تحقيقات

التصفية الجسدية في السودان.. إخوان السودان يواجهون خصومهم بالعنف


كشف القيادي البارز بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” في السودان، ياسر عرمان، عن مخطط لقيادات الإخوان المسلمين لتصفية أعضاء لجان الطوارئ الناشطين في إطعام جوعى الحرب، داعيًا إلى إطلاق حملة وطنية وعالمية لفضح هذا المخطط.

وأشار عرمان في تدوينة على منصة “إكس” بعنوان “ارفعوا أيديكم القذرة وتوقفوا عن محاولات تصفية قوى الثورة”، إلى مجزرة منطقة الحلفايا بالخرطوم بحري خلال سبتمبر/أيلول الماضي، التي راح ضحيتها العشرات من شباب لجان الطوارئ برصاص ميليشيا البراء بن مالك الإخوانية التي تقاتل مع الجيش السوداني.

حملة إجرامية

وأضاف عرمان: “أن هناك مخططًا وحملة إجرامية لتصفية قوى الثورة ولجان الطوارئ والمقاومة من الشجعان الذين تمسكوا بوجودهم في المدن والقرى في بلادنا، وما حدث في الحلفايا هو ما ظهر من جبل الجليد”.

وأكد أن قيادات الحركة الإسلامية وأجهزتها وميليشياتها من “علي كرتي إلى إبراهيم محمود” والمشاركين من القوات النظامية يتحملون المسؤولية كاملة، وهي جزء رئيسي من المخطط للقضاء على ثورة ديسمبر عبر إشعال الحرب، حسب قوله.

حملة لفضح المخطط

ودعا عرمان إلى حملة وطنية وعالمية لـ”فضح هذا المخطط وكشف المجرمين”، مشيرًا إلى أن هذه الجرائم تأتي متزامنة مع محاولات جر المجتمع السوداني إلى حرب إثنية وجهوية رفضها شعبنا، وفق قوله.

ورحب عرمان بتصريح سامانتا باور، مسؤولة هيئة المعونة الأمريكية، ضد تصفية مناضلي ومناضلات لجان الطوارئ، داعيًا إلى التواصل المباشر والكتابة إلى منظمات حقوق الإنسان والبرلمانات والكونغرس الأمريكي والمبعوثين الدوليين والمنظمات الإقليمية والدولية. كما دعا إلى حملة شاملة لوقف تصفية قوى ثورة ديسمبر، مؤكدًا أن “الفلول سيدفعون الثمن عاجلاً أو آجلاً”.

ميليشيات الإخوان

وظلت ميليشيات متشددة تتبع لجماعة الإخوان المسلمين تقاتل مع الجيش السوداني، وتفتك بالمدنيين في المناطق التي تسيطر عليها. حيث تقوم بعمليات القتل والتمثيل بالجثث، تحت ذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع.

وعلى رأس هذه الميليشيات الجهادية المتشددة ما يعرف بـ”كتيبة البراء بن مالك” التابعة لجماعة الإخوان المسلمين. التي تقاتل مع الجيش السوداني منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان العام الماضي.

وتضم هذه الميليشيا مقاتلين من مختلف الأجهزة العسكرية للإخوان. خصوصًا جهاز الأمن السري التابع للحركة الإسلامية برئاسة علي كرتي. الذي كان يعرف بـ”الأمن الشعبي” ذو السجل الدموي، وفقًا لحقوقيين.

انتهاكات واسعة بحق المدنيين

واتُّهمت ميليشيا “البراء بن مالك” بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين. شملت جز رؤوس ثلاثة شباب في مدينة الأبيض شمالي كردفان، في فبراير/شباط الماضي. بتهمة الانتماء لقوات الدعم السريع، قبل أن يتضح لاحقًا أنهم أبرياء كانوا في طريقهم إلى ذويهم وسط السودان. وقد أعلن الجيش وقتها تشكيل لجنة للتحقيق في الحادثة، لكن لم تظهر نتائجها حتى الآن.

كما اتُّهمت هذه الميليشيا في مايو/أيار الماضي بقتل أحد المواطنين. وبقر بطنه، والتمثيل بجثته من خلال إخراج أحشائه والتلويح بها في مشهد صادم. أردوا من خلاله القول إن هذا سيكون مصير كل المتعاونين مع قوات الدعم السريع.

وآخر جرائم ميليشيا البراء بن مالك المتشددة ما ارتكبته في منطقة الحلفايا بالخرطوم بحري، أواخر سبتمبر/أيلول الماضي. حيث أعدمت عشرات المدنيين في المنطقة بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.

وأكد ناشطون يومها أن التصفيات طالت نحو 120 مدنيًا على رأسهم أعضاء لجان الطوارئ بمنطقة الحلفايا، حيث أُعدموا بالرصاص بصورة جماعية. واعتبرت مجموعات حقوقية الحادثة جريمة ضد الإنسانية.

وكانت مصادر قد أكدت أن “مسلحين أغلبهم من كتائب ميليشيا البراء بن مالك الإسلامية التي تقاتل مع الجيش السوداني. ألقوا القبض على عشرات المدنيين من منازلهم في منطقة الحلفايا. واقتادوهم إلى ساحة عامة، ثم أطلقوا الرصاص عليهم وأعدموهم في وضح النهار”.

التخلص من الثورة

ويرى الخبير المتابع لنشاط الجماعات الإسلامية، صلاح حسن جمعة، أن المخطط الذي تدار به الحرب الجارية مصمم للقضاء على كل ما له صلة بثورة ديسمبر. لمحو آثارها عبر اتباع سياسة الأرض المحروقة.

وأضاف جمعة أن “الحرب الجارية أشعلها نظام الإخوان عبر أجهزته الأمنية. ويريد التخلص من الثورة التي أطاحت بحكمهم وأدخلت قياداتهم إلى السجون لمحاكمتهم على فسادهم الأخلاقي والمالي وجرائم أخرى تتعلق بالإبادة الجماعية في دارفور. ما جعلهم مطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية. ولذا يديرون الحرب الآن للتخلص من كل من يهددهم بتاريخهم الدموي”.

جرائم الإخوان

وأشار إلى أن هناك وقائع عديدة شاهدة على جرائم الإخوان المتعلقة بالتصفية الجسدية للمدنيين الذين يرفضون مشروعهم. بينها تصفية العشرات من الناشطين في منطقة الحلفايا بعد سيطرة الجيش وكتائب البراء وقوات العمل الخاص التابعة لجهاز الأمن السري للحركة الإسلامية.

وأضاف أن “الذين جرى تصفيتهم هم شباب عُزل كانوا يعملون في غرف الطوارئ والمطابخ الجماعية لإطعام المواطنين الموجودين في منطقة الحلفايا. هؤلاء الشباب نذروا أنفسهم لخدمة العالقين في مناطق الصراع. هم شباب ثورة ديسمبر ولهم إسهامات قبل الحرب وبعدها. لكن من الواضح جدًا أن نظام الحركة الإسلامية وأجهزته التي تسيطر على الجيش تتحمل المسؤولية عن هذه الجرائم ضد شباب لجان الطوارئ الموجودين في مناطق الصراع”.

وتلاحق جماعة الإخوان (الحاكمة في عهد الرئيس السابق عمر البشير) اتهامات بإشعال الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع. بهدف العودة إلى السلطة التي فقدتها في 19 أبريل/نيسان 2019 بعد ثورة شعبية انحاز لها العسكريون وقوتها.

ومنذ تفجر الصراع العسكري في 15 أبريل/نيسان 2023. سارع أنصار الرئيس السابق عمر البشير بقيادة علي كرتي إلى تأييد الجيش وأعلنوا انخراطهم في القتال إلى جانبه عبر ميليشياتهم المتعددة، إذ يتهم بأنها تتحكم حاليًا في قرار الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى