تسريبات

الفاشر على أعتاب التحوّل الكامل: الدعم السريع يفرض واقعًا جديدًا في المدينة


تعيش مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور لحظة مفصلية، مع اقتراب المعارك الدائرة منذ شهور من نهايتها، وسط مؤشرات ميدانية قوية على ترجيح كفة قوات الدعم السريع، التي باتت تُحكم سيطرتها على أجزاء واسعة من المدينة، وتفرض واقعًا أمنيًا جديدًا، مع استمرار الاشتباكات في بعض الجيوب المتفرقة التي لا تزال تتواجد فيها وحدات من القوات المشتركة والجيش السوداني.

وبحسب مصادر ميدانية متطابقة، فإن القوات المشتركة تواجه حالة من الانهيار المتسارع في صفوفها، ما دفع المئات من المدنيين إلى النزوح نحو مناطق الجنوب والغرب، باستخدام ممرات آمنة فُتحت تحت إشراف مباشر من قوات الدعم السريع. ووفقًا لما أفادت به هذه المصادر، فإن عملية النزوح تجري بطريقة منظمة، وسط تأكيدات من شهود عيان بأن قوات الدعم السريع تلتزم بتوجيهات صارمة بعدم التعرض للمدنيين وتأمين مرورهم بسلام.

وفي تطور لافت، أشار شهود من أحياء مثل الميرغنية والزهور إلى أن عددًا من الأسر قررت البقاء في منازلها، مستندين إلى ما وصفوه بـ”ضمانات مجتمعية” بعدم التعرض لهم أو ممارسة أي أعمال انتقامية، ما يعكس تحولًا في أسلوب التعامل مع المناطق التي تخضع لسيطرة الدعم السريع، مقارنة بتجارب سابقة شهدت انتهاكات في أماكن أخرى.

ورغم التقدم الميداني الكبير، لم تُصدر قيادة الدعم السريع حتى الآن إعلانًا رسميًا بالنصر الكامل في الفاشر. وتُرجّح مصادر عسكرية أن يتم تأجيل الإعلان لحين استكمال خطة تأمين الأحياء السكنية والمرافق الحيوية، وترتيب الوضع الإداري والخدمي للمدينة، لتفادي أي فراغ أو فوضى.

وبالتوازي مع الحضور العسكري الكثيف، باشرت وحدات من الدعم السريع تنسيقًا مع مبادرات مدنية لتوفير المواد الأساسية من الغذاء والمياه، خاصة في الأحياء التي قررت العائلات البقاء فيها. وقد سُجّل دخول شاحنات مساعدات إنسانية إلى بعض الأحياء، وسط إجراءات أمنية مشددة، وفرض حظر جزئي للتجوال في مناطق التماس.

وفي شهادات جمعتها فرق تطوعية عاملة بالقرب من المدينة، تحدث نازحون عن خروج هادئ وآمن من الفاشر. وقال المواطن أحمد.م، وهو أحد الفارين من حي الوحدة: “سلكنا الطريق المؤدي إلى الجنوب، وكانت عناصر الدعم السريع تنظم حركة العائلات، وتساعد في توجيههم نحو مناطق آمنة دون تسجيل أي تجاوزات”.

لكن الوضع لم يخلُ من التوتر في بعض المناطق التي لا تزال تشهد وجودًا محدودًا للقوات المشتركة، حيث أفادت تقارير بوقوع عمليات تفتيش عشوائية وانتهاكات متفرقة، ما يفاقم قلق السكان ويدفعهم للفرار بحثًا عن ملاذات أكثر أمانًا.

وقد شهدت الفاشر في الأسابيع الأخيرة تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق، شمل هجمات برية وضربات مدفعية، إلا أن الأيام القليلة الماضية شهدت تحولًا دراماتيكيًا في ميزان القوى، مع تراجع حضور القوات المشتركة وتصاعد نفوذ الدعم السريع، ما يضع المدينة على أعتاب مرحلة جديدة قد تحمل معها تحولات سياسية وإنسانية واسعة النطاق.

ملحوظة: يبقى الوضع في الفاشر قابلًا للتطور، وسط تساؤلات محلية ودولية حول طبيعة المرحلة المقبلة، وقدرة القوات المسيطرة على إدارة المدينة وضمان حماية المدنيين واستعادة الحياة الطبيعية في أقرب وقت ممكن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى