تمهيدا لعودة الإسلاميين الرسمية إلى المشهد السوداني قرار تشكيل لجنة قضائية لنظر طعون إزالة التمكين !
أصدر رئيس القضاء السوداني عبدالعزيز فتح الرحمن عابدين، قرارًا بتشكيل لجنة من ثلاثة قضاة في المحكمة العليا للنظر في الطعون المتعلقة بقرارات لجنة إزالة التمكين وأي طلبات متعلقة بالأحكام الصادرة عن الدوائر القضائية المختصة.
-
“الدعم السريع” ترحب بتقرير لجنة تقصي الحقائق
-
تباين المواقف بين طرفي الصراع في السودان حول لجنة تقصي الحقائق
يأتي هذا القرار وسط قلق متزايد من محاولة إعادة تمكين الإسلاميين الذين أزيحوا عن الساحة السياسية عقب ثورة ديسمبر 2018. يتزامن ذلك مع تساؤلات حول دلالة هذه الخطوة وما إذا كانت تمهيدًا لعودة الإسلاميين رسميًا إلى مؤسسات الدولة.
خطوة نحو عودة الإسلاميين إلى السلطة
تعد لجنة إزالة التمكين واحدة من أهم مكتسبات ثورة ديسمبر، حيث أنشئت بهدف تفكيك نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي حكم السودان لثلاثة عقود تحت راية الإسلام السياسي. تمثل قرارات هذه اللجنة رمزًا لانتصار إرادة الشارع السوداني المطالبة بالحرية والسلام والعدالة، إذ استهدفت الشبكات المالية والمؤسسات المرتبطة بالتيار الإسلامي، وقامت بتفكيك المنظمات والشركات التي كانت تشكل مظلة لنفوذ الإسلاميين.
-
لجنة الطوارئ الإنسانية ترحب بإعلان بعض اللاجئين الرغبة في العودة الطوعية للبلاد
-
سياسيون: لجنة البرهان لملاحقة “الدعم السريع” ولدت ميتة
ومع ذلك، يرى مراقبون أن قرار تشكيل لجنة قضائية مختصة لنظر الطعون على قرارات إزالة التمكين يشير إلى تراجع جديد في مسار الانتقال الديمقراطي. فمن الواضح أن الإسلاميين، الذين تضرروا من قرارات اللجنة، يسعون جاهدين لاستعادة نفوذهم عن طريق التلاعب بالعملية القضائية، مستخدمين القضاء كأداة لتفكيك مكتسبات الثورة وإعادة إحياء شبكاتهم القديمة تحت غطاء القانون.
القضاء في خدمة الإسلاميين؟
تشكيل لجنة قضائية للنظر في الطعون المتعلقة بإزالة التمكين يثير الشكوك حول نزاهة العملية القضائية، خصوصًا وأن القضاء السوداني لا يزال يعاني من تأثيرات نفوذ الإسلاميين، الذين استغلوا الأجهزة القضائية خلال سنوات حكمهم الطويلة لتمرير أجندتهم وحماية مصالحهم. يثير هذا القرار تساؤلات حول ما إذا كان يتم استخدام القضاء كأداة لإعادة تمكين الإسلاميين الذين أزيحوا عن الساحة السياسية في أعقاب الثورة.
-
لجنة الاسناد الطبي بالشمالية تواصل جهودها لتقوية النظام الصحي بالولاية
-
لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في حرب السودان: هل هناك قيمة مضافة؟
يرى معارضو هذه الخطوة أنها تهدف إلى إفساح المجال أمام الإسلاميين لاستعادة نفوذهم الذي فقدوه، خاصة وأن بعض القرارات السابقة للجنة إزالة التمكين طالت قيادات إسلامية بارزة ومؤسسات كانت تشكل العمود الفقري لنفوذهم المالي والسياسي. ويعتقد الكثيرون أن إعادة فتح الباب أمام الطعون قد تكون ذريعة قانونية لاستعادة هذه الشخصيات لمواقعها وممتلكاتها تحت ستار الإجراءات القضائية.
قرار تشكيل اللجنة، وفقًا للمادة (206) من قانون الإجراءات المدنية لعام 1983، قد يعطي مظهرًا قانونيًا شفافًا لهذه الخطوة، لكنه في الواقع قد يكون محاولة لتقويض مكتسبات الثورة وإعادة هيكلة المشهد السياسي لصالح تيار الإسلام السياسي.
-
واشنطن تشكّل لجنة لتقصي الحقائق في السودان
-
السودان يعلن رفضه لمشروع القرار البريطاني بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق
ما وراء القرار: استعادة التمكين بغطاء قضائي
لا يمكن قراءة هذا القرار بعيدًا عن التصعيد السياسي الذي يقوده الإسلاميون في محاولة لاستعادة مواقعهم في الدولة، وهو جزء من تحركات واسعة تشمل جهودًا إعلامية وحملات دعائية للضغط على الحكومة الانتقالية. يستغل الإسلاميون ما تبقى من نفوذهم داخل المؤسسات العامة والخاصة لإعادة بناء قواعدهم، ويتخذون من القضاء أداة لتعزيز موقفهم، في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة الانتقالية تحديات متعددة على الصعيدين الاقتصادي والأمني.
إذا استمر القضاء في هذا النهج، قد نشهد قريبًا إلغاء العديد من قرارات إزالة التمكين، الأمر الذي سيمهد الطريق أمام عودة الإسلاميين بشكل رسمي إلى المشهد السوداني. هذه التطورات تشكل تهديدًا لمكتسبات الثورة التي أطاحت بحكم الإسلاميين في 2019، وتهدد بإعادة إنتاج النظام القديم تحت شعارات جديدة.
-
تحقيق استقرار في محلية مليط شمال دارفور بعد تشكيل لجنة عليا للطوارئ من جميع المكونات
-
الحرب تشرد 7 ملايين طفل وتنزع حقوقهم الأساسية
من هنا، يأتي قرار رئيس القضاء بتشكيل لجنة الطعون ليكون بمثابة خطوة نحو استعادة التمكين للإسلاميين، ويعكس محاولات مستمرة لإفشال مسار الانتقال الديمقراطي وإضعاف القوى الثورية التي ناضلت من أجل بناء سودان جديد قائم على أسس الحرية والسلام والعدالة.
ختامًا، يجب التأكيد على أن قرار تشكيل اللجنة القضائية لنظر الطعون في قرارات لجنة إزالة التمكين يشكل تطورًا مثيرًا للقلق. فهو ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو مؤشر على مسار خطير يهدد بإعادة إنتاج النظام السابق وتهميش الإرادة الشعبية. على القوى الثورية والمجتمع المدني توحيد جهودهم للوقوف ضد هذه المحاولات والتأكيد على أن الثورة السودانية لم تكتمل بعد، وأن المعركة من أجل سودان خالٍ من نفوذ الإسلاميين لا تزال مستمرة.