أحداث

حرب السودان الحالية.. هل يدفع الوطن نحو التفكك الكامل؟


تشهد السودان واحدة من أكثر الفترات دموية في تاريخها الحديث، حيث تزداد وتيرة الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ اندلاعها في أبريل 2023؛ مما أدى إلى تصاعد الصراع إلى مستويات كارثية أودت بالبلاد إلى حالة من الانهيار الشامل على كافة الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.

فشلت كافة المبادرات الدولية والإقليمية في تحقيق أي تقدم ملموس نحو وقف إطلاق النار؛ مما أدى إلى تآكل النظام السياسي وتفكك المؤسسات الحكومية، العاصمة الخرطوم تحولت إلى ساحة قتال مفتوحة، فيما فقدت السلطات السيطرة على مدن ومناطق حيوية أخرى لصالح الميليشيات؛ مما جعل الدولة تعاني من فراغ سياسي وأمني خطير.

تحذيرات كبرى 

حذر المجلس النرويجي للاجئين من أن السودان يقترب من انهيار شامل مع استمرار الحرب الدامية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من 19 شهرًا.

وأشار المجلس إلى تسارع التدهور الاقتصادي والإنساني بشكل ينذر بالخطر، حيث يعيش أكثر من 20 مليون سوداني في ظروف مأساوية بين العنف والجوع والنزوح.

وقد صرح الأمين العام للمجلس، يان إيجلاند، في ختام زيارته للسودان، الجمعة، بأن البلاد تشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا. 

وقال: “الحرب أطلقت العد التنازلي نحو الانهيار الكامل، بينما يقف العالم متفرجًا.”

سياسة الأرض المحروقة 

وصف إيجلاند المشهد السوداني بأنه يعكس “سياسة الأرض المحروقة”، محذرًا من أن مستويات المعاناة الإنسانية أصبحت كارثية وتتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لإنقاذ ملايين الأرواح.

ووصف إيغلاند الأزمة الحالية في السودان بأنها “أسوأ أزمة إنسانية في العالم على الإطلاق”، مشيرًا إلى الحاجة لإيقاظ العالم وإجباره على فعل كل ما يمكن لإنقاذ حياة الملايين من السودانيين. 

وأوضح: “عندما اندلعت الحرب في دارفور قبل عشرين عاما، كان لدينا رؤساء ورؤساء وزراء منخرطون في وقف الفظائع هناك، لكن اليوم ورغم أن هناك أضعافًا مضاعفة من الأرواح على المحك، إلا أن العالم يقابلها بصمت يصم الآذان”.

وتسببت الحرب المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل 2023، في تبعات إنسانية وأمنية واقتصادية صادمة للغاية.

ففي الجانب الإنساني، شردت الحرب أكثر من ثلث السكان وجردت نحو 18 في المئة من الأسر من مصادر دخلها تمامًا، وأعجزت 70 في المئة منها عن إلحاق أطفالها بالمدارس، كما تراجعت نسبة القادرين على الوصول إلى الخدمات الصحية إلى أقل من 15 في المئة من مجمل السكان المقدر تعدادهم بنحو 48 مليون نسمة، بحسب دراسة أجرتها الأمم المتحدة.

وانخفضت نسبة الأسر الحضرية التي تتمتع بالأمن الغذائي من حوالي 54 في المئة إلى 20 في المئة فقط، يواجه 76 في المئة منهم صعوبات كبيرة في تلقي المساعدات. 


ويقل الباحث السياسي السوداني، محمد إلياس: إن الأوضاع في السودان وصلت إلى “مرحلة الانهيار الشامل” مع غياب أي رؤية واضحة للحل بين الأطراف المتنازعة.

وأضاف: أن الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أفرزت أزمة إنسانية غير مسبوقة أدت إلى تشريد الملايين ودمرت بنية الدولة بالكامل.

وأضاف إلياس أن الصراع الحالي لا يقتصر على معركة عسكرية فقط، بل يشمل أبعادًا سياسية وقبلية تعمق من الأزمة، مشيرًا أن التدخلات الدولية حتى الآن لم تنجح في وقف النزيف، بل أسهمت في تأجيج الصراع في بعض الأحيان بسبب تضارب المصالح.

بينما ترى الإعلامية داليا إلياس، أن الوضع في السودان يحتاج إلى تدخل إقليمي أكثر حسمًا بقيادة الاتحاد الأفريقي ودول الجوار، لأن استمرار الحرب لن يؤدي فقط إلى تفكيك الدولة السودانية، بل سيهدد استقرار المنطقة بأكملها، خاصة مع امتداد تأثير الأزمة إلى الدول الحدودية مثل تشاد ومصر وجنوب السودان.

وأضافت إلياس أن السودان أمام مفترق طرق، إما وقف عاجل للحرب والعودة إلى طاولة الحوار برعاية دولية قوية، أو الانزلاق نحو فوضى شاملة قد تستمر لسنوات وتجعل من السودان بؤرة جديدة للصراعات الإقليمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى