أحداث

السودان بين الفيتو الروسي والمأزق الدولي: سيناريوهات المستقبل


شرعت القوى المدنية السودانية في اتخاذ وسائل متعددة لوقف الحرب وحماية المدنيين، وذلك عقب استخدام “الفيتو الروسي” لإعاقة مشروع قرار أممي بشأن إنهاء الصراع في السودان.

وفشل مجلس الأمن الدولي، يوم الاثنين الماضي، في اعتماد قرار يطالب الجيش وقوات الدعم السريع باحترام التزاماتهما وفق إعلان جدة المتعلق بحماية المدنيين، وتنفيذها بشكل كامل، بما يشمل اتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب وتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين.

وصرح المتحدث الرسمي باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم”، بكري الجاك، بأن التنسيقية تعمل على جميع الخيارات لوقف الحرب وحماية المدنيين في السودان. 

وقال:”نحن في تنسيقية تقدم سنظل نعمل مع القوى الإقليمية والدولية لتطوير أفكار ومقترحات لحماية المدنيين بأي صيغة كانت، حتى لو تطلب الأمر الضغط على الطرفين للوصول إلى تفاهمات محدودة ومؤقتة”.

ووفق ما أشار سياسيون سودانيون، فإن أمام المجتمع الدولي عدة خيارات للتعامل مع الأزمة السودانية، من بينها عقد مجلس الأمن جلسة جديدة لبحث الأجندة نفسها، أو اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما يمكن للاتحاد الإفريقي عقد اجتماع طارئ للنظر في الوضع في السودان، وإحالة توصياته إلى مجلس الأمن الدولي.

ويرى السياسي السوداني ياسر عرمان أن مجلسي الأمن الإفريقي والدولي يمكن أن يوفرا توافقاً حول الأزمة السودانية رغم الفيتو الروسي.

وقال عرمان في منشور على “فيسبوك”: “في ظل الانقسام الحالي بمجلس الأمن الدولي، يجب على القوى السودانية العمل مع أعضاء مجلس الأمن الإفريقي، وتصعيد خطابها حول الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين في السودان، حتى يتوصل مجلس الأمن والسلم الإفريقي إلى خريطة طريق تحظى بالقبول والإجماع في مجلس الأمن الدولي، كما جرت العادة في ظل الانقسامات الحالية”.

وأضاف عرمان: “ينبغي الدعوة إلى اجتماع مشترك بين مجلسي الأمن الإفريقي والدولي، كما حدث في السابق عندما عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا في نيروبي عقب اتفاق (نيفاشا) بين نظام البشير والحركة الشعبية قبل انفصال جنوب السودان”.

وأكد عرمان أهمية مشاركة جامعة الدول العربية في أي اجتماع مقترح لمجلس الأمن بشأن السودان، مشيرًا إلى أن الوضع الدولي الحالي وعدم الاهتمام بالسودان يتطلب تصعيد الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية.

وأشار إلى أن مجلس الأمن سبق أن أصدر قرارين حول السودان في شهري مارس/ آذار ويونيو/ حزيران الماضيين. ورغم انقسام المجلس، فقد سمح الأعضاء الدائمون بتمرير القرارين، إلا أن غياب الآليات اللازمة لتطبيقهما وغياب بعثة سلام للتحقق والفصل بين القوات حال دون تنفيذهما.

39c9fd04-3a06-4629-9813-795157f93d58


وأوضح أن الكارثة الإنسانية في السودان، التي تعد الأكبر عالميًا، تتطلب تصعيد الضغوط على المستويين الإقليمي والدولي، مع التركيز على حماية المدنيين وفقًا للمواثيق والقوانين الدولية.

مقترح المناطق الآمنة 

فيما يتعلق بمقترح إنشاء مناطق آمنة للمدنيين الذي تضمنه مشروع القرار الأممي المعرقل، دعا عرمان إلى طرحه ضمن إطار توسيع الفضاء المدني وتقليص الفضاء العسكري. 

وقال: “يجب أن يتم ذلك بتطبيق القانون الإنساني الدولي الذي يضمن حرية حركة المدنيين، ويطالب العسكريين بالخروج من المناطق المدنية لتصبح آمنة. وفي أي ترتيبات لوقف العدائيات أو إطلاق النار، ينبغي أن يعود العسكريون إلى مواقعهم الأصلية قبل الحرب، برقابة بعثة سلام، وهو أمر لن يتحقق إلا باتفاق الطرفين أو عبر تطبيق الفصل السابع”.

من جانبه، يرى المحلل السياسي علي الدالي أن الدول الداعمة للقرار الأممي لن تستسلم للفيتو الروسي، وستلجأ إلى خيارات بديلة مثل إصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو تفعيل دور الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإقليمية.

وقال الدالي:”من المستبعد حدوث تدخل عسكري مباشر في السودان، لكن الدول الداعمة للقرار قد تلجأ إلى أساليب أخرى للضغط على أطراف الصراع، مثل تمرير المساعدات الإنسانية أو الضغط السياسي”.

يذكر أن مشروع القرار البريطاني الذي عرقلته روسيا لأسباب أرجع مراقبون بأنها تتعلق بالصراع الروسي مع الغرب، كان دعا الأطراف المتحاربة إلى الدخول في حوار حسن النية لتأمين فترات هدنة وممرات إنسانية مستدامة، بما يضمن إيصال المساعدات وإصلاح البنية التحتية الحيوية والخدمات الأساسية. 

كما طالب الأطراف المتحاربة بوقف الأعمال القتالية فورًا، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى