تحقيقات

فتح الصندوق يكشف المستور.. صفقات مشبوهة لحماية الإسلاميين داخل المؤسسة العسكرية


في خضمّ المعارك الضارية التي شهدتها منطقة كازقيل في إقليم كردفان، تفجّرت فضيحة جديدة تهدد بتفكيك ما تبقى من التحالف العسكري المناهض لقوات الدعم السريع، بعد تسريب وثائق خطيرة تشير إلى خيانات ميدانية وصفقات سياسية ومالية تورّط فيها قيادات عليا داخل المؤسسة العسكرية والحكومة الموازية في بورتسودان.

أوامر بالتراجع وتنسيق مشبوه

أبرز ما كشفت عنه الوثائق المسرّبة هو مراسلة داخلية بتاريخ 27 يونيو 2025، مرسلة من أحد كبار الضباط في القيادة الشرقية إلى هيئة العمليات المشتركة، تنصّ بوضوح على:

«تم توجيه القوة في محور كازقيل للتراجع المؤقت وعدم الاشتباك المباشر».. التنسيق تم مع جهة عليا لضمان (الحفاظ على التوازن السياسي).

الوثيقة تثير علامات استفهام كبيرة حول دوافع الانسحاب المفاجئ الذي أتاح لقوات الدعم السريع السيطرة على مواقع استراتيجية، في حين كانت القوة المشتركة من الحركات المسلحة في طليعة الاشتباك.

صفقات مالية مشبوهة تحت ستار «الإغاثة»

الوثائق لم تقف عند التوجيهات العسكرية، بل كشفت كذلك عن تحويل مالي بمبلغ 3.2 مليون دولار جرى عبر واجهة تجارية مسجلة في دولة خليجية، إلى حساب خاص بمؤسسة تنشط في قطاع الإغاثة.

لكن التحريات المرفقة في الملف، تُظهر أن الأموال استُخدمت لشراء معدات إعلامية وأسلحة خفيفة، وبعضها تم تهريبه إلى مناطق خارج سيطرة الجيش. الوثيقة تتضمن أيضًا توقيعات لوسطاء معروفين بعلاقتهم الوثيقة بقيادات تنتمي إلى التيار الإسلامي.

تقرير استخباراتي: «تواطؤ داخلي» لضرب القوة المشتركة

أحد أخطر ما تسرّب هو تقرير استخباراتي داخلي محجوب المصدر، يورد معلومات حساسة عن وجود تواصل بين عناصر من “كتائب البراء بن مالك” وقادة في الدعم السريع:

“يشتبه في تورّط بعض قادة الكتائب في تسريب معلومات حساسة عن تمركز القوة المشتركة بكازقيل، في صفقة لضمان تحييدهم مستقبلاً من أي عملية دمج أو مساءلة.”

هذه المعلومات تشير إلى لعبة مزدوجة تُدار على الأرض، تتجاوز الصراع التقليدي بين الجيش والدعم السريع، نحو تصفية تدريجية للقوة المشتركة.

تسجيل صوتي: “الناس ديل ما مضمونين”!

وفي تسريب صادم، تضمّن الملف تسجيلًا صوتيًا لمكالمة بين ضابط رفيع وقائد ميداني من كتائب البراء، يعلّق فيها الأخير على أداء القوة المشتركة:

“ما تشتغلوا كتير مع القوة المشتركة.. الناس ديل ما مضمونين.”

هذا التسجيل يبرّر الاتهامات المتداولة عن تعمُّد ترك القوة المشتركة تواجه مصيرها في كازقيل، ضمن سياسة “إعادة ترتيب التحالفات” التي يقودها تيار داخل الجيش يسعى للهيمنة على كل المسارات العسكرية والسياسية.

ماذا يعني هذا التسريب؟

هذه الوثائق تعيد للواجهة سؤالًا قديمًا جديدًا: من يخون من في حرب السودان؟

– هل تسعى بعض القيادات لتصفية القوة المشتركة؟
– هل تمت التضحية بكازقيل مقابل صفقات مالية؟
– ولماذا يتمسك تيار الإسلاميين بمواقع القرار رغم فشلهم في الميدان والسياسة؟

الإجابة على هذه الأسئلة لن تأتي من البيانات الرسمية، بل من فتح الصندوق فعلاً، والمحاسبة الشفافة لكل من تورّط في خيانة المعارك أو نهب موارد الشعب السوداني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى