مثلث الرعب في دارفور.. الجوع والنزوح والحرب يدفعون السكان للهاوية
يئن سكان إقليم دارفور بغرب السودان جراء تصاعد معدلات النزوح والجوع، وتفشي الأوبئة والأمراض، وسوء التغذية وسط الأطفال في مخيمات النزوح.
الحرب المستمرة في السودان منذ أبريل/نيسان 2023، حولت دارفور إلى أكثر الأقاليم تضررا ما أدى إلى موجات نزوح ولجوء وتهجير قسري، إضافة إلى تدمير آلاف القرى في هذا الإقليم المنكوب.
ومنذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان 2023 ازدادت الانتهاكات بوتيرة أعنف، وأصبح النازحون ضحايا للعنف وسط إهمال كبير لأوضاعهم الإنسانية المتدهورة.
ووفق المنسقية العامة للنازحين واللاجئين فإن مخيم “أبوشوك” تعرض إلى قصف مدفعي عشوائي في 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ليمتد القصف إلى مخيم “زمزم” بولاية شمال دارفور.
ويبلغ عدد سكان معسكر “زمزم” -الذي يقع جنوب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور- على بعد نحو 12 كيلومترا قرابة مليون نازح.
الهروب الكبير
بالنسبة إلى الناشط الإنساني أحمد عبدالرحمن فإن المنطقة شهدت موجة نزوح واسعة أشبه بالهروب الكبير إلى مناطق سيطرة حركة جيش تحرير السودان، بقيادة عبدالواحد محمد نور في “جبل مرة” بولاية وسط دارفور.
وأوضح عبدالرحمن أن مخيمات النزوح تشهد أوضاعا إنسانية بالغة التعقيد، بسبب القصف العشوائي ونقص الغذاء والدواء.
وفاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور، خاصة في مخيمات النازحين، إثر تسبب الاشتباكات الناجمة عنها في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توافر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
قتلى وجرحى
وقال آدم رجال، المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، إن مخيمات النازحين بولاية شمال دارفور تشهد قصفا مدفعيا عنيفا أدى إلى وقوع قتلى وجرحى من النازحين والمواطنين.
وأوضح رجال أن “أغلب الضحايا من الأطفال والنساء الذين عاشوا طول حياتهم تحت وطأة الترويع وبطش المدافع الثقيلة والبنادق التي توجه إليهم بلا أدنى مراعاة لقواعد الاشتباك المنصوص عليها في الأعراف والقوانين الدولية، بما في ذلك حق الإنسان في الحياة والعيش الكريم، الجرائم المرتكبة بواسطة طرفي النزاع لا تزال مستمرة بلا هوادة”.
وأضاف “بدأ القصف المدفعي على مخيم “أبوشوك” منذ شهر مايو/أيار الماضي، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة”.
وأضاف أن القصف المدفعي العنيف على مخيم “زمزم” بدأ فعليا في الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري وكان آخره في 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مما أسفر عن مقتل 8 نازحين إضافة إلى الجرحى والمصابين، فضلًا عن تدمير المنازل والممتلكات”.
وأكد أن القصف يُمثل تدميرا لحياة النازحين في المخيم، الذين لجأوا إليه بعد فرارهم من قراهم منذ عام 2003، كما لجأ إليه آخرون بعد نزوحهم من أحياء مدينة الفاشر عقب اندلاع الحرب الحالية، ليجدوا أنفسهم في مرمى القصف مرة أخرى.
نزوح مستمر
ومع تصاعد وتيرة العنف والاشتباكات قال آدم رجال إن إجمالي عدد الأسر التي نزحت من مدينة الفاشر إلى منطقة “طويلة” ومعسكراتها الستة بلغ 510 أسر، تضم آلاف الأشخاص بعد تجدد القصف العشوائي.
وأوضح أن السلطات الأمنية في الفاشر منعت سكان معسكر “زمزم” من النزوح بمقتنياتهم إلى خارج المخيم مثل طويلة ومناطق أخرى.
تفشي سوء التغذية
ومع تسارع وتيرة القتال في دارفور يعيش مخيم “كلمة” للنازحين بولاية جنوب دارفور أسوأ كارثة إنسانية، بسبب الجوع وتفشي سوء التغذية وسط الأطفال.
وكشفت مصادر طبية عن وفاة أطفال خلال الأسابيع الماضية بسبب سوء التغذية، الأمر الذي يتطلب تدخلا عاجلا من المنظمات الإنسانية.
ووفقا للمصادر الطبية فإن الاشتباكات العسكرية وإغلاق الطرق، وقصف المستشفيات والمراكز الصحية أسهم في تدهور الأوضاع الصحية بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان حتى قبل الحرب من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان، بما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 14 مليون نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.