تحقيقات

من الخرطوم إلى دارفور: الإخوان بين السلطة والتقسيم في 2025


مع اقتراب أفول شمس عام 2025، يواجه السودان ما وُصف بأنّه “أكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث”، فقد تحولت البلاد إلى ساحة للمجاعة والأوبئة والمقابر الجماعية. 

وبينما تتحدث لغة الأرقام عن (150) ألف قتيل، و(16) مليون نازح ولاجئ، يرى مراقبون أنّ خلف هذه “المحرقة” تقف أصابع تنظيم الإخوان المسلمين “الحركة الإسلامية”، التي أشعلت فتيل الحرب وتحاول اليوم إطالة أمدها لفرض واقع التقسيم كخيار أخير لاستعادة سيطرتها.

وكشف تقرير “منتدى الإعلام السوداني” عن إحصائيات صادمة تلخص حجم الفجيعة في العام الحالي.

ووفق المنتدى فقد تمّ اكتشاف (965) مقبرة جماعية في الجزيرة ودارفور وكردفان، تضم رفات آلاف المدنيين والأسرى، ووصل عدد النازحين واللاجئين إلى (16) مليون شخص، وهو ما أفرغ مدناً بأكملها من سكانها.

ويواجه (26) مليون سوداني الجوع الحاد، مع إعلان المجاعة رسمياً في مخيمات دارفور نتيجة الحصار ومنع وصول المساعدات.

وأكّد المنتدى أنّ أكثر من (17) مليون طفل خارج مقاعد الدراسة للعام الثاني، وسط تدمير كامل للبنية التحتية والمنظومة الصحية التي خرج 80% منها من الخدمة.

وتشير التقارير الميدانية والتحليلات السياسية إلى أنّ تغلغل عناصر “النظام البائد” والميليشيات المرتبطة بتنظيم الإخوان داخل مفاصل القرار، كان المحرك الأساسي لاندلاع المواجهات وتأجيج الخطاب العرقي.

ويؤكد مراقبون أنّ التنظيم يتبنّى استراتيجية “الأرض المحروقة”، ويسعى لإفشال كل مبادرات السلام الدولية والإقليمية، مراهناً على استمرار الفوضى التي تسمح له بالتحكم في مناطق نفوذ معينة تمهيداً لتقسيم البلاد، إذا فشل في السيطرة على كامل السودان.

ولم يقتصر دور قوى “الهوس الديني” على التحريض العسكري، بل امتد إلى عرقلة المسارات الإنسانية؛ حيث استُخدم الجوع كسلاح لتركيع المناطق الرافضة لعودتهم. وتزامن ذلك مع انهيار بيئي وصحي شامل شهد تفشي وباء الكوليرا وإصابة أكثر من (123) ألف سوداني، بحمى الضنك التي حصدت أرواح المئات في الخرطوم والجزيرة، وسط غياب تام لمؤسسات الدولة التي دُمرت في الصراع.

اليوم، وفيما يودّع السودانيون عام 2025 بمزيد من النزوح والموت، تبرز الحقيقة القاسية: إنّ الجماعة التي حكمت البلاد مدة ثلاثة عقود بالحديد والنار، هي نفسها التي تدفع اليوم نحو تقسيم السودان وتفتيت نسيجه الاجتماعي، مفضلةً حكم “دويلات ممزقة” على رؤية سودان ديمقراطي مستقر يلفظ إيديولوجياتها المتطرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى