أحداث

البرهان يحرض على حرب أهلية

شبح الحرب الأهلية يدق أبواب السودان


مع تسارع وتيرة الحرب، استجاب قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، لدعوات تسليح أطلقها تنظيم “الإخوان”، ما يهدد بحرب أهلية.

وقال البرهان، في خطاب ألقاه بمنطقة “جبيت” العسكرية بولاية البحر الأحمر شرقي البلاد: “سنذهب إلى الأمام للإعداد لمعركة الكرامة، والآن كل الشعب السوداني يقف معنا، ويتسلح ليحمي مع الجيش البلاد، والشباب يعدون أنفسهم في مجموعات المقاومة الشعبية للقتال إلى جانب الجيش”.

وأضاف: “نرحب بالمقاومة الشعبية ونسلحها، لكن يجب تقنين هذا السلاح ليكون مسجلا ومعروفا تفاديا لأي مشكلة في المستقبل”.

ومؤخرا، تبنى “الفلول”، وهو لفظ يطلق على عناصر تنظيم الإخوان من النظام السابق، في ولايات مختلفة حملات مكثفة لتسليح المواطنين، بحجة حماية مناطقهم من قوات “الدعم السريع” التي وسعت دائرة انتشارها خارج العاصمة الخرطوم.

وحظيت حملات الاستنفار والتعبئة والتسليح، بتأييد لافت من قيادات وأنصار النظام البائد (الفلول)، وتشجيع من زعماء قبائل وعشائر وإدارات أهلية.

ملاحقة المستنفرين

لكن في المقابل، حذر قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) في كلمة متلفزة الإثنين الماضي من عمليات الاستنفار، وأوضح أن “قواته مصممة وقادرة على ملاحقة الانقلابيين المستنفرين الذين يدقون طبول الحرب”.

وأضاف، “بعد 9 أشهر من الانتصارات العسكرية المتواصلة، وهزيمة العدو في الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة، يجب عليهم الإقرار علنا بأنهم خسروا هذه الحرب وفشلوا فيها، وعليهم التوقف عن الاستنفار والقتال وتدمير البلاد والتمهيد لإنهاء الحرب وبدء العملية السياسية”.

وكان البرهان أعلن في يونيو/حزيران الماضي التعبئة العامة والاستنفار، ودعا الشباب القادرين على حمل السلاح إلى التوجه إلى أقرب وحدة عسكرية.

“أصل الحرب”

ومع تصعيد حملة التعبئة والاستنفار، رفض عضو مجلس السيادة السابق والقيادي بقوى الحرية والتغيير محمد الفكي سليمان، تأييد دعوات المقاومة الشعبية، واعتبرها ‏”دعوة حق أُريد بها باطل”.

وتابع “تتغذى هذه الدعوات بالأساس على مخاوف المدنيين الذين تركتهم دولتهم دون حماية في مواجهة انتهاكات واسعة”، ورأى أن خطاب الاستنفار في جوهره أصل الحرب “لأن العملية بأكملها يديرها فلول النظام السابق”.

وطالب الفكي، في منشور على منصة “إكس”، القوات المسلحة بإصدار بيان واضح بشأن خطوات التسليح الجارية الآن، ومن يقوم بها؟ وكيف سيُجمع هذا السلاح مستقبلا؟ وتابع “ما يحدث الآن يؤكد أن إيقاف الحرب واجب لا يقبل التأجيل قبل أن نصل إلى مرحلة الحرب الأهلية الشاملة”.

الحريق الشامل

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي، الطيب زين العابدين، أن “خطاب قائد الجيش السوداني، الجنرال عبدالفتاح البرهان، بشأن تسليح المواطنين، أمر خطير للغاية، وسيمزق البلاد إلى أشلاء، خاصة أن البلاد هشة وعاشت حروبا مستمرة في دارفور (غرب) وجنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق)”.

وتابع زين العابدين في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن “البلاد عبارة عن قنبلة موقوتة، والتسليح العشوائي من أجل قتال قوات الدعم السريع يعني الحريق الشامل”.

من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، محمد لطيف، إن “الجيش السوداني ليس لديه خطة ورؤية واضحة، لتحرير المناطق الواسعة التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع، ليطالب الشعب السوداني بمساندته ودعمه فيما سماها معركة الكرامة”.

وأوضح لطيف في تسجيل صوتي نشره عبر منصات التواصل الاجتماعي، أن “التحشيد والحديث عن المقاومة الشعبية وتوزيع السلاح وتصعيد لغة الحرب وخطاب الكراهية، يعني صب الزيت على النار المشتعلة”.

وأضاف، “تسليح المواطنين تجارة رخيصة وسلوك ينم عن غباء، وهناك جهات حريصة على استمرار الحرب من أجل الحرب وليس لأي هدف آخر”.

خطة نشر السلاح

ويسعى تنظيم “الإخوان”، إلى نشر السلاح بين المكونات المجتمعية في البلاد، لكي تأخذ الحرب أشكالا أخرى، أكثر بشاعة وتعقيدا، بعد أن فقد الجيش السوداني السيطرة على المعركة في ميادين القتال، وفق مراقبين.

وانتظمت حملات استنفار وتدريب وتسليح للمواطنين في ولايات الجزيرة والنيل الأبيض وسنار والقضارف، ونهر النيل، والشمالية، وكسلا، والقضارف والبحر الأحمر، تحت اسم “المقاومة الشعبية المسلحة”.

وخلال الأيام الماضية، أعلن حاكم ولاية نهر النيل محمد البدوي، أمام حشد كبير من مواطني مدينة شندي، تدريب الشباب على حمل السلاح، كما تعهد قائد سلاح المدفعية، اللواء محمد الأمين بفتح مخازن الأسلحة لتوزيعها على المتطوعين.

وفي لقاء بمدينة سواكن على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان، أعلن حاكم ولاية البحر الأحمر مصطفى محمد نور، تدشين “المقاومة الشعبية المسلحة”، وأكد جاهزية مواطني ولايته للدفاع عن منطقتهم.

من جانبه، قال زعيم قبائل البجا في شرق السودان، محمد الأمين ترك، أمام آلاف من أنصاره إن زمن المفاوضات مع “الدعم السريع” انتهى، وجاهزون لحمل السلاح.

تأجيج الصراعات

وبصفة عامة، لدى السودانيين تجارب في تسليح المدنيين .لكنها أدت إلى تأجيج الصراعات مثلما حدث في إقليم دارفور غربي البلاد. حيث اندلع النزاع في العام 2003 .وراح ضحيته 300 ألف قتيل بالإضافة إلى نزوح 2.5 مليون ساكن من منازلهم. وفق الأمم المتحدة.

وتفيد إحصائية رسمية صدرت في العام 2018. بوجود 5 ملايين قطعة سلاح بحوزة المدنيين في مختلف مناطق البلاد.

وقُدر عدد المواطنين الذين خضعوا للتدريب في الولايات خلال الأشهر الماضية بأكثر من 400 ألف. لكن عدد من انخرطوا في القتال إلى جانب الجيش، محدود للغاية.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023. يشهد السودان حربا بين الجيش و”الدعم السريع” خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى