أحداث

تعنت عسكري يهدد مبادرات الحل: تصريحات العطا وسلام السودان


كلما استبشر السودانيون بأملٍ وشيك ينهي حربا أدمت قلوبهم، سرعان ما ينقطع حبل التفاؤل.

وبينما تتزاحم الجهود الدولية والإقليمية على طريق الحل، خرج عضو مجلس السيادة السوداني، مساعد قائد الجيش، ياسر العطا، بالإعلان عن “عدم وجود هدنة أو تفاوض مع قوات الدعم السريع وأن الحرب ستستمر حتى الاستسلام وإن استمرت 100 عام”.

العطا الذي كان يلقي خطابا أمام حشد من الضباط والجنود بمنطقة كرري العسكرية بمدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، اعتبر أن التفاوض مع قوات “الدعم السريع“، يعني تأجيلا للمعركة ويتسبب في مشاكل سياسية وعسكرية وأمنية”.

تصريحات “بتراء”

يصف الكاتب والمحلل السياسي السوداني، محمد لطيف، تصريحات ياسر العطا أمام الجنود بأنها “بتراء”.

وقال لطيف إن “التصريحات فعلا كانت بتراء لأننا اعتدنا في مثل هذه المناسبات على الهتافات والتكبير والتهليل، وهذه التصريحات لم تشهد أي تجاب أو أي انفعال”.

 

أما الكاتب والمحلل السياسي، عبدالجليل سليمان، فرأى أن الجهود الدولية التي بدأت في مطلع الشهر الثاني من الحرب ومستمرة إلى الآن، “لم تحقق شيئا، وبالتالي يمكن القول إن الجهود الدولية فشلت حتى الآن في تحقيق المرجو منها”.

وأضاف سليمان : “بالتالي فإن حديث ياسر العطا لم يأت بجديد، وهو يعبر عن ذات الموقف المتعنت في رفض التفاوض ووقف إطلاق النار والهدن، وكل هذه الأمور تأتي عن طريق التفاوض”.

وتابع “إذا كانت هناك هدنة فلا بد أن يسبقها تفاوض، ووقف إطلاق نار المؤقت أو الدائم أيضا لا بد أن يسبقه تفاوض، وموضوع الملف الإنساني لا بد أن يسبقه تفاوض كما يحدث الآن في جنيف”.

والجمعة الماضية، أعلنت الأمم المتحدة، أن وفدين يمثلان الجيش وقوات الدعم السريع، يوجدان في جنيف لإجراء محادثات مع مبعوث أممي، لكن أحدهما لم يحضر بعد للمشاركة في الاجتماعات.

وقالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة أليساندرا فيلوتشي في مؤتمر صحفي إن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى السودان رمطان لعمامرة ، دعا وفدين يمثلان الجيش وقوات الدعم السريع لإجراء محادثات في جنيف تتمحور حول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.

ويشهد السودان حربا منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

وفي هذا الصدد، يشير الكاتب والمحلل السياسي، عبدالجليل سليمان، إلى أن وقف إطلاق النار يحتاج إلى “إرادة سياسية من الطرفين”.

لكن سليمان يرى أن هذه الإرادة “غير متوفرة وخاصة في جانب الجيش” وكذلك “الدعم السريع” وإن كانت مواقف الأخير المعلنة “تتحدث عن أنه يقبل بالجلوس والتفاوض”.

وعمليا- يستطرد سليمان – “لا يفعل الدعم السريع ما هو إيجابي أكثر مما يفعله الجيش ويبدو إلى الآن لا تتوفر لدى الطرفين إرادة سياسية تعمل على إيقاف الحرب، وحديث العطا طبيعي في هذه السياق”.

التراجع عن الرهانات الخاسرة

بيْد أن المسألة بالنسبة للكاتب والمحلل السياسي، يوسف حمد، مختلفة، حيث يرى أن السودان “يشهد بداية في عمليات التراجع عن الرهانات الإقليمية والدولية الخاسرة”.

ويشير إلى أن “هذا لا يعني أن الأطراف الإقليمية والدولية استعدت لقراءة صحيحة للأزمة وطبيعة الصراع”.

وأضاف حمد: “لكن المسار الذي قاد إلى الحرب، والحرب التي قادت بدورها إلى تهديد الإقليم لم يعد يغري الأطراف للاستمرار فيه”.

وتابع قائلا: “لذلك، وبطريقة ما، نحن إزاء بداية لطبيعة جديدة حيال السودان، عنوانها الأبرز هو وقف الحرب والدخول في عمليات سلام، وهذا بالذات ما يرغب العطا في مقارعته لصالح موقفه القديم ومواصلة الحرب.”

وسبق أن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.

وأفلح منبر جدة في إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات؛ ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول 2023.

 أسوأ كارثة إنسانية

وخلّف الصراع في السودان عشرات آلاف القتلى وشرّد أكثر من عشرة ملايين شخص، وفق الأمم المتحدة.

وبحسب الأمم المتحدة، يواجه نحو 26 مليون شخص في السودان مستويات مرتفعة من “انعدام الأمن الغذائي الحاد”، وهو وضعٌ فاقمته الحرب المدمرة في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى