صراع على الذهب.. كيف أصبح المعدن النفيس محركاً خفياً لحرب السودان؟
تتزايد المؤشرات على أن الذهب بات قلب الصراع السوداني ومحركه الأهم، بعدما تحوّل من مورد اقتصادي وطني إلى أداة تمويل رئيسية توظّفها القوى المتصارعة لتعزيز نفوذها واستدامة الحرب.
وتشير الوقائع الميدانية إلى أن النفوذ الإخواني والعسكري لم يعد يقتصر على الخطاب السياسي أو السيطرة الإدارية، بل امتد ليشمل الموارد الاستراتيجية وفي مقدمتها الذهب، ما جعل من هذا المعدن الثمين محورًا لاقتصاد موازٍ تتحكم فيه شبكات نفوذ تتجاوز الدولة.
في السياق، ذكرت صحيفة “الخليج” أن ما يقارب 90٪ من ذهب السودان يخضع حالياً لسيطرة تحالف يجمع بين جماعة الإخوان وقوات البرهان، في ما يشبه احتكارًا ممنهجًا لثروة وطنية كان من المفترض أن تعود بالنفع على الشعب وتعالج جزءاً من أزماته المتفاقمة.
وتوضح الصحيفة أن مناطق التعدين في الشرق والشمال تُدار من قبل قادة عسكريين موالين للبرهان، وأن جزءاً كبيراً من العائدات يُصرَف على تمويل الحرب، سواء عبر شراء الأسلحة أو دفع الأموال للمرتزقة وشبكات التهريب التي تنقل الذهب خارج الحدود.
وتشير التفاصيل الواردة في التقرير إلى وجود دور بارز لحسن البرهان، شقيق قائد الجيش، الذي يتمتع بنفوذ واسع داخل قطاع التعدين من خلال شركات تحصل على امتيازات وتسهيلات حكومية.
هذا التشابك بين السلطة العسكرية والرافعة الاقتصادية يؤكد أن الصراع لم يعد مجرد مواجهة بين قوات متصارعة، بل تحوّل إلى منظومة مصالح مترابطة تعتمد على اقتصاد حرب قائم على الذهب، وهو ما سمح بتضخم شبكات التهريب التي تستنزف ثروات البلاد بعيداً عن أي رقابة رسمية أو شفافية مالية.
ويذهب مراقبون إلى أن هذا الواقع يُعدّ أخطر مراحل التغلغل الإخواني في الاقتصاد السوداني، إذ نجح التنظيم في التحالف مع قيادات عسكرية نافذة للسيطرة على مورد استراتيجي يوفّر تمويلاً مستمراً لنشاطاته.
ومع استمرار الفوضى، يصبح الذهب ليس فقط وسيلة تمويل، بل أيضاً ورقة ضغط إقليمية بيد القوى المتحكمة، ما يعرقل أي مسار سياسي جاد نحو التسوية.
وفي ظل غياب مؤسسات دولة قوية قادرة على ضبط القطاع، تتعمّق الفجوة بين المواطن وثرواته، فيما تتحوّل موارد السودان إلى محرك صراع يطيل أمد الأزمة ويُبقي البلاد رهينة مشروع فئوي يتغذى على اقتصاد موازٍ لا يعترف بحدود ولا بمصلحة وطنية.




