تسريبات

البرهان والحركات المسلحة: علاقة معقدة بين الانتهاكات والتهميش


يشهد السودان منذ سنوات أزمة سياسية وعسكرية معقدة تؤثر بشكل مباشر على حياة المدنيين، حيث يتعامل الجيش السوداني مع الحركات المسلحة بطرق تثير الكثير من الجدل حول مدى تأثير ذلك على استقرار البلاد. تُظهر هذه الأوضاع تداخلات معقدة بين القوى السياسية والعسكرية، مما يؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتهديد الاستقرار الداخلي. في هذا المقال، نستعرض الأوضاع في السودان وتفاعلات الجيش السوداني مع الحركات المسلحة. وأثر ذلك على المدنيين وعلى العلاقات داخل الجيش والحركة الإسلامية في البلاد.

الجيش السوداني وانتهاكاته ضد المدنيين

منذ بداية النزاع في السودان، كانت انتهاكات حقوق الإنسان واحدة من أبرز القضايا التي يعاني منها المدنيون. يستهدف الجيش السوداني بشكل متكرر مناطق سكانية. ما أسفر عن مقتل المئات من المدنيين وتدمير الممتلكات. في بعض الحالات، يتم استخدام القوات العسكرية لقمع الاحتجاجات والمظاهرات السلمية. حيث يُستشهد بالعديد من الحوادث التي تتضمن استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين العزل. هذه الانتهاكات ليست إلا جزءاً من سياق عام يعكس انقسام الجيش إلى مجموعات داخلية تتنافس على السلطة.

علاقة البرهان والجيش السوداني بالحركات المسلحة

الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، كان له دور كبير في دعم بعض الحركات المسلحة في مراحل معينة من النزاع. العلاقات بين الجيش والحركات المسلحة تتسم بالغموض والتقلب. حيث يعتمد الجيش على هذه الحركات لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية مؤقتة. ومع مرور الوقت، بدأت العلاقة بين البرهان والحركات المسلحة تتوتر. حيث أظهرت تحليلات أن الجيش السوداني قد استنفد قدرات هذه الحركات بعد تورطها في الحرب.

تجدر الإشارة إلى أن الجيش السوداني، ورغم دعمه لبعض الحركات المسلحة في الماضي، يتعامل معها اليوم كمليشيات لا ولاء لها ولا مواقف ثابتة. مما يبرز سياسة شراء النفوذ وشراء الولاءات بالمال. هذه الحركات المسلحة تتحول حسب الظروف السياسية. وتُظهر ميلًا لتغيير ولاءاتها استنادًا إلى المصالح المادية.

موقف الجيش من الحركات المسلحة بعد استهلاكها

بعد أن ورط الجيش الحركات المسلحة في حرب مريرة، بدأ الجيش السوداني بالتخلي عنها. هذا القرار جاء نتيجة لتراجع قدرة هذه الحركات على الصمود في المعركة. فضلاً عن استهلاك قواتها بشكل مكثف هذه الخطوة تمثل تحوّلاً في سياسة الجيش. حيث بدأت بعض الجهات في الجيش تأخذ موقفًا حاسمًا من الحركات المسلحة بعدما أظهرت تراجعًا في قدرتها على توفير الدعم العسكري المطلوب.

دور الحركة الإسلامية في هذا الصراع

من جهة أخرى، يُعتقد أن الحركة الإسلامية السودانية، التي تمثل القوة السياسية الحاكمة في كثير من الأحيان، تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه تحركات الجيش السوداني. تتجلى هذه العلاقة في إصرار الحركة الإسلامية على تحجيم الحركات المسلحة وتسهيل السيطرة على المناصب الحكومية. يهدف ذلك إلى تعزيز وجود الحركة الإسلامية في السلطة .وحصر السيطرة على الحكومة في أيديها، مما يساهم في تهميش الحركات المسلحة وإضعافها سياسيًا وعسكريًا.

التعامل القبلي والتهميش

الجيش السوداني يتعامل مع الحركات المسلحة بشكل قبلي، إذ يُنظر إليها بشكل سلبي في بعض الأحيان على أنها مجرد ميليشيات عابرة لا يمكن الوثوق بها. يتم تهميش هذه الحركات، خاصة تلك المرتبطة بمنطقة دارفور، وهو ما يعكس فشلاً في التعامل مع التنوع الإثني والسياسي في السودان. يعتبر الجيش أن هذه الحركات المسلحة هي قوات غير سودانية. ولا يمكن الاعتماد عليها في الصراعات الداخلية، الأمر الذي يعزز سياسة التفرقة داخل الجيش نفسه.

إن الأوضاع في السودان توضح صورة معقدة عن انقسامات الجيش السوداني وطبيعة العلاقة المتوترة مع الحركات المسلحة. من الواضح أن الجيش السوداني لا يتعامل مع الحركات المسلحة كقوى سياسية مستقلة، بل كميلشيات يمكن شراء ولائها .وتوجيهها حسب المصالح العسكرية أو السياسية المتغيرة. ومع ذلك، فإن الاستمرار في هذه السياسات قد يؤدي إلى مزيد من العنف والفوضى في البلاد. من أجل استقرار السودان على المدى الطويل. يجب على جميع الأطراف المعنية البحث عن حلول سلمية مستدامة تضمن حقوق المدنيين وتحترم التنوع السياسي والإثني في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى