تسريبات

الدول الداعمة للجيش السوداني: دور تركيا وإيران في الصراع السوداني


يشهد السودان في الآونة الأخيرة صراعًا داخليًا متصاعدًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما جذب أنظار العديد من القوى الإقليمية والدولية. وعلى الرغم من أن بعض الدول الكبرى مثل مصر وروسيا يكون لها دور بارز في دعم الجيش السوداني، إلا أن تركيا وإيران هما من بين اللاعبين المهمين الذين يسعون إلى تعزيز مصالحهم الاستراتيجية في السودان، مما يزيد من تعقيد الصراع ويؤثر على المشهد الإقليمي والدولي.

1. الدور التركي في دعم الجيش السوداني

تركيا، تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، تسعى إلى تعزيز نفوذها الإقليمي في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك إفريقيا. السودان يُعتبر نقطة محورية في هذا التوجه. حيث تمثل علاقات تركيا بالسودان فرصة لتوسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر والاستفادة من الموقع الجغرافي الحيوي للسودان، وهو ما يعزز المصالح الاقتصادية والسياسية التركية.

أسباب الدعم التركي:

  • الاستثمار الاقتصادي: تركيا تعمل على توسيع استثماراتها في السودان. خاصة في مجالات البناء والبنية التحتية، بما في ذلك مشروعات كبيرة في ميناء سواكن، الذي تُعتبره تركيا نقطة استراتيجية لتعزيز وجودها في البحر الأحمر. من خلال هذا التعاون الاقتصادي. تأمل تركيا في تحقيق مكاسب طويلة الأجل وتعزيز وجودها في المنطقة.
  • التعاون العسكري والدبلوماسي: بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي، تسعى تركيا إلى تعزيز تعاونها العسكري مع السودان. يشمل ذلك تقديم الدعم اللوجستي والتدريبي للجيش السوداني، وذلك في سياق تحسين قدرات الجيش السوداني في مواجهة التحديات العسكرية. كما أن تركيا تسعى لتعزيز علاقتها مع الحكومة السودانية من خلال تقديم الدعم السياسي في المنتديات الدولية.
  • النفوذ الإقليمي: تركيا تسعى إلى تعزيز مكانتها كقوة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط. ولدى السودان موقع جغرافي مهم يجعله نقطة انطلاق للنفوذ التركي في البحر الأحمر والمناطق المحيطة. من خلال تعزيز علاقتها مع السودان. تسعى تركيا إلى التأثير على القضايا الإقليمية مثل الأمن البحري والمصالح الاقتصادية في القارة الإفريقية.

الآثار المحتملة لهذا الدعم:

الدعم التركي للجيش السوداني يمكن أن يؤدي إلى تعزيز النفوذ التركي في المنطقة. مما يثير قلق بعض الدول مثل مصر والسعودية. ومع تصاعد التوترات بين القوى الإقليمية، يسهم هذا التعاون في زيادة الانقسامات السياسية في المنطقة ويعقد الأمور في ظل التنافس على النفوذ في البحر الأحمر.

2. الدور الإيراني في دعم الجيش السوداني

إيران، رغم أنها ليست من بين الدول الأكثر وضوحًا في دعم الجيش السوداني مقارنةً مع مصر أو روسيا، إلا أن دورها في هذا الصراع يبقى مهمًا. إيران تسعى إلى توسيع نفوذها في إفريقيا. والسودان يُعتبر أحد محاور هذا التوسع، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها في الشرق الأوسط.

أسباب الدعم الإيراني:

  • التعاون العسكري والتقني: إيران توفر الدعم العسكري والتقني للجيش السوداني، بما في ذلك الأسلحة والتدريب العسكري. إيران التي تعتبر من أكبر الداعمين للجماعات المسلحة في المنطقة. تسعى إلى تقوية علاقاتها مع الجيش السوداني كجزء من استراتيجيتها الإقليمية.
  • التوجه نحو إفريقيا: منذ عقود، تسعى إيران إلى تعزيز وجودها في إفريقيا كجزء من سياستها الخارجية الهادفة إلى مواجهة العقوبات والضغوط الغربية. السودان يُعدُّ نقطة استراتيجية لتحقيق هذا الهدف. حيث تسعى إيران إلى استخدام السودان كقاعدة للتوسع في المناطق الإفريقية المجاورة.
  • التعاون في الملفات الإقليمية: على الرغم من أن إيران تركز بشكل أكبر على ملفات مثل سوريا واليمن، إلا أن السودان يُعتبر نقطة دعم مهمة في سياق المواجهة الإقليمية مع الدول الغربية والعربية. إيران تحاول من خلال علاقتها بالسودان تقوية جبهتها في مواجهة التحالفات الإقليمية المعادية لها.

 

الآثار المحتملة لهذا الدعم:

الدعم الإيراني للجيش السوداني يؤدي إلى تأجيج المخاوف في دول مثل السعودية ومصر، اللتين تعتبران أن أي تعزيز للنفوذ الإيراني في السودان يشكل تهديدًا لمصالحهما الاستراتيجية. كما أن هذا الدعم يزيد من عزلة السودان الدولية، حيث تظل إيران واحدة من أكثر الدول الخاضعة للعقوبات الدولية بسبب برنامجها النووي ودعمها للمليشيات في المنطقة.

3. التأثيرات الدولية والمحلية لتدخلات تركيا وإيران

على الصعيد المحلي:

دعم تركيا وإيران للجيش السوداني يسهم في تصعيد الانقسامات الداخلية في السودان. من جهة، يشعر البعض بأن الجيش السوداني أصبح مجرد أداة بيد قوى خارجية تسعى لتحقيق مصالحها. مما يزعزع الثقة بين الجيش والشعب السوداني. من جهة أخرى، يزيد الدعم الإيراني والتركي للجيش السوداني من قوة بعض الفصائل العسكرية، ويطيل أمد الصراع الداخلي.

 

على الصعيد الإقليمي والدولي:

الوجود التركي والإيراني في السودان يعقد التوازنات الإقليمية في منطقة البحر الأحمر. خاصة أن هذه المنطقة مهمة استراتيجيًا بالنسبة للملاحة الدولية. إيران وتركيا يمكن أن تسعى إلى زيادة نفوذهما في هذه المنطقة من خلال دعم السودان. من جانب آخر، تؤدي هذه التدخلات إلى زيادة التوترات مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي ترى في هذه الخطوات تهديدًا لأمن المنطقة.

يُظهر التقارب بين الجيش السوداني وكل من إيران وتركيا تداخلًا معقدًا بين المصالح الإقليمية والدولية. بينما تسعى إيران وتركيا إلى تعزيز نفوذهما في السودان. فإن هذا الدعم يكون له تأثيرات واسعة على الصعيدين الداخلي والدولي. بالنسبة للسودان، فإن العلاقة مع هذه القوى الكبرى تمنحه بعض المكاسب العسكرية والسياسية، لكنها تأتي بتكاليف ضخمة على الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي، خاصة في ظل تعقيد الوضع الإقليمي والدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى