“القصر الرئاسي في الخرطوم: رمز تاريخي لأثر الحرب الحالية”
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر الأضرار الكبيرة التي تعرض لها القصر الرئاسي في العاصمة السودانية الخرطوم بسبب القتال الدائر منذ منتصف أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع، في قصة تختصر الأخطار المحدقة بالمباني التاريخية بالبلاد.
وليس الدمار في القصر الرئاسي في الخرطوم سوى عينة تمثل نطاقا أوسع من الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والأحياء السكنية والأسواق والمنشآت الصناعية.
وتقول قوات الدعم السريع التي تنتشر حاليا في اكثر من 70 بالمئة من مدن العاصمة الثلاثة: الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، إنها تسيطر على القصر منذ الأيام الأولى من اندلاع الحرب إضافة إلى عدد من المواقع الاستراتيجية العسكرية والمدنية.
لكن الجيش ينفي ذلك ويقول إن هناك انتشارا محدودا لقوات الدعم في تلك المواقع.
شاهد على تاريخ السودان
- يعود تاريخ القصر المعروف بالقصر الجمهوري إلى عام 1830.
- شهد طوال عمره البالغ 192 عاما الكثير من التحولات والتوسعات المعمارية.
- بني في البداية من الطين والطوب المحلي الذي تم جلبه من مواقع آثار مدينة سوبا عاصمة مملكة علوة التي تعتبر إحدى أقدم الممالك في السودان القديم.
- كان القصر شاهدا على استقلال السودان من الحكم الإنجليزي، حيث رفع فيه علم الاستقلال في الأول من يناير عام 1956.
- شهد عددا من الأحداث المهمة وعاصر 4 انقلابات عسكرية.
من أبرز معالم الخرطوم
يضم القصر مكتب الرئيس ونوابه وفيه تتم استضافة رؤساء الدول الأجنبية الذين يقومون بزيارات رسمية للسودان وتتم فيه معظم المراسم والاحتفالات الرسمية للبلاد.
ويعد القصر من المعالم المعمارية الرئيسية في الخرطوم ويقع في الضفة الجنوبية لنهر النيل الأزرق بالقرب من مقرن النيلين الأزرق والأبيض وفي واحد من أجمل شوارع العاصمة المثلثة.
كما يشكل رمزا سياسيا وتاريخيا للسودان، حيث كان يضم معرضا دائما للطوابع البريدية والعملات الورقية وغيرها من المقتنيات التاريخية.
ويطلق اسمه على الشارع الرئيسي المؤدي إليه من جهة الجنوب والذي كان يعرف سابقاً باسم شارع فيكتوريا.
مخاوف بشأن المباني التاريخية
ومع استمرار القتال في الخرطوم؛ تتسع عمليات الدمار والتخريب التي طالت معظم الأحياء الراقية والتاريخية في وسط وشرق مدينة الخرطوم والتي تتركز فيها عدد من المباني التاريخية؛ مما أثار مخاوف كبيرة حول التغيرات التي يمكن ان تحدثها الحرب في وجه العاصمة.
وتعرض أكثر من 20 مبنى ومعلما تاريخيا في الخرطوم لخطر الدمار بسبب القتال.
وظلت مبان مثل السرايات القديمة وجامعة الخرطوم والمتاحف والقصر الجمهوري القديم والبريد تشكل أبرز معالم الخرطوم وتعكس تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.
ونظرا لمواقعها الاستراتيجية بالقرب من مناطق القتال في وسط الخرطوم، فإن معظم تلك المباني ظلت تتعرض خلال الأسابيع الأربع الماضية للضربات الجوية والأرضية المتبادلة بين الطرفين، وفي أحيان كثيرة استخدم بعضها كثكنة عسكرية.
وإضافة إلى قيمتها التاريخية وطرازها المعماري الفريد، تضم بعض تلك المباني موجودات ذات قيمة مادية وعلمية وتاريخية كبيرة مثل دار الوثائق والمتاحف ومكتبة السودان التي تحتوي على كل ما كتب عن السودان منذ الفترة الاستعمارية إلى جانب مخطوطات وكتب نادرة.
وتتعرض للخطر أيضا في مدينة أم درمان الواقعة غرب العاصمة الخرطوم مبان لطالما ارتبطت بتاريخ السودان منها “الطوابي” و”بوابة عبد القيوم” وملعب دار الرياضة وقبة المهدي وغيرها.
كما تشمل قائمة المباني المعرضة للخطر كنائس ومساجد قديمة يعود تاريخها إلى مئات السنين، مثل مسجد فاروق والمسجد الكبير في قلب الحي التجاري في منطقة السوق العربي بوسط الخرطوم.
تمثل هوية السودان
وتقول خبيرة التاريخ والآثار نهى عبد الحافظ لموقع إن هناك ضرورة لوقف الاعتداءات الموجهة ضد المناطق التاريخية، وذلك استنادا للاتفاقية الدولية لحماية الممتلكات الثقافية أثناء الحروب.
وتشير عبد الحافظ إلى الخطورة الكبيرة التي يمكن أن تنجم عن تعريض المباني التاريخية للدمار أو التخريب خلال الحرب.
وتوضح: “هذه المباني أصبحت تشكل ركنا أساسيا من هوية السودان الثقافية وتاريخه الحديث؛ فلكل مبنى قصة يرويها، وتشكل المباني القديمة معالم تاريخية مهمة وهي تعبر بشكل كبير عن هوية السودان”.