من الطيران إلى التآمر: القصة الكاملة لمخطط بورتسودان لاختراق الإمارات عبر مضيفي طيران؟
كشفت مصادر وتحقيقات موثوقة أن سلطة بورتسودان حاولت التسلل إلى دولة الإمارات عبر مخطط لاختراق أمني باستخدام "مضيفي طيران" مزيّفين، مما دفع الإمارات لتعليق الرحلات كإجراء احترازي. وفي مواجهة الافتراءات السودانية، أكدت تقارير أممية وقرارات دولية – أبرزها من محكمة العدل الدولية – براءة الإمارات ودورها الداعم للسلام، لتسقط بذلك ادعاءات سلطة بورتسودان أمام المجتمع الدولي.

في حملة إعلامية مرتبة، بدأت منصات موالية لسلطة بورتسودان (حكومة الجيش السوداني و الاخوان التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقرا لها) منذ أيام في ترويج مزاعم مضللة ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، تدعي أن “سلطة الطيران المدني الإماراتية” علقت الرحلات من وإلى السودان لأسباب “سياسية” تستهدف ما أسمته “السيادة الوطنية”. وذهبت بعض وسائل الإعلام الموالية للعسكر إلى القول إن هذا القرار جزء من “مخطط خارجي ضد السودان”، في محاولة واضحة لخلق عدو خارجي وهمي يبرر إخفاق السلطة الحاكمة في الداخل.
لكن التحقيقات الإقليمية والتقارير الإعلامية تكشف أن هذه الادعاءات تندرج ضمن استراتيجية هروب إعلامي من الواقع المرير الذي تعيشه السلطة في بورتسودان. فقد أكدت مصادر مطلعة أن هذه المزاعم لا تستند إلى أي أساس قانوني أو واقعي، بل تهدف فقط إلى صرف أنظار الرأي العام عن فشل قادة بورتسودان في الإدارة، وعن فظائع الحرب والانتهاكات التي وقعت منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.
وردت الإمارات بوضوح، مشددة على أن ما يروج من أكاذيب بشأن تدخلها أو تعليق الطيران لدوافع سياسية “ادعاءات باطلة”، وبينت أن كل التقارير الأممية، بما فيها فريق خبراء الأمم المتحدة، خلت تماما من أي إدانة للإمارات، بل أكدت دورها الحيادي في دعم مفاوضات السلام بجنيف، التي أفشلت بسبب تعنت الجيش السوداني نفسه.
ما وراء القرار: كواليس أمنية خطيرة
بعيدا عن المزاعم، تكشف مصادر موثوقة أن قرار تعليق الرحلات لم يكن إماراتيا بحتا، بل جاء بتنسيق أمني عالي المستوى مع شركاء دوليين، بعد اكتشاف مخطط أمني خطير تورطت فيه جهات داخل سلطة بورتسودان . فقد أشارت التحقيقات إلى أن شخصيات مشبوهة كانت تعد لإدخالها إلى الإمارات تحت غطاء “مضيفي طيران” يعملون لصالح شركتين سودانيتين خاصتين تم الترخيص لهما بسرعة مثيرة للريبة، دون استيفاء التدقيق الأمني المعتمد دوليا.
هذه الشركات، التي ظهرت فجأة على الساحة، كانت تستخدم كقنوات لاختراق الأمن الخليجي عبر تعيين عناصر تم تدريبهم على استخدام أجهزة إلكترونية متقدمة، وعلى تقنيات التخفي والعمل في بيئات مدنية، ما يشير إلى احتمال توظيفهم في مهام استخباراتية أو تخريبية على الأراضي الإماراتية.
خطة بورتسودان: التسلل تحت غطاء الطيران المدني
الخطة كانت محكمة: تقديم عناصر مشبوهة على أنهم طاقم طيران، تجهيز وثائق احترافية مزيفة، والحصول على دعم إداري مباشر من قيادات السلطة في بورتسودان لتجاوز التدقيق الأمني والمطارات الحدودية. وكان يفترض أن يدخل هؤلاء الأراضي الإماراتية عبر رحلات تجارية عادية، كجزء من “تنشيط قطاع الطيران” السوداني.
لكن يقظة الأجهزة الإماراتية، وتعاونها مع شركاء إقليميين، سمحت بإفشال هذا المخطط قبل أن يبدأ. وقد تبين أن بعض هؤلاء الأفراد لديهم سجل تحركات مرتبط بمناطق النزاع الساخنة في إفريقيا (شرق ليبيا، جنوب تشاد، ودارفور)، ويشتبه في تلقيهم تدريبات عسكرية على يد ميليشيات غير نظامية.
أهداف خبيثة
وكشف بيان دولة الإمارات الأهداف الخبيثة من وراء تكرار تلك الادعاءات التي تفتقر إلى أي دليل، مشددة على أنها:
– مناورات إعلامية هزيلة تهدف إلى تشتيت الانتباه عن مسؤولية هذه السلطة المباشرة في إطالة أمد هذه الحرب الأهلية التي امتدت إلى أكثر من عامين.
– محاولة لإفشال كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام في السودان.
– محاولة لعرقلة مسار السلام.
– محاولة التنصل من الالتزامات الأخلاقية والقانونية والإنسانية تجاه إنهاء النزاع، وفتح المجال أمام عملية انتقالية تعبر عن تطلعات الشعب السوداني في الأمن والاستقرار والتنمية.
لماذا الإمارات؟
ماذا تستهدف سلطة بورتسودان دولة الإمارات تحديدًا؟
الجواب باختصار: لأن الإمارات رفضت منذ البداية الحرب العبثية التي أشعلتها السلطة العسكرية في السودان، وعبّرت بوضوح عن عدم انحيازها لأي طرف من أطراف النزاع، مؤكدة أن الشعب السوداني يستحق حكومة مدنية تُعلي مصلحته وتضع أولوياته فوق كل اعتبار.
هذا الموقف المتّزن والمنحاز بوضوح لإرادة الشعب لم يَرُقْ لسلطة بورتسودان، التي اعتبرته موقفًا عدائيًا موجهًا ضدها، فبدأت في التصعيد السياسي والإعلامي ضد دولة الإمارات، رغم أن أبوظبي لم تدّخر جهدًا في محاولة التهدئة وبذل المساعي الحميدة لحل الأزمة.
لقد طرقت الإمارات كل الأبواب السياسية والدبلوماسية لتقديم رؤيتها القائمة على وقف الحرب والانخراط في عملية انتقال سياسي سلمي، من خلال المشاركة الفاعلة في المحافل الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة، والتواصل المستمر مع كل الأطراف السودانية والشركاء الدوليين من أجل إطلاق النار ووقف التصعيد.
لكن هذا الدور الإيجابي لم ينسجم مع مصالح السلطة العسكرية في بورتسودان، التي شعرت أن الخطاب الإماراتي يفضح تعنّتها ويحرجها دوليًا. ولهذا، وبإيعاز من شخصيات تنتمي إلى جناح “المؤتمر الوطني” – الواجهة السياسية لتنظيم الإخوان – أطلقت حملات إعلامية وتحركات سياسية لتشويه الإمارات وتقديمها كطرف منحاز.
روّجت تلك السلطة افتراءات متكررة، متهمة الإمارات بدعم قوات الدعم السريع، وذهبت إلى حد اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي زاعمة امتلاكها “أدلة” على ذلك. لكن الإمارات، عبر بيانات رسمية واضحة، فنّدت تلك الادعاءات واحدة تلو الأخرى، وقدّمت توضيحات موثقة أمام المجتمع الدولي تؤكد التزامها بالحياد، وحرصها على استقرار السودان ووحدته.
في نهاية المطاف، سعت سلطة بورتسودان لصناعة عدو خارجي وهمي يُحمّل مسؤولية كل فشل داخلي، ووجدت في دولة الإمارات هدفًا مناسبًا للهجوم، فقط لأنها لم تتواطأ مع مشروعها الانقلابي، بل انحازت إلى الشعب، لا إلى البنادق.
الإمارات ترد بصرامة: الأمن أولا
أمام هذه التهديدات المباشرة، لم يكن أمام دولة الإمارات سوى اتخاذ موقف واضح: تعليق الرحلات الجوية من وإلى السودان حتى إشعار آخر. القرار لم يكن سياسيا أو ارتجاليا كما زعمت السلطة السودانية، بل نابع من التزام سيادي بحماية أمن الدولة من أي محاولة تسلل أو اختراق.
وقد عبرت الإمارات بوضوح عن رفضها التام لتلك الاتهامات، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن القومي أولوية لا تناقش، وأنها لن تسمح باستخدام قطاع الطيران كحصان طروادة لتمرير أجندات مشبوهة، خاصة من سلطة غير معترف بها دوليا، وتتهم بارتكاب انتهاكات واسعة داخل السودان.
شهادات وتقارير دولية تدحض مزاعم سلطة بورتسودان
في مواجهة الأكاذيب التي تروجها سلطة بورتسودان ضد دولة الإمارات، استند البيان الإماراتي الأخير إلى شهادات وتقارير دولية رسمية أكدت بما لا يدع مجالًا للشك زيف تلك الادعاءات، وغياب أي مستند قانوني يدعمها.
■ قرار محكمة العدل الدولية – لاهاي
في 10 أبريل/نيسان 2025، بدأت محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى التي رفعتها القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات، متهمة إياها – دون أي دليل – بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، على خلفية الأحداث التي شهدتها غرب دارفور.
لكن في 5 مايو/أيار 2025، أصدرت المحكمة قرارًا قاطعًا برفض الدعوى، بسبب الغياب الواضح للاختصاص القضائي، وأمرت بشطب القضية من سجل المحكمة وإيقاف جميع الإجراءات المرتبطة بها.
كان هذا القرار بمثابة انتصار قانوني كبير للإمارات وصفعة قوية لسلطة بورتسودان التي حاولت توظيف القضاء الدولي لأغراض سياسية، دون أي أساس واقعي.
■ تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن – أبريل 2025
وفي السياق نفسه، صدر التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني بالسودان بتاريخ 17 أبريل/نيسان 2025، والذي جاء ليؤكد مرة أخرى براءة الإمارات من أي تدخل في النزاع السوداني.
لم يتضمّن التقرير أي إشارة تُدين الإمارات، بل على العكس، أشاد بدورها الإيجابي في دعم محادثات السلام في جنيف، والتي – بحسب التقرير – عرقلها الجيش السوداني نفسه.
وتحدث التقرير بإسهاب عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها طرفا الحرب داخل السودان، لكنه لم يورّد أي دليل أو اتهام ضد الإمارات، وهو ما يُفند كل ما روجته سلطة بورتسودان من اتهامات إعلامية لا تمتّ إلى الواقع بصلة.
■ دلالة قانونية وسياسية واضحة
هذان الموقفان – من أعلى هيئة قضائية دولية، ومن فريق خبراء تابع للأمم المتحدة – يمثلان شهادة واضحة على حياد دولة الإمارات، وعلى التزامها بخط دبلوماسي داعم للسلام والاستقرار في السودان، بعيدًا عن أي انحياز أو تدخل.
وتؤكد هذه المعطيات الموثقة أن كل محاولات تشويه دور الإمارات لا تعدو كونها ادعاءات سياسية جوفاء، تفتقر إلى الأدلة وتُستعمل كغطاء للهروب من فشل السلطة العسكرية في بورتسودان في إدارة الأزمة.
الفشل الذي يصدر إلى الخارج
إن سلطة بورتسودان، بعدما عجزت عن فرض الاستقرار، وأخفقت في بناء شرعية داخلية أو الحصول على اعتراف دولي، بدأت تبحث عن أعداء خارجيين لتبرير عزلتها وانهيارها. وهذه الهجمة الإعلامية ضد الإمارات ليست سوى جزء من محاولة للهروب إلى الأمام، عبر شيطنة الدول التي رفضت الانجرار وراء أجندتها.
لكن الخطير في الأمر أن السلطة لم تكتف بالمغالطات الإعلامية، بل دخلت طور التهديد العملي باستخدام أدوات مدنية كواجهة لخطط عسكرية وأمنية. وهو ما يشكل خرقا صارخا لكل المواثيق الدولية المتعلقة بالطيران المدني، ويستدعي تحركا دوليا جادا.
ومن جهة أخرى انتصارات دبلوماسية متتالية، تأتي في وقت تتواصل فيه جهود الإمارات على مختلف الأصعدة للحفاظ على السودان وأهله، وإعادة الاستقرار والأمن والسلام لأرض النيل.
وعلى مدار أكثر من عامين من عمر الأزمة، شكّلت المبادرات والمساعدات الإماراتية، التي بلغت 680 مليون دولار، طوق نجاة لملايين المتضررين، حيث بلغ عدد المستفيدين المباشرين من تلك المساعدات ما يزيد على مليوني شخص، وسط جهود متواصلة لضمان وصول المساعدات إلى 30 مليون سوداني يواجهون خطر المجاعة، بينهم أطفال ونساء.
وبمساعداتها خلال الأزمة، يرتفع إجمالي مساعدات الإمارات للسودان على مدار السنوات العشر الماضية إلى أكثر من 3.5 مليار دولار.
فمنذ بداية الأزمة، سيرت دولة الإمارات جسرًا جويًا وبحريًا نقل قرابة 13 ألفًا و168 طنًا من المواد الغذائية والطبية والإغاثية عبر 162 طائرة وعدد من سفن المساعدات.
أيضًا، في إطار الدعم الإنساني والإغاثي والطبي المقدم من دولة الإمارات للاجئين السودانيين المتأثرين بالأوضاع الصعبة التي تسبب بها الصراع في البلاد، أنشأت الإمارات 3 مستشفيات لتوفير الخدمات الطبية للاجئين في دول الجوار، تنفيذًا لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات وهما مستشفيان في أمدجراس وأبشي بتشاد، قاما بعلاج 90,889 حالة.
كما افتتحت الإمارات في 7 مارس/آذار الماضي مستشفى ثالثًا في منطقة مادول في ولاية بحر الغزال في جنوب السودان، فضلًا عن تقديم الدعم إلى 127 منشأة صحية في 14 ولاية.
وعليه، فإن ما حدث لا يمكن اعتباره قرارا إداريا عاديا، بل فضيحة أمنية كبيرة كشفت للعالم الوجه الحقيقي لسلطة بورتسودان: سلطة تخفي خلف الطائرات المدنية، عناصر مدربة على القتال.