تسريبات

النيل الأبيض… الأرقام لا تكذب


في ولاية النيل الأبيض، لم يعد المشهد مجرد أخبار عن اشتباكات متفرقة. الهجمات الأخيرة على مستودع “الوسيلة” في كوستي وقاعدة كنانة الجوية حملت أرقامًا صادمة، تكشف حجم الخسائر وتعكس الوجه الحقيقي للحرب السودانية. فبينما يتحدث الجيش عن “عمليات عسكرية محدودة”. تؤكد الحقائق الميدانية أن ما جرى يمثل تحوّلاً استراتيجياً يهدد المدنيين قبل العسكريين.

الأرقام تتحدث

الخسائر البشرية

  • 5 خبراء أتراك قُتلوا أثناء تركيب أجهزة تشويش في قاعدة كنانة.

  • ما لا يقل عن 12 جندياً سودانياً قضوا في الهجمات ذاتها.

  • عدد غير معلن من الجرحى نُقلوا إلى مستشفيات النيل الأبيض. حيث قدر مصدر طبي محلي أن الإصابات تجاوزت 25 حالة بعضها في حالة حرجة.

الخسائر المادية

الانعكاسات الاقتصادية

  • ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 35% في كوستي خلال 48 ساعة فقط.

  • تراجع القدرة التشغيلية للمستشفيات بنسبة 40% بسبب نقص الوقود للمولدات.

  • خسائر تجارية غير مباشرة في المنطقة الصناعية تُقدّر بـ 5 ملايين دولار نتيجة توقف النشاط.

شهادات من الميدان

شهادة طبيب في مستشفى كوستي التعليمي

“نحن الآن نعمل بطاقة لا تتجاوز نصف قدرتنا. المولدات مهددة بالتوقف خلال أيام إذا لم يُؤمَّن الوقود. لدينا أطفال في العناية المركزة يحتاجون إلى أجهزة تنفس. وإذا انقطع التيار، ستكون الكارثة أكبر من أي قصف.”

شهادة سيدة من سكان المنطقة الصناعية

“رأينا ألسنة اللهب ترتفع من المستودع، والحرارة كانت تقترب من منازلنا. بعض جيراننا أصيبوا بالاختناق من الدخان الكثيف. لم نعد نشعر أن بيوتنا آمنة.”

شهادة موظف حكومي محلي

“الأزمة ليست عسكرية فقط. المدينة كلها الآن تعيش حالة شلل. النقل توقف، الأسعار تضاعفت، الناس يشعرون أن حياتهم اليومية صارت هدفًا للحرب.”

الدلالات الاستراتيجية

1. استهداف الوقود كسلاح

استهداف مستودع “الوسيلة” لا يمكن اعتباره مجرد ضربة جانبية. الوقود في السودان هو العمود الفقري للجيش والاقتصاد، وضربه يعني تعطيل سلاسل الإمداد وإحداث صدمة مضاعفة.

2. مقتل خبراء أتراك

هذه الحادثة تؤكد أن الصراع لم يعد محليًا. وجود خبراء أجانب في قلب العمليات العسكرية يعكس تدويل الأزمة السودانية وتحويلها إلى ساحة لتصفية الحسابات.

3. الحرب التكنولوجية

إسقاط الطائرة المسيّرة وتدمير أجهزة التشويش يشير إلى أن الحرب انتقلت إلى مستوى جديد يعتمد على التكنولوجيا. ما يعني أن السودان قد يدخل مرحلة “حرب ذكية” شبيهة بسيناريوهات الشرق الأوسط الأخرى.

البعد الإنساني بالأرقام

  • 70% من سكان كوستي يعتمدون على وقود المستودع المستهدف لتأمين احتياجاتهم اليومية.

  • 30 ألف مواطن معرضون لخطر نقص المياه بسبب توقف محطات الضخ التي تعمل بالديزل.

  • 15 مدرسة أوقفت الدراسة مؤقتاً بسبب انقطاع الكهرباء.

  • 200 حالة طبية حرجة مهددة بالموت في حال توقف المولدات الطبية.

غياب المساءلة الدولية

رغم خطورة الأرقام، لم يصدر أي موقف حازم من المنظمات الدولية.

النيل الأبيض اليوم هو مرآة لحقيقة الحرب السودانية: حرب أرقام وخسائر تفوق قدرة البلاد على التحمل. 5 خبراء أجانب قتلى، 12 جندياً سودانياً، 3 ملايين لتر وقود مدمرة. عشرات الجرحى، ومئات الآلاف من المدنيين مهددين.
هذه ليست مجرد إحصاءات، بل حياة كاملة تنهار تحت ضغط الحرب والتدخلات الخارجية.

التحقيق يكشف أن الهجمات الأخيرة لم تكن فقط عمليات عسكرية. بل رسائل سياسية دولية تُكتب بدماء السودانيين وأحلامهم. والسؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى يبقى السودان ساحة لتجريب السلاح وتصفية الحسابات، بينما المجتمع الدولي والعالم العربي يكتفيان بمراقبة الأرقام تتضاعف والضحايا يتساقطون؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى