تواطؤ خطير؟ الجيش السوداني متهم بالخضوع لضغوط الإخوان للإفراج عن قيادي في القاعدة

أثار اتهام حقوقي للجيش السوداني بإطلاق سراح القيادي البارز في تنظيم (القاعدة)، أبي حذيفة السوداني، جدلاً واسعًا ومخاوف عميقة بشأن التزامات السودان بمكافحة الإرهاب. وتكتسب هذه الحادثة، التي نفتها مصادر أمنية، أهمية خاصة؛ كونها تأتي في ظل حرب أهلية طاحنة، وتسلط الضوء مجددًا على مدى تغلغل تيارات الإسلام السياسي. وعلى رأسها تنظيم الإخوان المسلمين، داخل المؤسسة العسكرية.
-
التعايشي يقطع الطريق على الإخوان.. وقوات التأسيس يوجه ضربات قاصمة لكتائبهم
-
الإخوان والحركة الإسلامية.. مفاتيح فهم الخراب المستمر في السودان
وأطلق “المرصد الإنساني الوطني لحقوق الإنسان” تحذيرًا شديد اللهجة، عبر بيان رسمي. أكد فيه أنّ الجيش السوداني أفرج عن أبي حذيفة، واصفًا الخطوة بأنّها “انتهاك خطير” للأمن القومي والإقليمي.
وأعرب المرصد عن قلقه البالغ إزاء ظهور أبي حذيفة مجددًا على منصات التواصل الاجتماعي، ومحاولته “إعادة إنتاج خطاب التطرف عبر الفضاء الرقمي، مستهدفًا فئات واسعة من الشباب”.
ودعا البيان السلطات والمجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لضمان عدم إفلات المتطرفين من المساءلة.
في المقابل، نفى مصدر أمني لصحيفة (التغيير) صحة هذه الأنباء. مؤكدًا عدم وجود معتقل بهذا الاسم في السجون ليتم إطلاق سراحه.
-
الإخوان في السودان: مشروع ساقط بين ضغوط الداخل وحزم القاهرة
-
السودان بعد قرار الحظر.. هل تنجح “حكومة السلام” في إنهاء نفوذ الإخوان؟
وتتجاوز هذه الحادثة، سواء تأكدت أم بقيت في دائرة الجدل. كونها مجرد خبر أمني، لتكشف عن طبيعة الصراع داخل الدولة السودانية. فمنذ عقود، وتحديدًا طوال فترة حكم نظام عمر البشير “الحركة الاسلامية“، خضع الجيش السوداني لعملية “أدلجة” ممنهجة، تم خلالها زرع الآلاف من الكوادر الموالية لتنظيم الإخوان المسلمين في مفاصل المؤسسة العسكرية والأمنية. ورغم محاولات تفكيك هذا “النظام الموازي” بعد ثورة 2019، يعتقد محللون أنّ نفوذ هذه التيارات المتشددة ظل قائمًا.
وفي سياق الحرب الدائرة حاليًا، يبدو أنّ هذه الشبكات الإسلامية المتغلغلة في الجيش قد وجدت فرصة لتعزيز نفوذها، عبر الدفع نحو الاستعانة بـ “المجاهدين” وذوي الخبرة القتالية لمواجهة قوات الدعم السريع. وعليه، يمكن قراءة إطلاق سراح شخصية بحجم أبي حذيفة، ليس كخطأ أو إهمال. بل كقرار استراتيجي محتمل من قبل “صقور الإخوان” داخل الجيش. الذين يرون في هؤلاء المتطرفين حلفاء مرحلة يمكن توظيفهم في المعركة، حتى لو كان ذلك على حساب أمن السودان ومستقبله وعلاقاته الدولية.
-
الإخوان والكذب المقدس.. من فتاوى الضرورة إلى عقيدة حكم في السودان
-
الإصلاح العسكري في السودان.. غطاء لمحاصرة الإخوان أم مسعى لإنقاذ الدولة؟
ويُعدّ أبو حذيفة السوداني، وهو في أواخر الخمسينيات من عمره، شخصية معروفة في الأوساط الجهادية، ويمتلك تاريخًا قتاليًا وتنظيريًا طويلًا؛ وقد ارتبط بتنظيمات إرهابية في أفغانستان والعراق. وقاتل مؤخرًا في سوريا تحت راية تنظيم “حراس الدين” التابع للقاعدة. وبعد ملاحقات أمنية، أُلقي القبض عليه، وعاد إلى السودان حيث سُجن مجددًا. لكنّ نشاطه لم يتوقف، حيث استمر في التأليف من داخل السجن، وأصدر كتبًا مثل: “خواطر سجين”، و”الأمير المنسي”. ومؤخرًا نشر كتاب “أولويات التنظيم القتالي السوداني”، وهو ما يعكس استمراره في التنظير للعنف والتطرف.
-
أجندات عابرة للحدود: كيف يحوّل الإخوان خطاب التحريض إلى تهديد للأمن القومي المصري؟
-
الجيش والإخوان.. شراكة تكتيكية أم تحالف على حافة الانهيار؟
-
التحالف يكشف المستور: قرار الحرب بيد الإخوان.. والجيش مجرد أداة
