تسريبات

تسليح البرهان للحركات المسلحة وعلاقة الجيش السوداني بها


بداية تسليح الحركات المسلحة في السودان

منذ اندلاع الحرب في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، عمد القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، إلى تسليح العديد من الحركات المسلحة، مستغلاً التوترات القائمة لتحقيق مكاسب ميدانية ضد قوات الدعم السريع. استند هذا النهج إلى توظيف الجماعات المسلحة التي كانت سابقًا جزءًا من الصراعات الإقليمية، حيث تم تجنيد وتسليح عناصر منها للقتال إلى جانب الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع.

شملت عملية التسليح إمداد هذه الحركات بالأسلحة والذخائر، إضافةً إلى وعود بإدماجها رسميًا في المؤسسة العسكرية السودانية لاحقًا. وقد تم ذلك تحت مبرر مواجهة الخطر المشترك الذي تمثله قوات الدعم السريع، إلا أن هذه السياسة أثارت مخاوف عميقة داخل الجيش نفسه.

موقف هيئة الأركان وتحفظاتها على تسليح الحركات المسلحة

مع استمرار الحرب، بدأت الخلافات داخل المؤسسة العسكرية السودانية في الظهور، خصوصًا فيما يتعلق بدور البرهان في تسليح الحركات المسلحة. وقد انعكس ذلك في اجتماعات قيادة الجيش، خاصة في ظل تحفظ هيئة الأركان، برئاسة الفريق “محمد عثمان الحسين”، على استمرار دعم هذه الجماعات بالسلاح والموارد البشرية.

خلال أحد الاجتماعات الحاسمة، تم التوصل إلى اتفاق داخلي يقضي بوقف أي عمليات تجنيد جديدة خارج الجيش السوداني، وذلك لتجنب تقوية الحركات المسلحة ومنع تحولها إلى قوة عسكرية موازية قد تشكل تهديدًا مستقبليًا للجيش نفسه. كما تم التأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدة وهيبة الجيش السوداني، وعدم السماح لأي كيان آخر بمنافسته عسكريًا أو سياسيًا.

تخلي الجيش السوداني عن الحركات المسلحة بعد استنزافها

مع تطور الصراع واشتداد المعارك، تراجعت أهمية الحركات المسلحة بالنسبة للجيش السوداني بعد أن تم استهلاك جزء كبير من قوتها في الحرب. فبعد أن كانت هذه الحركات تلعب دورًا بارزًا في المعارك، وجدت نفسها تواجه تراجعًا في الدعم اللوجستي والعسكري، حيث بدأ الجيش في تقليل اعتماده عليها تدريجيًا.

ومع انكشاف نوايا البرهان الحقيقية، أدركت هذه الحركات أنها مجرد أداة مرحلية لتحقيق أهداف الجيش، دون أن يكون لها مكان في أي تسوية مستقبلية. هذا التخلي دفع بعض قادتها إلى إعادة التفكير في موقفهم، فيما بدأ آخرون البحث عن خيارات بديلة لضمان بقائهم السياسي والعسكري.

لقد شكل تسليح الحركات المسلحة من قِبَل البرهان استراتيجية تكتيكية قصيرة المدى، لكنها حملت تداعيات خطيرة على مستقبل السودان. وبينما سعى الجيش في البداية إلى استخدام هذه القوى لتحقيق تفوق ميداني، انتهى الأمر بالتخلي عنها بعد استنزافها، مما قد يؤدي إلى عواقب سياسية وأمنية غير محسوبة في المستقبل، خصوصًا إذا قررت هذه الحركات البحث عن تحالفات جديدة خارج سيطرة الجيش السوداني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى