أحداث

مطالبات بتشكيل جبهة مدنية عريضة لإنهاء النزاع في السودان


توقع محللون سودانيون أن تجد الدعوات التي انطلقت لتشكيل جبهة مدنية عريضة لوقف الحرب تجاوبًا من القوى السياسية والنقابية، مما قد يقود إلى تشكيل رأي عام ضد استمرار النزاع الذي شرَّد السودانيين، وجعل أكثر من نصف السكان على شفا المجاعة.

وانطلقت، خلال الأيام الماضية، دعوات من شخصيات سودانية، على رأسها رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، عبدالله حمدوك، إلى تشكيل جبهة وطنية عريضة تجمع طيفًا واسعًا من السودانيين للعمل على مناهضة الحرب، وإجبار طرفي الصراع على الذهاب إلى طاولة المفاوضات، ووقف إطلاق النار.

ويسعى حمدوك، حاليًا، إلى حشد الرأي العام الدولي لصالح وقف الحرب في السودان، محاولًا عكس معاناة المدنيين الذين طحنتهم الحرب، وشتتهم في مخيمات النزوح الداخلي واللجوء الخارجي.

ويقوم حمدوك، الذي أطاح به انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بزيارة العاصمة البريطانية لندن، للمشاركة في عدة فعاليات تهدف إلى شرح أزمة الحرب السودانية، والبحث عن سبل لإيقافها.

وقال حمدوك، إن السودان يمر بأزمة وجودية، وإذا لم يتم تداركها فلن نجد وطنًا، داعيًا إلى شحذ الهمم لمواجهة التحديات من خلال خلق جبهة عريضة لوقف الحرب، مشيرًا إلى أن تنسيقية “تقدم” لا تمثل كل السودانيين، لكنها تمثل مشروعًا في الاتجاه الصحيح.

نصف الشوط

ويرى المحلل السياسي صلاح حسن جمعة، أن الجبهة المدنية العريضة لوقف الحرب فكرة مطروحة منذ وقت مبكر من القوى السياسية التي اتخذت جانب الحياد حيال الصراع الجاري، بهدف جمع أكبر طيف من السودانيين لمناهضة الحرب، موضحًا أنها قد تكون فكرة عملية لإنهاء الأزمة السودانية المستفحلة.

وقال جمعة إن حمدوك بالفعل قطع نصف الشوط في إنشاء هذه الجبهة العريضة، وذلك من خلال تكوين تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم”، التي تعد حتى الآن أكبر تحالف سوداني يجمع قوى سياسية ومدنية، ومنظمات مجتمع مدني مختلفة الرؤى والأفكار، لكنها متفقة على هدف واحد هو مناهضة الحرب، وتحقيق التحول المدني الديمقراطي في السودان.

وأشار إلى أن هناك قوى جديدة أصبحت تصدر مواقف مناهضة للحرب لكنها خارج مظلة تقدم، مما يرجح ميلاد الجبهة المدنية العريضة التي دعا حمدوك لتكوينها، من خلال انضمام هذه القوى إلى التنسيقية في الجسم الجديد.

وأضاف أن “هذه الجبهة العريضة حال تشكيلها يمكن أن تجعل الصوت المدني المناهض للحرب هو الأعلى، كما من شأنها أن تعزل دعاة الحرب، مما يجعل الظروف مهيأة لذهاب الطرفين إلى طاولة المفاوضات والاتفاق على وقف الحرب”.

وأوضح أن حمدوك لا يزال يحظى بقبول واسع وسط السودانيين باعتباره آخر رئيس وزراء كان يتمتع بتأييد قوى الثورة التي أسقطت نظام الرئيس السابق عمر البشير، كما أنه مقبول لدى المجتمعين الإقليمي والدولي، وهو ما يجعل الجبهة المدنية لمناهضة الحرب مؤثرة داخليًا وخارجيًا حال رؤيتها النور.

ويرأس عبدالله حمدوك، حاليًا، القوى الديمقراطية المدنية المعروفة اختصارًا بـ”تقدم”، التي تضم قوى سياسية ونقابية، ومنظمات مجتمع مدني، وقطاعات مهنية، وإدارات أهلية وطرقًا صوفية، وتطرح هذه التنسيقية برنامج وقف الحرب في السودان من خلال جلوس طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات.

وعقدت تقدم مؤتمرها التأسيسي، في مايو/أيار الماضي، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحضور أكثر من 600 عضو من داخل وخارج السودان، ووصف يوم المؤتمر بأنه أكبر حدث في تاريخ السودان، لأنه لم يسبق أن اجتمع السودانيون بهذا العدد واتفقوا على وقف الحرب.

ومنذ تشكيل تقدم، تؤكد قياداتها، وعلى رأسهم عبدالله حمدوك، أنها لا تمثل كل السودانيين، رغم أنها أكبر تكتل سوداني، وتطرح رؤية متقدمة تتمثل في تشكيل جبهة مدنية عريضة لوقف الحرب.

حملات ممنهجة

تواجه تحركات حمدوك الساعية إلى وقف الحرب معارضة واسعة من قبل أنصار قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان، الذين يسعون إلى إطلاق الاتهامات ضده في حملات ممنهجة لاغتيال شخصيته. كان آخرها ما حدث قبل يومين في لندن، حيث وصل حمدوك بدعوة رسمية من الحكومة البريطانية لمناقشة سبل وقف الحرب في السودان.

ويرى المحلل السياسي عمار الباقر، أن أنصار البرهان يهاجمون حمدوك والقوى المدنية، لأن رؤيتهم التي تدعو لوقف الحرب هي الأكثر تأثيرًا داخليًا وخارجيًا، وتعكس الصورة الحقيقية للأوضاع في السودان، بينما يسعى البرهان إلى أن يقتصر العالم على وجهة نظره التي تدعو لاستمرار الحرب حتى القضاء على قوات الدعم السريع.

وأضاف الباقر أن “البرهان يصر على اكتساب شرعية تمثيل السودان في المحافل الدولية، حيث ينقل من خلالها وجهة نظره فقط عن الأوضاع، مما يجعله منزعجًا من تحركات القوى المدنية التي ستنسف روايته تلك وتفضح دعاوى استمرار الحرب”.

وأشار إلى أن حمدوك، الذي كان رئيس وزراء السودان الأكثر شعبية في الداخل، وصاحب علاقات واسعة في الخارج، تقوم تحركاته بإثارة قلق دعاة الحرب وأنصار البرهان، حيث يكشف زيف شعاراتهم، ويوضح للعالم الصورة الحقيقية للحرب في السودان.

ولفت إلى أن البرهان قد أطاح بحمدوك بالقوة، وسلب منه السلطة التي وصل إليها بإرادة الشعب في ثورة ديسمبر/كانون الأول، إلا أن حمدوك، دون سلاح، ينزع الشرعية من البرهان الذي يسعى إلى الحصول عليها من المجتمع الدولي، مما يجعل دعاة الحرب يهاجمونه في محاولة لاغتيال شخصيته، وعرقلة تحركاته الخارجية.

وأكد حمدوك خلال ندوة في لندن، أن ما يشغله حاليًا هو وقف الحرب في السودان دون أي مطامع شخصية، مضيفًا أن “ما يشغلنا، حاليًا، هو وقف الحرب، وبعد انتهائها يوجد آلاف السودانيين المؤهلين أكثر مني لقيادة الشعب السوداني إلى الأمام، وسنساعدهم ونقف معهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى