فضيحة أنقرة في الخرطوم: أطماع تُباع بصفقات مشبوهة

في الكواليس، بعيدًا عن الأضواء، تُحاك واحدة من أخطر الصفقات التي تربط أنقرة بالخرطوم. فما يُسوَّق على أنه تعاون اقتصادي أو شراكة تنموية. ليس سوى غطاء رقيق لمخطط نفوذ تركي متشعب، يهدد السودان في سيادته، ويستنزف تركيا في مواردها، ويضع المنطقة بأسرها على فوهة بركان.
-
العائدون يرحلون.. موجة نزوح جديدة تضرب الخرطوم
-
عقوبات واشنطن تضيق الخناق على الخرطوم.. إدراج وزير المالية وكتائب إسلامية على القائمة السوداء
لقد تحوّل السودان إلى ساحة مفتوحة للمغامرة التركية. البداية كانت من جزيرة “سواكن”، تلك الصفقة التي قدّمتها أنقرة على أنها مشروع سياحي. بينما كانت في حقيقتها بوابة استراتيجية للسيطرة على البحر الأحمر. يومها رُفعت الشعارات عن “إحياء التراث العثماني”. لكن ما خفي كان أعظم: تمهيد لوجود عسكري مقنّع، يثير قلق القوى الإقليمية والدولية. ويكشف أن أنقرة لا تبحث عن شراكة بل عن وصاية جديدة.
ومع سقوط نظام البشير، دخلت تركيا مرحلة جديدة من لعبتها السودانية. بدل التحالف العلني مع السلطة، لجأت إلى صفقات في الظل: دعم أطراف عسكرية محددة، إدخال أسلحة متطورة. تقديم خبرات لوجستية، وشراء ولاءات داخل مؤسسات الدولة. هنا لم يعد التدخل مجرد تعاون، بل صار فضيحة مكتملة الأركان، تُدار خلف الستار وتُدفع تكاليفها من دماء السودانيين وجيوب الأتراك.
-
الإشاعات آخر أسلحة الجيش: كيف تحاول الخرطوم هز ثقة الشعب في قوات التأسيس؟
-
استهدافات نوعية تعصف بالخرطوم: هل دخلت الحرب السودانية مرحلة كسر الأعناق؟
الفيلم القصير الذي يتناول هذا الملف جاء ليضرب جدار الصمت. بالصور والشهادات، يكشف كيف حوّلت أنقرة السودان إلى مختبر لتجاربها التوسعية. الأسلحة التركية التي وجدت طريقها إلى الداخل السوداني لم تبنِ استقرارًا، بل غذّت الفوضى. الأموال التي وُضعت تحت شعار التنمية استُخدمت كورقة نفوذ سياسي. النتيجة: سيادة منتهكة، صراع داخلي متفاقم. وشعب يدفع ثمن تدخل خارجي يضعف وحدته أكثر مما يقويها.
الفضيحة لا تقف عند حدود السودان. فالنمط واحد ومتكرر: ليبيا، الصومال، سوريا، والآن الخرطوم. في كل ساحة تُعيد تركيا إنتاج السيناريو ذاته: الدخول عبر شعارات براقة. ثم الانغماس في الصراع بدعم طرف ضد آخر، مقابل موطئ قدم استراتيجي. لكن الحقيقة أن هذه السياسة لا تجلب إلا العزلة الدولية والعداء الإقليمي، وتحوّل تركيا إلى دولة مغامِرة تدور في دوامة نزاعات لا تنتهي.
-
هجمات المسيّرات تزلزل الخرطوم: مقتل اللواء أبو عبيدة وإصابة قيادات عسكرية رفيعة
-
علي الحاج: عودة السكان إلى الخرطوم خطر على الصحة بسبب مواد سامة
ولعل الرسالة الأكثر خطورة التي يوجهها الفيلم ليست موجهة للسودانيين وحدهم، بل للأتراك أنفسهم. فالشعب التركي اليوم يكتشف أنه الممول الأول لهذه المغامرات. كل بندقية تُرسل، وكل صفقة تُدار في الخفاء، وكل مشروع يُغلف بالوعود، يدفع ثمنه المواطن البسيط من جيبه ولقمة عيشه. وبينما تُقدَّم هذه السياسات للرأي العام على أنها “حماية للأمن القومي”. فإنها في الواقع مغامرات خاسرة تُشوّه سمعة أنقرة وتدفعها إلى مستنقع أزمات إقليمية لا تخدم مصالحها.
ما يكشفه الفيلم ليس مجرد تفاصيل عن علاقة ملتبسة بين أنقرة والخرطوم، بل فضيحة سياسية مكتملة الأبعاد: دولة تتلاعب بمصير أخرى، وتستغل هشاشتها لتحقيق أطماعها. فيما يكتشف الرأي العام أن كل هذا يجري باسمه وبموارده. إنها وصاية جديدة تُمارس بغطاء التعاون، واستعمار ناعم يُفرض عبر المال والسلاح بدلًا من الدبابات.
إن التدخل التركي في السودان لم يعد ملفًا ثانويًا يمكن التغاضي عنه. إنه قضية تكشف الوجه الآخر لسياسة خارجية تبني مجدها على حساب الشعوب، وتضع تركيا على طريق محفوف بالمخاطر. وما يقدمه الفيلم القصير ليس مجرد سرد لوقائع، بل وثيقة إدانة. ودعوة للرأي العام لطرح السؤال الصعب: إلى متى تستمر هذه المغامرات، ومن سيدفع الثمن في النهاية؟
-
الخرطوم تحت الرقابة.. السلطات تكثف إجراءاتها لحفظ الأمن
-
سد النهضة.. وثيقة تكشف تفاهمات خفية بين الخرطوم وأديس أبابا
-
الخرطوم الجريحة.. حين يبتلع المرض أحلام العودة
-
بين الخرطوم والفاشر.. جوع ينهش المدن وحصار يضاعف المأساة
-
بين الإنكار والكارثة.. مؤشرات على استخدام أسلحة كيماوية تهدد سكان الخرطوم
