تسريبات

الخلاف المتصاعد بين الكباشي وياسر العطا: صراع رؤى أم تبادل أدوار؟


في الآونة الأخيرة، برزت تباينات في التصريحات بين قيادات الجيش السوداني، لا سيما بين الفريق أول شمس الدين كباشي والفريق أول ياسر العطا. مما أثار تساؤلات حول طبيعة هذه الخلافات وأبعادها.

تصريحات متباينة:

أدلى الفريق أول كباشي بتصريحات تحذيرية بشأن “خطر” عمل “المقاومة الشعبية المسلحة” خارج إمرة القوات المسلحة، مندداً باستغلال الأحزاب السياسية لمعسكرات الجيش ورفع شعاراتها. في المقابل، دعا الفريق أول العطا إلى التوقف عن اتهام الجيش بالتحالف مع مؤيدي النظام السابق، مرحباً بكل من يقاتل في صفوف الجيش. وطالب بانتخاب لجان المقاومة الشعبية من الأحياء لتقاتل مع الجيش.

تبادل أدوار

المحلل السياسي صلاح الدومة، أشار إلى أن التضارب في التصريحات بين الكباشي والعطا لا يعدو كونه عملية تبادل أدوار وليست اختلافات. وقال : “كليهما – العطا وكباشي – لا يملك الجرأة بأن يصرح تصريحات مخالفة للجهة الآمرة التي توجههما، فهما لا يستطيعان بأي حال من الأحوال الخروج عن طوع هذه الجهة”.

وأرجع الدومة الأمر إلى خطة مرسومة من الجهات –لم يحددها- التي توجه القائدين. لكي يصرحا بهذه التصريحات المتناقضة، مشيرا إلى أن الغرض منها إبعاد الإسلاميين. ثم بعد حين تحدث شراكة جديدة بين المدنيين والعسكريين فقط دون وجود “الكيزان” .ثم يقوم العسكر مرة أخرى بالانقلاب على الاتفاق والنكوص عن التعهدات وإقصاء المدنيين. والإتيان بـ”الكيزان” من جديد للسلطة مثلما حدث في عملية فض الاعتصام وكما حدث في انقلاب 25 أكتوبر.

وقال الدومة: “إنهم يكررون السيناريو ذاته وبالسذاجة نفسها، معتقدين أن الشعب السوداني لا يستطيع أن يتذكر هذا الماضي القريب جدًا والأليم المليء بالخيانة. وأن هذه الألعوبة والمسرحية المكشوفة سوف تمر على هذا الشعب مرة أخرى”.

تفسيرات متعددة:

تباينت آراء المحللين حول هذه التصريحات؛ فبينما يرى البعض أنها تعكس صراعاً حقيقياً داخل قيادة الجيش حول الموقف من الحرب والسلام، يعتقد آخرون أنها قد تكون نوعاً من تبادل الأدوار أو اختلافاً في الخطاب الموجه للداخل والخارج. المحلل السياسي محمد لطيف يرى أن الخلاف واضح بين الجهتين، وهو خلاف بين رؤيتين متضادتين، حيث يُنظر إلى العطا على أنه منحاز لتيار الإسلاميين. بينما يتخذ كباشي موقفاً أكثر تحفظاً.

أبعاد الخلاف:

يرى بعض المراقبين أن هذه التباينات قد تعكس صراع مصالح داخل الجيش، حيث يسعى كل طرف لتعزيز نفوذه وتأمين موقعه في السلطة. في حين يعتبر آخرون أن هذه الخلافات قد تكون مرتبطة بتصورات مختلفة لمرحلة ما بعد الحرب، خاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الانتقالية ودور الجيش فيها.

سواء كانت هذه التباينات تعكس صراعاً حقيقياً أو تبادل أدوار، فإنها تشير إلى وجود تحديات داخلية تواجه قيادة الجيش السوداني في هذه المرحلة الحساسة. من الضروري مراقبة تطورات هذه الخلافات وتأثيرها على مستقبل البلاد واستقرارها.

ما بين الرأي القائل بأن تضارب التصريحات بين القائدين العسكرين “الكباشي والعطا” لا يعدو كونه عملية تبادل أدوار مرسومة. ومن يرى أن صراعا محتدما بدأ بالانكشاف حول من سيتحكم في خطط الجيش لإدارة الحرب، ورؤية الدولة لإدارة مرحلة ما بعد الحرب. تأتي عملية استهداف جماعة “البراء بن مالك” كمؤشر على دخول “المقاومة الشعبية” إلى مرحلة أخرى من الصراع، فإلى جانب حربها التي ترى أنها جهادية و”حرب كرامة”. فهي الآن تنزلق إلى صراع من نوع آخر يحركه في الخفاء تضارب المصالح والرؤى المستقبلية لواقع البلاد، وهذا يأتي من داخل المعسكر الذي تساند!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى