العسكري؟” قالوا لا.

كان موظف المتجر برفقة ثلاثة من أقاربه في ذلك الوقت. أسفرت الغارة عن مقتل ابن عمه، وعمره 32 عاما، الذي تمزق جسده، وإصابة الاثنين الآخرين بجروح بالغة. قال إنه رأى ستة مدنيين آخرين مقتولين، بالإضافة إلى ستة جرحى في السوبر ماركت المحلي. أصيب في الرأس والصدر والذراع. كان ثمة شظايا معدنية عالقة في صدره أثناء المقابلة لعدم قدرته على تحمل تكاليف الجراحة.

قالت المرأة التي تعمل عاملة مؤقتة إن الغارة قتلت على الفور البالغة من العمر 39 عاما، وأصابتها بجروح بالغة في ذراعها اليسرى وبطنها، وأصابت شقيقها البالغ من العمر 14 عاما في ركبته، وعمها، وهو في أواخر الثلاثينيات من عمره، في رأسه وظهره وكاحله. قالت إن زميلة لوالدتها، كانت عاملة نظافة، قُتلت على الفور وبُتر ذراعاها.

قُتل ثلاثة رجال يعملون في محل عصائر على الفور. بالإضافة إلى امرأة في أوائل العشرينيات من عمرها تُعرف باسم مشتهى، كانت بائعة شاي.

شاهدت امرأة أخرى كانت في الشارع جثة بائعة الشاي، إلى جانب جثتي رجلين قُتلا في سيارة، وجثث ثلاثة مقاتلين من الدعم السريع يرتدون الزي العسكري كانوا يشربون الشاي وقت الغارة. قالت إنها أُصيبت في ثديها الأيمن، ولا تستطيع تحمل تكاليف الجراحة. قالت في أوائل أبريل/نيسان: “ما زلت أنزف، والإصابة لم تلتئم، وتؤثر على حياتي بشدة”.

قال طبيب إنه رأى أربعة أشخاص يلقون مصرعهم فورا، وساعد في نقل ثلاثة مصابين. قال عامل في منظمة غير حكومية إنه كان في مكتبه في الحي عندما أصابت الغارة زميله وأصابته في ساقه. كما تحدثت هيومن رايتس ووتش مع عامل في منتصف العمر قال إنه أُصيب في الفك أثناء الغارة. قالت إحدى الناجيات إن قوات الدعم السريع وصلت إلى الموقع بعد الغارة لجمع جثث جميع الضحايا وتقديم الإسعافات الأولية إلى المصابين.

راجعت هيومن رايتس ووتش صورا لبقايا القنبلة، تلقتها من أحد سكان نيالا في 20 فبراير/شباط. وحددت أن زعنفة الذيل تعود لقنبلة من طراز أوفاب-250 ملقاة جوا.

غارتان على حي الجمهورية، 3 فبراير/شباط

قال أربعة شهود إن وحدتَيْ ذخيرة متفجرتين على الأقل سقطتا في منطقة سكنية بغالبيتها في وسط حي الجمهورية في 3 فبراير/شباط، ما أسفر عن مقتل 13 شخصا على الأقل. بينهم ستة بالغين وسبعة أطفال. تُظهر صور نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في 3 فبراير/شباط، وحددت هيومن رايتس ووتش موقعها الجغرافي، أضرارا جسيمة لحقت بمجمعَيْن سكنيَّيْن. كما تؤكد صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 5 مارس هذا الدمار.

سقطت ذخيرة متفجرة على منازل، ما أسفر عن مقتل صبي عمره ثماني سنوات. وفتاة عمرها ست سنوات، وإصابة مدنيَّيْن اثنين آخرين على الأقل. بحسب ما قال رجل كان جارا للطفلين اللذين لقيا حتفهما، كما تضرر منزله بشدة وأصيب أقاربه في الغارة.

قال ثلاثة شهود عيان إن 12 شخصا على الأقل قُتلوا في غارة أخرى قرب منازل في حي الجمهورية. قال رجل:

[بعد] الغارة الأولى [قرب] مستشفى نيالا التعليمي، رأينا الكثير من الغبار في الهواء. لذلك عرفنا… كنت أركض نحو منزلنا… كنت بالخارج في الشارع. رأيت أطفالا يجلبون الماء. في تلك اللحظة، كانت الطائرة متجهة شمالا. في نفس الوقت [كنت] أنظر إلى الطائرة… استدارت الطائرة وقصفت [قرب] المنزل… في منتصف الشارع… أصابت الشظايا الأطفال بشدة… عندما تفقدت الأطفال، رأيت أشلاءهم. 

قُتلت في الهجوم شقيقة الرجل، التي كانت في منتصف العشرينيات من عمرها، وابنه البالغ من العمر 20 عاما.

قالت صاحبة مطعم في الحي نجت من الغارة نفسها. لكن قتلت ابنتها البالغة من العمر ثماني سنوات، إن الطائرة كانت تحلق لفترة من الوقت عندما قررت، بدافع القلق. إغلاق متجرها لهذا اليوم واستعدت للمغادرة، ثم سقطت القنبلة:

قُتل مهند… كان عمره 14 عاما تقريبا. وشقيقه محمد… قُتل أيضا… كان في الثامنة تقريبا. قُتل هذان الطفلان مع ابنتي… كانت في الثامنة… وأصيب أطفالي الأربعة [الآخرون].

كان جارها في السوق عندما وقعت الغارة، وعندما عاد، وجد زوجته وأطفاله الثلاثة قتلى. قال: “عندما عدنا، وجدنا عائلتي على الأرض وقد تمزقوا أشلاءً. كان ثمة 10 أشخاص حول المنزل، وقد قُتلوا أيضا”.

قال شاهدان إن مقاتلي قوات الدعم السريع كانوا يذهبون أحيانا إلى منشأة قريبة من موقع الغارة. وقال إن مقاتلي قوات الدعم السريع وصلوا بعد الغارة في سيارة برفقة مدنيين. وجمعوا الجثث ونقلوها إلى المستشفى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى