أحداث

في الذكرى الثالثة للحرب.. السودانيون يعانون بين نار الحرب ومآسي السلام المفقود


الحرب في السودان وما تسببت فيه من دمار اقتصادي ومعيشي حرمت السكان من الاحتفال بعيد الأضحى، حيث عبّر البعض عن شعورهم بأنهم أصبحوا الضحايا بدلاً من المضحين. وقد عكس ناشط في “المطابخ الجماعية” بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، واقع المدينة وسكانها أثناء استقبال عيد الأضحى هذا العام بقوله: “أسعار الخراف في الفاشر قد ارتفعت بشكل غير معقول”، مشيرًا إلى أن المدينة تعاني من حصار صارم فرضته “قوات الدعم السريع” منذ حوالي عام.

الناشط محيي الدين شوقار، الذي أطلق مصطلح “الصرخة” على منصة “فيسبوك”، يُعد أحد المنظمين لـ”المطابخ الجماعية” التي تُعرف محلياً بـ”التكايا”، والتي تقدم الطعام للناس خلال فترة الحرب والحصار. وتعتمد عليها الغالبية العظمى من سكان المناطق التي تشهد نزاعاً أو حصاراً، مثل مدينة الفاشر التي تعاني من الجوع بسبب طول فترة الحصار.

اكتفى الناشط بإطلاق صرخته دون أن يحدد بدقة أسعار الخراف، لكن متابعيه أوضحوا أن الأسعار تتراوح بين 400 ألف ومليون جنيه سوداني. وبالنظر إلى مستويات الدخول، فإن الناس لن يتمكنوا من أداء هذه الشعيرة.

تعاني ملايين الأسر من الفقر والتشرد في مراكز الإيواء بين النازحين واللاجئين، لذا فإن شراء خروف العيد لم يعد أولوية للكثير من الأسر. تقول فاطمة في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط السودان إن أسرتها لن تتمكن من تجهيز ثمن الخروف، “وإذا وجدنا بعض المال فسوف نشتري قليلاً من اللحم من الجزار لتلبية احتياجات الأطفال”. وتعتبر الأضحية، فضلاً عن كونها شعيرة دينية، لها بُعد اجتماعي في السودان.

ثمن 3 خراف

يقدر متوسط نصيب الفرد من الناتج الإجمالي في السودان، وفقًا لتصنيفات البنك الدولي، بحوالي 1145 دولارًا سنويًا. وبالأسعار الحالية، فإن هذا المبلغ يعادل ثمن 3 خراف، أي حوالي 3 ملايين جنيه سوداني وفقًا لسعر الصرف في السوق السوداء.
تراجعت الدخل بسبب الحرب المستمرة خلال عيد الأضحى الثالث، لتصبح أقل من 500 دولار سنوياً، حيث فقدت الغالبية العظمى من الناس مصادر رزقهم. ولا تصرف الحكومة للعاملين سوى حوالي 60 في المئة من رواتبهم، في حين توقفت بشكل كامل عن صرف الرواتب في المناطق التي لا تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية.
في مدينة عطبرة في شمال البلاد، تراوحت الأسعار بين 600 و750 ألف جنيه سوداني (حوالي 300 دولار)، بينما في مدينة تمبول وسط البلاد كان السعر يتراوح بين 450 و650 ألف جنيه. وقد أدى ارتفاع الأسعار وفقدان الناس لمصادر دخلهم، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من النازحين، إلى تراجع الإقبال على الشراء بشكل كبير، خصوصاً في دارفور وكردفان؛ حيث أصبح المواطنون “ضحايا بلا أضحية”، وفقاً لتعبير أحد السكان.
قبل الحرب في عام 2023، كانت أسعار خراف الأضحية تتراوح بين 40 و150 ألف جنيه سوداني، وهو مبلغ كبير نسبياً مقارنة بمستويات الدخل في ذلك الوقت.
أعاد تجار الماشية سبب ارتفاع الأسعار إلى تأثيرات الحرب وجفاف المراعي في ولاية الجزيرة، بالإضافة إلى زيادة تكاليف النقل، والرسوم التي تفرضها السلطات، وأخيراً انقطاع وصول الأغنام من المناطق الرئيسية للإنتاج في إقليمي كردفان ودارفور.
ليس الارتفاع في الأسعار هو ما يجعل عيد السودانيين هذا العام غير سعيد فقط، بل أيضاً المخاوف الأمنية تمثل قلقاً للأسر والمجتمعات. ففي المناطق التي يسيطر عليها الجيش، وخاصة العاصمة الخرطوم، أصدرت السلطات تعليمات للمواطنين بأن يؤدوا الصلاة داخل المساجد، مشيرةً إلى أهمية الابتعاد عن تقليد الصلاة في الساحات والميادين العامة، وهو تقليد قديم اعتاد عليه السودانيون، ولكن ظروف الحرب فرضت ممارسات جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى