أحداث

خبراء: انقسام داخل حزب البشير يمهد لوقف الحرب في السودان


أكد خبراء أن السياسات التي اتخذتها الحكومة الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني فيما يتعلق بتغيير العملة النقدية واحتكار امتحانات الشهادة الثانوية، قد تسهم في “تقسيم البلاد”.

وأوضح الخبراء أن العملة الوطنية والعملية التعليمية تُعدّان من أبرز ممسكات الوحدة الوطنية، وأن حرمان سكان أكثر من نصف مساحة البلاد من هذه الخدمات يشير إلى إمكانية حدوث انقسام.  

وكانت السلطات السودانية، التي تتخذ من مدينة بورتسودان عاصمة لها، بدأت في وقت سابق إجراءات تغيير العملة في مناطق سيطرة الجيش وحدها، في وقت تشهد فيه مناطق سيطرة قوات الدعم السريع تعطلًا في المصارف، وهذا يعني أن الأوراق النقدية في هذه المناطق ستصبح غير مبرئة للذمة. 

وفي ذات السياق، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن حصر امتحانات الشهادة الثانوية في مناطق سيطرة الجيش السوداني فقط، ما يضع طلاب دارفور وأجزاء من كردفان والخرطوم والجزيرة خارج العملية التعليمية.

ولقيت هذه الإجراءات رفضًا واسعًا من قبل قطاعات مختلفة، بما في ذلك قوات الدعم السريع، التي اعتبرت القرارات سياسية تهدف إلى تقسيم السودان.

تمييز سلبي وتعزيز الانقسام المجتمعي

واعتبرت قوات الدعم السريع، في بيان لها، أن الإجراءات المتخذة تأتي في سياق نهج التمييز السلبي وتشجيع الانقسام المجتمعي، مشيرة إلى أن “مجموعة بورتسودان” تستخدم التعليم كأداة لتنفيذ أجندتها السياسية.

وأكد البيان أن بدء امتحانات الشهادة الثانوية في مناطق محددة يعد سابقة في تاريخ السودان، ويُشبه سياسة المناطق المقفلة التي كانت قد فرضها الاستعمار.

وتابعت قوات الدعم السريع أنها ترفض “السياسات المدروسة” التي تهدف إلى تقسيم السودان، والتي صدرت عن “حكومة بورتسودان”، معتبرة إياها غير شرعية، وأنها تفتقد الأهلية لإدارة شؤون البلاد.

كما أضافت أن السلطات اختارت التلاعب بمصاير مئات الآلاف من الطلاب السودانيين في مختلف المناطق، رغم التحذيرات من قبل الجهات التربوية المختصة.

وأعلنت الدعم السريع عن التزامها بحماية حقوق الطلاب، مشيرة إلى اتخاذ تدابير وإجراءات تكفل لهم العودة إلى صروح التعليم. بما يضمن توازن العدالة مع زملائهم في المناطق الأخرى.

رفض حظر تداول العملة الجديدة

وفيما يتعلق بتغيير العملة النقدية، جددت قوات الدعم السريع رفضها للإجراءات. وأعلنت حظر تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرتها، معتبرة إياها غير مبرئة للذمة. 

وأكدت في بيان لها أن العملة الحالية سارية المفعول في مناطقها. وأشارت إلى أن استبدال العملة يعد جزءًا من مؤامرة تهدف إلى تقسيم البلاد، ضمن مخطط تقوده مجموعة نافذة داخل منظومة الحركة الإسلامية بالتنسيق مع جهات خارجية.

ورصد البيان اعتراضات في البنوك وبعض الولايات على الإجراءات الخاصة بتغيير العملة. إذ رفضت المصارف منح المواطنين المقابل لإيداعاتهم نقدًا، وهو ما اعتبرته القوات مخالفة للقوانين المالية الدولية، واتهامًا بمحاولة نهب أموال المواطنين وتحويلها لتمويل الحرب.

توقعات بالانقسام

في سياق تحليل الوضع السياسي، أكد المحلل السياسي صلاح حسن جمعة أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الأمر الواقع في بورتسودان قد تدفع البلاد نحو الانقسام. بعد أن يُحرَم قطاع من السودانيين من خدمات الدولة. 

وأضاف أن هذه السياسات تشمل حرمان سكان دارفور وكردفان من حقوقهم الأساسية. مثل استخراج الجوازات والأوراق الثبوتية، بعدما أغلقت مكاتب السجل المدني في تلك المناطق.

وأشار جمعة إلى أن عملية تغيير العملة وامتحانات الشهادة الثانوية هي جزء من سياسات تفرز انقسامًا اجتماعيًا في البلاد، إذ إن التعليم والعملات الوطنية هما من أبرز العوامل التي توحد الشعوب. وحرمان أي مجموعة منها يؤدي إلى انفصال وجداني قد يكون مقدمة للانفصال الفعلي.

مخططات لتفكيك السودان

ومن جانبه، حذر المحلل السياسي عمار الباقر من مخططات فصل دارفور. التي يقودها قيادات في حزب المؤتمر الوطني متحالفون مع الجيش، ويشغلون مفاصل الدولة. 

وأوضح  أن ما يحدث من سياسات مشابه لما جرى قبيل انفصال جنوب السودان عام 2011، مشيرًا إلى أن القرارات المتخذة من قبل الحكومة الحالية تُعزز مشروع “دولة النهر والبحر”. الذي يشمل مناطق شرق السودان والولايات المطلة على نهر النيل.

وهذا المشروع يهدف إلى جعل هذه المناطق أكثر أمانًا لتستأنف الدولة عملها، بما في ذلك العملية التعليمية.

وأشار الباقر إلى أن المجموعة المسيطرة على القرار السوداني تسعى للبقاء في السلطة وحماية مصالحها الاقتصادية. فيما تزداد المخاوف من أن هذه السياسات قد تمهد لتقسيم البلاد رسميًا.

المستقبل المجهول

وفي ظل استمرار هذه السياسات، يبقى السودان أمام تحديات جسيمة تهدد وحدة أراضيه، مع تصاعد المخاوف من انقسام داخلي قد يعيد البلاد إلى حالة من الفوضى والانقسام الإقليمي، في وقت يشهد فيه الشعب السوداني صراعًا مريرًا على السلطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى