أحداث

شرارة جديدة في دارفور.. مواجهة مباشرة بين الجيش والقوة المشتركة


يواصل الجيش السوداني الحشد والتعبئة لمعركة تستهدف مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبينما يشهد إقيلم دارفور في غرب السودان، أكثر المعارك حدة في الأشهر الماضية، فإن توجه الجيش والميليشيات الإخوانية المتحالفة معه نحو فتح جبهة جديدة، يؤكد ما ورد في تقرير أمريكي، أصدره مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة، والذي رأى أن لا مؤشرات على قرب انتهاء الحرب، وأنها لا تزال مفتوحة على مزيد من التصعيد.

 ومُني الجيش السوداني بضرية قوية في نيالا قبل عام ونصف العام، عندما اضطر للانسحاب إلى مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، نظراً لأهمية المدينة، إذ تعد الثانية بعد العاصمة الخرطوم من الناحية الاقتصادية، والثالثة من حيث الكثافة السكانية بعد الخرطوم والقضارف.

واستراتيجيًّا، تعد المدينة الواقعة على ضفاف نهر النيل الأزرق، وتبعد عن الخرطوم نحو 1000 كيلومتر، مركزًا عسكريًّا مهمًّا، حيث كانت تضم مقر قيادة المنطقة الغربية للجيش السوداني، إضافة إلى العديد من الوحدات العسكرية. وكانت سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة حينها، عززت تحصّنه في وكامل ولاية جنوب دارفور.

وشكّلت سيطرة قوات الدعم السريع المدينة، حينها، تطورًا مهمًّا في الحرب، لِما تضمّه من “ثقل” عسكري، ففيها كانت تتواجد قيادة المنطقة الغربية للجيش السوداني، وهي القيادة العسكرية المسؤولة عن ولاية جنوب دارفور، كما كانت تضم مستودعًا استراتيجيًّا.

وانتقم الجيش من المدينة باستهدافها بغارات عنيفة بالبراميل المتفجرة والأسلحة المحرمة دوليًّا، بحسب اتهامات وجّهتها قوات الدعم السريع، ومنظمات حقوقية ناشدت مجلس الأمن بحظر الطيران في إقليم دارفور، لوقف المجازر الانتقامية التي نفّذها الجيش مستهدفًا فيها أبنية سكنية.

وكان شهر فبراير الماضي، شهد أكبر تصعيد عسكري للجيش السوداني على مدينة نيالا التي استهدفها بغارات عنيفة طالت الأسواق والأحياء السكنية، وخلّفت عشرات القتلى والجرحى بالتشوهات؛ ما اعتبر استهدافًا متعمّدًا للحواضن الشعبية وضد “كل من يتمرّد على سلاحه” بحسب تقارير إعلامية سودانية.

وتقوم سياسة ضرب الحواضن التي ينتهجها الجيش السوداني على استهداف المواشي، ومصادر المياه، والمحاصيل الزراعية، والأسواق، ومراكز الخدمات، لإخراج هذه المجموعات من دائرة الاقتصاد، لمفاقمة الأوضاع الإنسانية الصعبة والضغط على البيئة الحاضنة لقوات الدعم السريع ودفعها نحو النزوح. 

ومع انتشار أنباء عن نية الجيش والميليشيات الإخوانية المتحالفة معه التحضير لمعركة “استعادة” نيالا، فإن المخاوف تتجدد من تكرار الانتهاكات الواسعة التي نفّذتها تلك الميليشيات في أماكن أخرى من الصراع في إقليم دارفور، وكانت سببًا في فرض عقوبات أمريكية على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان. 

واتهمت منظمات حقوقية دولية الجيش بارتكاب مذابح مشهودة في دارفور، أبرزها مذبحة بمدينة “طرة” شمال الإقليم، حيث قتل المئات في قصف استهدف سوقًا مكتظًا في مارس الماضي، اعتبرته جريمة حرب ممنهجة، كما شهدت مناطق أخرى جرائم قتل جماعي للمدنيين، وهجمات عشوائية على المناطق السكنية وعمليات تصفية ميدانية. 

كما تأتي التعبئة نحو مدينة نيالا مع تقارير صحفية دولية كشفت عن تعزيز الجيش السوداني لترسانته بأسلحة نوعية من إيران، ووفقًا لمصدر استخباراتي أوروبي، هبطت في طهران طائرة بوينغ 747 تابعة لـ”فارس إير قشم”، تحمل رمز التسجيل “EP-FAB”، قادمة من بورتسودان.

 كما نقلت عن مصدر مقرب من  الحرس الثوري الإيراني أن شحنة طائرة البوينغ هذه كانت تحتوي على أسلحة ومعدات عسكرية، وبالأخص طائرات مسيرة متنوعة تم تسليمها إلى الجيش السوداني لاستخدامها في الحرب الأهلية ضد خصومه. 

بينما كشفت تقارير صحفية أخرى عن استخدام الجيش السوداني للدبابات القتالية الرئيسة من طراز T-72Z الإيرانية الصنع، في تأكيد لتعاون عسكري واستخباراتي متنام بين الجيش السوداني والنظام الإيراني.

وتؤكد تحركات الجيش السوداني الجديدة نحو مدينة نيالا، ما خلص إليه تحليل جديد أصدره مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة (ACLED)، المختص في رصد النزاعات حول العالم، إلى أن الحرب في السودان لا تزال مفتوحة على مزيد من التصعيد، مع عدم وجود بوادر واضحة لوقف إطلاق النار في المستقبل القريب.

كما أشار إلى تركيز الجيش السوداني على المنطقة الغربية للبلاد، التي تشهد سيطرة شبه مطلقة لقوات الدعم السريع، لافتًا إلى أن الاستهداف المتكرر لمدينة نيالا بالقصف منذ نحو شهرين، يمهّد لتصعيد عسكري أكبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى