أحداث

الجوع يفتك بالسودان


على وقع معاناة إنسانية تُدمي القلوب، يُطلق السودان صرخة جوع مدوية تُحذر من كارثة مُحدقة مع اقتراب نصف سكان البلاد البالغ عددهم 49 مليون نسمة من حد المجاعة.

أزمة دفعت الأطراف المدنية، للبحث عن حلول بعيدا عن طرفي الصراع العسكريين، ومن هذا المنطلق جاءت مبادرة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) العاجلة لإنقاذ ملايين الأرواح.

وخلال مؤتمرها المنعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تحت شعار «وحدتنا تصنع السلام»، طرحت “تقدم” تلك الآلية المدنية للإغاثة، التي تعد بمثابة طوق نجاة لملايين السودانيين الذين يُصارعون من أجل البقاء.

فهل تُفلح هذه المبادرة في تخفيف حدة الأزمة الإنسانية في السودان؟ وما هي الخطوات التالية لضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين؟

مؤتمر «تقدم»

وإلى جانب الآلية يبحث مؤتمر «تقدم»، الذي يستمر حتى الخميس المقبل، سبل إنهاء الحرب وتحقيق السلام، ومعالجة الأوضاع الإنسانية الحرجة وتوحيد الجهود لمقاومة الجوع والمجاعة.

ويناقش المؤتمر قضايا إنهاء الحرب والأوضاع الإنسانية الحرجة وإجازة الرؤية السياسية والنظام الأساسي والهيكل التنظيمي للتحالف الذي يضم عددا من القوى السياسية والمدنية والحركات المسلحة التي تعارض استمرار الحرب في السودان.

ويتناول المؤتمر ورقة محاربة خطاب الكراهية والعنصرية وتجنب خطر الحرب الأهلية، كما يناقش توصيات ورشة الحكم المحلي، والترتيبات الدستورية، بالإضافة إلى مناقشة توصيات ورشة الإصلاح الأمني والعسكري والعدالة الانتقالية، والرؤية السياسية لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة السودانية.

ويرأس المؤتمر عبدالله حمدوك رئيس تنسيقية القوى المدنية السودانية رئيس الوزراء السابق كما يشارك بالحضور قادة الأحزاب السياسية والحركات المسلحة.

ملامح الآلية المدنية

وناقش أعضاء تنسيقية القوى المدنية السودانية «تقدم» ورقة حول “القضايا الإنسانية في ظل الحرب”.

واقترحت تشكيل آلية مدنية لإيصال المساعدات قوامها الفاعلين المحليين في مجال العون الإنسان، سواء في المنظمات غير الحكومية أو غرف الطوارئ أو المبادرات الشعبية أو الطرق الصوفية والإدارات الأهلية”.

وحددت الورقة جملة من المعوقات التي تواجه إيصال المساعدات الإنسانية في السودان، من أهمها:

 

  •  تعنت السلطات في منح التأشيرات وتصاريح العمل للمنظمات الإنسانية.
  •  تعطيل تسجيل وإعادة تسجيل المنظمات، خاصة تلك التي تم إنشاؤها خلال فترة الانتقال.
  •  انقطاع العمل في النظام المصرفي لفترة طويلة، مما أثر على التجارة والتحويلات البنكية عبر النظام المعتمد عالميًا.

وتهدف الآلية المدنية المقترحة إلى:

  •  تجاوز هذه المعوقات من خلال الاعتماد على الفاعلين المحليين الذين لديهم خبرة واسعة في العمل على الأرض.
  •  ضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين بشكل عادل وشفاف.
  •  تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني.
  •  المشاركة الفاعلة للمجتمعات المحلية في تحديد احتياجاتها وإدارة عملية توزيع المساعدات.
  • وتُعدّ هذه المبادرة خطوة هامة في سبيل التخفيف من معاناة الشعب السوداني في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها.

وتتلخص ملامح الآلية المدنية المقترحة في النقاط التالية:

  • الاعتماد على الفاعلين المحليين في مجال العمل الإنساني.
  • المشاركة الفاعلة للمجتمعات المحلية.
  • التنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة.
  • الشفافية والعدالة في توزيع المساعدات.
  • تجاوز المعوقات التي تواجه إيصال المساعدات.

وتبقى مسؤولية إنجاح هذه المبادرة ملقاة على عاتق جميع الأطراف المعنية، من الحكومة السودانية إلى المنظمات الدولية والمجتمع المدني.

تسهيل وصول المساعدات

وطالبت ورقة مقدمة من قبل تنسيقية القوى المدنية السودانية “تقدم” بضرورة إيجاد تنسيق فعال بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” والفاعلين الدوليين في مجال العمل الإنساني لضمان تسهيل وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين في مختلف أنحاء البلاد.

وتعاني الجهود الإنسانية في السودان من تحديات كبيرة، حيث تُلاحق الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اتهامات بعرقلة توصيل وتوزيع الإغاثة، بما في ذلك العقبات البيروقراطية وعمليات نهب المساعدات.

وتُعدّ هذه الممارسات من العوامل الرئيسية التي تُفاقم من معاناة ملايين الجوعى في السودان.

وحددت الورقة جملة من العقبات الإضافية التي تُعيق وصول المساعدات الإنسانية، من أهمها:

  •  نقص معسكرات الإيواء الثابتة في المناطق الآمنة.
  •  شحّ التمويل اللازم للعمليات الإنسانية.
  •  تدمير البنية التحتية الأساسية في العديد من المناطق.

ووصفت الورقة الأوضاع الإنسانية في السودان بأنها كارثية، وتتطلب تدخلات عاجلة وشاملة.

وتضمنت الورقة رؤية مُقترحة لتحالف “تقدم” لتقديم المساعدات الإنسانية في السودان، تشمل:

  •  تقديم المساعدات الغذائية والطبية.
  •  دعم التعليم وتطوير برامج حديثة له.
  •  تنفيذ برامج مستحدثة للعون الإنساني باستخدام التكنولوجيا.
  •  تقديم المساعدات النقدية.
  •  توفير خدمات الاتصالات للمحتاجين.

كما اقترحت الورقة منهجية للعمل تتضمن:

  •  تكوين شبكات داخلية من المنظمات الوطنية وغرف الطوارئ لجمع المعلومات وتيسير جهود إيصال المساعدات.
  •  المناصرة والضغط من أجل تحريك الموارد والأموال اللازمة للعون الإنساني.
  •  لفت انتباه المجتمع الدولي إلى الكارثة الإنسانية في السودان.

وأكد تقرير للأمم المتحدة صادر في مايو/أيار 2024 عدم تلقي ما يقارب 860 ألف شخص مساعدات إنسانية في كردفان ودارفور والخرطوم خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان، ويُعزى ذلك إلى أعمال العنف الدائرة والعقبات البيروقراطية والإدارية.

موجة نزوح من الفاشر

وأفاد شهود عيان أن الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني، وقوات “الدعم السريع” أدت إلى موجة نزوح كبيرة إلى خارج المدينة.

وطبقا للشهود، فإن الحياة داخل مدينة الفاشر، أصبحت مستحيلة في ظل القصف المدفعي، وتبادل إطلاق النيران، أسفر عن انقطاع الخدمات الضرورية من الكهرباء والمياه، وخروج المستشفيات من الخدمة.

ويُحاصر المدنيون في الفاشر بين نيران المعارك، بينما تُفرض عليهم رسوم باهظة عند محاولة الفرار.

وتشير التقديرات إلى أن الفاشر، التي كانت تُؤوي مليون نسمة، تستضيف حاليًا 187 ألف نازح إضافي في مواقع إيواء شديدة الاكتظاظ.

وتُعاني 40 ألف امرأة حامل من نقص الرعاية الطبية، بينما يُهدد نفاد الإمدادات الطبية خلال أيام حياة المئات من المصابين.

وتُحذّر منظمة أطباء بلا حدود من حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحق النازحين، خاصةً في حال سيطرت قوات “الدعم السريع” على المدينة.

وتُعدّ هذه الكارثة الإنسانية الجديدة حلقةً في مسلسل الصراع المُمتدّ في إقليم دارفور منذ عام 2003، والذي أودى بحياة 300 ألف شخص وشرد 2.5 مليون آخرين.

وتتواصل الحربٌ بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، خلّفت 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى