تقرير يكشف أسباب استمرار الحرب في السودان بين الجيش والإخوان الإرهابية
تتصاعد حالة الغموض السياسية في السودان، إذ يبدو أن الحرب المستمرة منذ نيسان / أبريل 2023 لم تعد مجرد صراع عسكري بين أطراف متقاتلة، بل تحوّلت إلى أزمة مؤسساتية عميقة تُعرقل مسارات الحل السياسي، وتربط بين مراكز القرار العسكري وقوى تنظيمية مرتبطة بالإخوان، مما يُفقد العملية الانتقالية فرص السلام والاستقرار.
وبحسب تقرير نشره موقع “الخليج” ، فإن القائد العام للجيش السوداني وعددًا من مساعديه يرفضون الالتزام بالدعوات المتكررة لوقف إطلاق النار أو الدخول في حوار سياسي شامل، خوفًا من المساءلة القانونية عن انتهاكات كبيرة ارتُكبت ضد المتظاهرين والمدنيين في السنوات الماضية، ومن بينها فضّ الاعتصام أمام القيادة العامة في يونيو 2019، ما جعل الملف القضائي أحد أهم معوقات السلام.
ويرى مراقبون أن هناك تنسيقًا غير معلن بين قيادة الجيش وشبكات مرتبطة بجماعة الإخوان الإرهابية بهدف تأجيل أي تقارير رسمية أو تحقيقات مستقلة في الجرائم السابقة، خشية أن يُكشف عن مسؤوليات مباشرة لقيادات عليا في المؤسسة العسكرية والسياسية.
ويُظهر التقرير أن هذا الارتباط يعمّق حالة الانقسام داخل السودان، ويُضعف أي فرص حقيقية للتوافق الوطني.
ويُحمَّل قائد الجيش ومعاونوَه، بحسب التقرير، جزءًا كبيرًا من مسؤولية الانتهاكات التي شهدتها شوارع الخرطوم ومدن أخرى خلال السنوات الماضية، خاصة خلال فضّ اعتصامات احتجاجية واسعة، ما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، في حين تعرّضت المؤسسات القضائية لضغوط تعرقل تحقيق العدالة.
وتُعدّ هذه الاتهامات مؤشرًا إلى أن الضغوط السياسية والأمنية قد تُجمّد أي مسار قضائي فعال، ما قد يُغذّي مناخ الإفلات من العقاب، ويُعرّض عملية الانتقال الديمقراطي للخطر.
وتلفت التقارير إلى أن مدى تعقيد النزاع في السودان لا يقتصر على القوى العسكرية فقط، بل يمتد إلى الفاعلين السياسيين والتنظيميين الذين يسعون إلى إعادة تشكيل ميزان القوى داخل البلاد، عبر تعطيل مساعي السلام وإطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب أيديولوجية أو سياسية على المدى الطويل. ويؤكّد التقرير أن هذا الواقع له انعكاسات مباشرة على المدنيين، الذين يعيشون في ظل تهديدات متواصلة للسلامة الشخصية والخدمات الأساسية.
ويشير التقرير إلى أن غياب سيادة القانون وضعف المؤسسات القضائية عزّز من قدرة هذا التحالف العسكري–التنظيمي على تعطيل أي محاولة شاملة للمساءلة أو التدقيق في أبعاد الانتهاكات، بينما تستمر الحرب في تدمير البنى التحتية، وتفاقم الأزمات الإنسانية في مختلف أنحاء البلاد.
وأدى هذا الانهيار المؤسسي إلى نزوح جماعي للمدنيين، وتراجع جهود الإغاثة، مما جعل المجتمع المدني في مواجهة مباشرة مع تبعات الحرب الكارثية.
وتسلّط الخلافات الداخلية بين السادة العسكريين والمنشقين المدنيين الضوء على ضعف فرص الحل السياسي في ظل استمرار تأثير قوى تنظيمية ترفض التخلي عن مواقع النفوذ التي اكتسبتها خلال الفوضى الأمنية.
ويُظهر التقرير أن أي مسار تفاوضي لتحريك عملية السلام سيتطلب ضغوطًا دولية وإقليمية مكثفة على القادة العسكريين للقبول بتسويات سياسية تضمن العدالة والمساءلة، وهو ما يبقى حجر عثرة في ظل تمسك بعض الأطراف بمناصبها.
هذا ويبرز التقرير أن استمرار الحرب في السودان ليس فقط نتيجة صراع على الأرض، بل هو نتاج تمازج مصالح عسكرية وسياسية وتنظيمية تجعل من تحقيق السلام وإنهاء الانقسامات مهمة صعبة يحتاج تنفيذها إلى إرادة وطنية حقيقية وضغط دولي منسّق، في وقت لا يزال فيه المدنيون هم الضحية الأولى لهذا الصراع الطويل.




