تحقيقات

تهديدات عابرة للحدود… لماذا يلوّح إخوان السودان باستهداف البيت الأبيض؟


تعود جماعة الإخوان المسلمين في السودان إلى واجهة المشهد السياسي والأمني، لكن هذه المرة عبر خطاب تصعيدي يتجاوز حدود الداخل السوداني إلى الفضاء الدولي، بعد أن أطلقت شخصيات محسوبة على التيار الإخواني تهديدات مباشرة وغير مباشرة طالت الولايات المتحدة، في سلوك يعكس انتقال التنظيم من منطق المناورة السياسية إلى خطاب التهديد العابر للحدود، في ظل اشتداد أزمته الداخلية وتراجع نفوذه السياسي والإقليمي.

وبحسب ما أورده موقع “لبنان ديبايت” في تقريره حول تهديدات الإخوان في السودان، فإن هذه التصريحات جاءت على خلفية المواقف الأميركية الداعمة لمسار سياسي يستبعد عودة الإسلاميين إلى السلطة، إلى جانب العقوبات والضغوط الدولية المفروضة على شخصيات مرتبطة بالنظام السابق.

هذا الواقع دفع بعض التيارات الإخوانية إلى استخدام لغة تصعيدية تستحضر أدبيات التعبئة والتهديد بدل الخطاب السياسي التقليدي، في محاولة للرد على ما تعتبره «استهدافًا خارجيًا» لمشروعها.

ولا يمكن قراءة هذا الخطاب بمعزل عن السياق العام للأزمة السودانية، حيث يشهد التيار الإسلامي حالة انقسام حاد وفقدانًا متسارعًا لأدوات التأثير داخل مؤسسات الدولة، خاصة بعد سقوط نظام عمر البشير وتفكك شبكات الإخوان داخل الجيش والأجهزة الإدارية.

هذا التراجع البنيوي دفع الجماعة، وفق التقرير، إلى تبني خطاب راديكالي يسعى إلى إعادة شدّ العصب التنظيمي وتقديم نفسها كقوة مواجهة في وجه التدخلات الخارجية، ولو على مستوى الخطاب فقط.

كما يلفت التقرير إلى أن التلويح باستهداف مصالح أميركية، حتى وإن جاء في سياق خطابي، يضع جماعة الإخوان في السودان في دائرة الشبهات الدولية، ويعيد فتح ملف العلاقة الملتبسة بين الإسلام السياسي وخطاب العنف. 

فمثل هذه التصريحات لا تُقرأ بمعزل عن تاريخ التنظيم في توظيف العنف الرمزي والتحريض الأيديولوجي، خصوصًا في اللحظات التي يشعر فيها بالعزلة أو بفقدان النفوذ السياسي والاجتماعي.

ومن زاوية أوسع، يرى مراقبون أن هذه التهديدات تعكس مأزقًا استراتيجيًا عميقًا يعيشه الإخوان في السودان، حيث فشلوا في تقديم أنفسهم كفاعل سياسي قابل للاندماج في أي تسوية وطنية أو انتقال مدني يحظى بقبول داخلي ودولي. 

ومع انسداد الأفق السياسي أمامهم، وتراجع قدرتهم على التأثير في موازين القوى، لجأوا إلى تصعيد الخطاب بوصفه أداة تعويضية عن الغياب شبه الكامل عن معادلة القرار الفعلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى