السودان.. نموذج حيّ لفشل الإسلام السياسي في إدارة الدولة
يرى إبراهيم هباني أن تجربة السودان تحت حكم الإسلاميين تمثل درسًا تحذيريًا للمنطقة والعالم، مشيرًا إلى أن انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في عام 1989 أطاح بالميثاق الديمقراطي الهش في البلاد، وأطلق عقودًا من الحروب والقمع وانهيار المؤسسات، تحت شعار الدين. ويؤكد أن الإسلام السياسي يبدأ بشعار ديني وينتهي بسلطة مطلقة، حيث يتم تفكيك مؤسسات الدولة واستبدالها بولاءات أيديولوجية تقسم المجتمعات إلى “صديق وعدو”. ويضيف أن هذا النمط الفكري لا يزال يرفض كل مبادرات السلام الرامية إلى إنهاء الحرب الدائرة في السودان، من محادثات جدة إلى الجهود الإقليمية والدولية.
يشدد هباني على أن خطر الإسلام السياسي لا يقتصر على السودان، بل يمتد إلى كل مكان تنشط فيه هذه الحركات. ويكتب: “حيثما ترسخت هذه الجماعات، تنهار المؤسسات، وتتراجع العدالة، ويحل الخوف محل القانون، ويُقدّس الاستبداد باسم السماء”. ويصف هذه الظاهرة بأنها عدوى تفسد وتخترق وتستولي على مفاصل الدولة، محذرًا من أن هذا النموذج يهدد أسس الحكم الرشيد ويقوض فكرة الدولة الحديثة، ويحوّل الدين إلى أداة للهيمنة السياسية.
في ختام مقاله، يدعو هباني المجتمع الدولي إلى استخلاص العبر من مأساة السودان، قائلاً إن على العالم أن ينقذ الشعوب من أوهام “الخلافة المزعومة” التي تشرعن الدمار باسم الله، وأن يحمي الدين من أولئك الذين يستخدمونه كسلّم للوصول إلى السلطة. ويعكس المقال حالة من الإحباط المتزايد بين المثقفين السودانيين وناشطي المجتمع المدني تجاه دور الشبكات الإسلامية في تأجيج الصراع الحالي وفي تاريخ السودان السياسي. ويطالب هباني بإعادة الاعتبار للمؤسسات الوطنية، وبناء مشروع سياسي جامع يحمي الدولة والدين من مشاريع التوظيف الأيديولوجي.




