الحرب تمزق «شرايين السودان»
باتت حرب السودان بمثابة جرح غائر مزق شرايين الحياة في الخرطوم لتنزف دماء الأمل، وتقود البلاد نحو مجهول، ودمار هائل يُحيل حياة أهلها إلى جحيمٍ.
ففي دارفور، أصبح قصف الطيران حكايةً مألوفة، يرويها الصغار والكبار على حدٍّ سواء، بينما يزدادُ الحنينُ إلى حلٍّ سياسيٍّ ينقذُ بلادَ النيلين من براثنِ هذه الكارثة الإنسانية والاقتصادية التي أنهكتها.
الوضع الميداني
وأفادت مصادر عسكرية باندلاع معارك عنيفة، الإثنين، بين الجيش السوداني. وقوات “الدعم السريع“، شمال مدينة بحري بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وطبقا للمصادر العسكرية، فإن الطيران الحربي قصف “مصفاة الجيلي”. للبترول لليوم الثاني على التوالي، ما أدى إلى تدمير ما تبقى من المنشآت في المصفاة.
وذكرت قوات “الدعم السريع” في بيان أنه “استمرارا لمخطط التدمير الشامل. قامت (مليشيات) البرهان وفلول المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم السابق). بتدمير ما تبقى من منشآت حيوية في البلاد.
وأضاف: “استهدف قصف جوي للطيران صباح الإثنين. المستودعات الرئيسية في مصفاة الجيلي شمال الخرطوم بحري.”
و”مصفاة الجيلي” أكبر محطة لتكرير النفط بالبلاد أنشئت في تسعينيات القرن الماضي. وتقع شمالي مدينة بحري بالعاصمة الخرطوم. وتسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل/نيسان الماضي.
تدمير محطة كهرباء الفاشر
ومع تصاعد وتيرة العنف والقتال، أبلغت مصادر عسكرية أن “الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، نفذ ضربات جوية. أسفرت عن حريق المحطة التحويلية لكهرباء مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
كما أفاد شهود عيان أن المدينة غرقت في الظلام الدامس. وأصبحت طاردة للمواطنين الأبرياء.
ويقول المواطن أحمد الهادي، إن “حريق المحطة التحويلية لكهرباء مدينة الفاشر، أغرق المدينة في الظلام، وأن المستشفيات تعطلت بشكل كامل.
وأشار الهادي أن القصف العشوائي أسفر عن خسائر بشرية ومادية. وتسببت في موجة نزوح كبيرة للمواطنين.
وأضاف، “الفاشر أصبحت غير صالحة للحياة بسبب انعدام الكهرباء والمياه والأدوية.”
وقالت قوات “الدعم السريع“، في بيان “في مشهد إجرامي جديد ومسلك خطير في تدمير البنى التحتية للشعب السوداني. أقدم الطيران الحربي للبرهان وكتائب الفلول الإرهابية اليوم الاثنين. بقصف المحطة التحويلية لكهرباء الفاشر ما أدى إلى تدميرها بالكامل وانقطاع تيار الكهرباء بالمدينة.”
وأوضح أن “العمل التخريبي الذي مارسته الأيادي الآثمة والذي طال مقدرات الشعب السوداني. قصد منه زعزعة الأمن والاستقرار بالإقليم والمنطقة. وتدمير البنى التحتية اتباعا لسياسة الأرض المحروقة التي ظلت تمارسها (قوات) البرهان بعد أن فشلت في مواجهة قوات الدعم السريع في ميادين القتال.”
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من الجيش السوداني حول قصف الطيران الحربي. مدينة الفاشر وتدمير محطة الكهرباء، و”مصفاة الجيلي” شمالي مدينة بحري.
واجتاحت قوات “الدعم السريع” 4 عواصم ولايات أخرى في دارفور العام الماضي. ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية، في ظل شح الغذاء والدواء والماء.
ومع تصاعد وتيرة الاشتباكات، يواجه نحو مليون مدني محصورين داخل الفاشر مصيرا مجهولا لعدم استطاعتهم مغادرة المدينة إلى المناطق الآمنة. في ظل صعوبة الحصول على الغذاء بسبب غلق الطرق ومنع شاحنات المواد الغذائية من دخول المدينة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع“. حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين. بمن في ذلك العاملون في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل فيها 80% من القوى العاملة في البلاد. نتيجة لتوسع نطاقها مصحوبا بالهجمات العشوائية على المدنيين.
وفاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور. خاصة في مخيمات النازحين، إثر تسبب الاشتباكات الناجمة عنها في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور. لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
وأُنشئت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة.
ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة. أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.