السودان.. لقاء مرتقب بين البرهان وحمدوك
مع شروق كل يوم جديد، تمضي وتيرة الحرب في السودان إلى الأسوأ، وتتوسع دائرة انتشارها، مع تدهور مريع في الشأن الإنساني،
دون أمل يلوح في الأفق للحل السلمي.
وتبذل القوى المدنية محاولات لتقريب وجهات النظر بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي“، من أجل وقف إطلاق النار، وفتح المسارات الإنسانية لإغاثة المكتوين بنيران الاشتباكات.
وللمرة الأولى منذ اندلاع الصراع منتصف أبريل/نيسان الماضي، تدق طبول الحرب ولاية القضارف، التي تعتبر من أهم ولايات شرق السودان، وهي مدينة اللجوء الثانية بعد سقوط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة بيد قوات الدعم السريع في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وذكرت مصادر عسكرية أن اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني، وقوات “الدعم السريع“، وقعت على تخوم مدينة “الفاو” التي تبعد حوالي 62 كيلو مترا من ولاية القضارف.
ووفق المصادر ذاتها، فإن قوات “الدعم السريع“، هاجمت قوات الجيش السوداني، بالقرب من مدينة “الفاو”، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، فيما تحاول قوات الجيش، منع “الدعم السريع“، من التقدم نحو المدينة ومنها إلى ولاية القضارف.
ومؤخرا أصدر والي ولاية القضارف المكلف، محمد عبدالرحمن محجوب، أمر طوارئ، حظر بموجبه النشر في وسائل التواصل الاجتماعي بما يضر بالأمن، كما منع تناول أخبار القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى وحكومة الولاية دون الرجوع للجهات الرسمية.
وتأتي قرارات الوالي المكلف، ضمن حزمة إجراءات أمنية مشددة تفرضها السلطات الأمنية في الولاية، تحسبا لهجوم محتمل لقوات الدعم السريع.
وتسعى قوات “الدعم السريع“، بعد إحكام سيطرتها على ولاية الخرطوم، وولاية الجزيرة، وولايات جنوب دارفور، وغرب دارفور، ووسط دارفور، وشرق دارفور، وأجزاء واسعة من ولايات النيل الأبيض، وسنار، وكردفان، التوغل نحو ولايات الشرق، القضارف، وكسلا، والبحر الأحمر.
وأصبحت مدينة بورتسودان، حاضرة ولاية البحر الأحمر، “عاصمة بديلة” بعد أن تحولت الخرطوم إلى ما يشبه ثكنة عسكرية جراء استمرار الحرب منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي.
أهمية القضارف
تقع مدينة القضارِف مدينة تقع في شرق السودان على ارتفاع 580 مترا (1902.85 قدم ) فوق سطح البحر، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 410 كيلومترات (254 ميلا) شرقا، وتعد واحدة من أهم المدن السودانية من ناحية موقعها الاستراتيجي وأهميتها الاقتصادية والعسكرية ودورها السياسي والتاريخي ونسيجها الاجتماعي فهي بوتقة تنصهر فيها مختلف القبائل السودانية والجماعات غير السودانية.
وتتوسط القضارف أغنى مناطق السودان الزراعية والرعوية، ويوجد بها سوق دولي للمحاصيل خاصة للذرة ويقع بها مقر القيادة الشرقية للقوات المسلحة السودانية، كما تتميز القضارف بمدينتها الرقمية التي تعد أول مدينة رقمية في السودان.
لقاء مرتقب بين البرهان وحمدوك
ومع تصاعد وتيرة العنف، أعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) تلقيها موافقة من قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، للقاء رئيسها، عبد الله حمدوك.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم التنسيقية، رشا عوض، في تصريحات إعلامية، “رسميا.. التنسيقية تلقت موفقة البرهان على لقائها، جار التشاور حول تفاصيل ترتيب اللقاء.. زمانه ومكانه.”
وأضافت، “أخطأ من زعموا أن لقاء (تقدم) مع قائد الدعم السريع، كان في إطار تحالف سياسي معه، وسيأتي الآن من يقول إن (تقدم) ساعية لتحالف آخر مع البرهان أو تحالف مع الطرفين لإحياء شراكة مدنية عسكرية جديدة، وكل هذا هراء وكذب محض.”
واعتبرت أن التحالف الوحيد الذي تسعى (تقدم) في نسجه وتقويته هو تحالف “لا للحرب” الساعي لوقف القتال الدائر الذي يمر السودان وينذر بتمزيقه إلى مناطق نفوذ متناحرة.
وقالت إن “التحالف الذي يرى طريق الخلاص من الحرب وبناء سلام مستدام هو الدولة المدنية الديمقراطية، وضربة البداية في كل ذلك هي إنجاز خيار الحل السلمي التفاوضي، وفي هذا الإطار سعت (تقدم) للقاء قيادة الدعم السريع، ووضعت أماما رؤيتها للحل ممثلة في خارطة الطريق، وهي ذات الخارطة التي ستضعها أمام قيادة القوات المسلحة في اللقاء المرتقب الذي نتمنى نجاحه”.
وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن حمدوك إرسال خطاب إلى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو للقاء القوى المدنية وبحث كيفية وضع حد للحرب.
وبعد لقاء حمدوك وقيادات من التحالف بحميدتي مطلع يناير/كانون الثاني الحالي بأديس أبابا، واتفاق الجانبين على التزام “الدعم السريع” بحزمة بنود لوقف الحرب، جدد حمدوك في الرابع من الشهر ذاته مخاطبة قائد الجيش لحثه على قبول طلب الاجتماع المباشر مع التنسيقية.
ووقعت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية اتفاقا مع قائد قوات الدعم السريع في الأول من الشهر الجاري، ينص على وقف العدائيات لإنهاء الأزمة الإنسانية التي خلفها القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تبنت تنسيقية (تقدم) خارطة طريق لإنهاء الحرب وتأسيس حكم مدني ديمقراطي عبر حل سياسي متفاوض عليه ويتم التوقيع عليه من القوات المسلحة وقوات “الدعم السريع” والقوى المدنية كافة عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية وواجهاتها، ليكون أساسا ملزما للعملية السياسية.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي تشهد السودان حربا بين الجيش و”الدعم السريع” خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.