أحداث

تقرير أممي مخيف: السودان يقترب من الانهيار الصحي الشامل


قالت منظمة الصحة العالمية، الخميس، إن النظام الصحي في السودان يواجه ضغطاً غير مسبوق ويقترب من الانهيار، مؤكدة أن البلاد تمر بإحدى أكبر أزمات الغذاء في العالم، مع انتشار واسع للكوليرا والملاريا وحمى الضنك وارتفاع معدلات سوء التغذية.

وأوضحت المنظمة أن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية في السودان سجلت أعلى نسبة وفيات عالمية مرتبطة باستهداف القطاع الطبي، في انتهاك مباشر للقانون الإنساني الدولي. ودعت المجتمع الدولي إلى عدم تجاهل الوضع، مشيرة إلى أن استمرار الحرب يهدد حياة ملايين المدنيين ويقوض فرص التعافي دون تمويل كافٍ أو وصول إنساني آمن.

وفي مقابلة عبر الفيديو، قال ممثل المنظمة في السودان، الدكتور شبل صهباني، إن الأزمة التي بدأت في أبريل 2023 تحولت إلى وضع إنساني متدهور يشمل حماية المدنيين والنزوح والمجاعة، إضافة إلى أزمة صحية واسعة.

وأضاف أن البلاد تشهد تفشيات متعددة للأمراض وسوء تغذية وأمراضاً غير معدية واحتياجات طارئة لرعاية الأمومة، بينما تواجه المرافق الصحية تحديات كبيرة تشمل الهجمات المسلحة، ونقص الأدوية، وضعف الوصول إلى الخدمات، وتراجع الموارد البشرية والمالية.

وأشار إلى أن النظام الصحي يعمل تحت ضغط شديد، وأن العديد من المرافق توقفت عن العمل. وسُجلت الكوليرا في 18 ولاية بأكثر من 123 ألف إصابة و3,500 وفاة، بينما تجاوزت حالات حمى الضنك 53 ألفاً مع 145 وفاة في 14 ولاية. كما رُصد أكثر من 1.4 مليون إصابة بالملاريا في 16 ولاية بمعدل انتقال مرتفع.

وقال إن الظروف المناخية في السودان تهيئ لانتشار الأمراض المنقولة بالبعوض، وإن تفشي الحصبة وشلل الأطفال يتواصل في عدة ولايات نتيجة انخفاض تغطية التطعيم.

وفي ما يتعلق بسوء التغذية، أكد أن السودان يواجه واحدة من أكبر أزمات الغذاء عالمياً، إذ يعاني أكثر من 21 مليون شخص من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، بينما يواجه 45% من السكان مستويات خطيرة من الجوع وفق التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.

وأضاف أن 13.6% من السكان يعانون من سوء التغذية الحاد، وأن الأطفال دون الخامسة والنساء الحوامل أو المرضعات هم الأكثر عرضة للخطر، مع حاجة 4.9 ملايين شخص إلى تدخلات غذائية عاجلة. وتوقع أن يعاني نحو 800 ألف طفل من سوء التغذية الحاد الشديد خلال عام 2025.

وأوضح أن أكثر من 40 ألف طفل مصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم أدخلوا إلى مراكز العلاج خلال العام، مؤكداً أن الاحتياجات الصحية تتزايد بسرعة بينما تتراجع القدرة على الوصول إلى الخدمات.

وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية تقدم الدعم الفني واللوجستي وتنسق الاستجابة الصحية مع وزارة الصحة وشركاء الأمم المتحدة، وقدمت منذ بداية الحرب ثلاثة آلاف طن متري من الإمدادات الطبية بقيمة 33.3 مليون دولار، إضافة إلى 790 طناً مترياً عبر عمليات عابرة للحدود خلال عام 2025.

وقال إن المنظمة توفر دعماً تشغيلياً مباشراً للمستشفيات ومراكز الرعاية الأولية والوحدات المتنقلة ومراكز علاج سوء التغذية، في ظل انقطاع الرواتب ونقص الوقود وانعدام الكهرباء في مناطق واسعة.

وأضاف أن انخفاض تغطية التطعيم يعرض الأطفال لخطر أكبر من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وأن سوء التغذية يضعف المناعة ويزيد احتمالات الوفاة.

وأوضح أن شرق السودان يشهد ضغطاً كبيراً على المرافق الصحية بسبب تدفق النازحين، بينما تواجه ولايات كردفان ودارفور احتياجات ملحة نتيجة استمرار القتال، في حين تحتاج ولايات الوسط إلى خطط للتعافي المبكر.

وأكد أن التمويل المتاح لا يغطي سوى جزء محدود من الاحتياجات، إذ لم يُموّل نداء الاستجابة الإنسانية لعام 2025 سوى بنسبة 36%، بينما حصل قطاع الصحة على 47.7% فقط من التمويل المطلوب، وتلقت المنظمة 40% من احتياجاتها.

وطالب المجتمع الدولي بزيادة التمويل وضمان وصول المساعدات دون عوائق وحماية العاملين الصحيين، مشيراً إلى أن المنظمة وثقت 201 هجوماً على القطاع الصحي منذ بداية الحرب، أسفرت عن مقتل 1,858 شخصاً من العاملين والمرضى وذويهم.

وقال إن عام 2025 وحده شهد 65 هجوماً أودت بحياة 1,620 شخصاً، وهو ما يمثل أكثر من 80% من الوفيات العالمية الناتجة عن استهداف المرافق الصحية خلال العام.

وأكد أن احترام القانون الإنساني الدولي ضرورة عاجلة، وأن السلام هو الشرط الأساسي لإعادة بناء النظام الصحي وعودة الحياة إلى طبيعتها.

وختم بدعوة المجتمع الدولي إلى عدم نسيان السودان، مشدداً على أن الاحتياجات الصحية تتصاعد مع استمرار الحرب، وأن البلاد يجب أن تبقى ضمن أولويات الأجندة الإنسانية العالمية لضمان حماية المدنيين وتوفير التمويل والوصول الآمن والخدمات المنقذة للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى