الإخوان يورّطون الجيش السوداني في مواجهة المجتمع الدولي
في خطوة فُسّرت على أنّها انصياع كامل لإملاءات جماعة الإخوان، نسف الجيش السوداني آمال ملايين السودانيين في هدنة مرتقبة برعاية أمريكية، معلنًا تمسكه بخيار الاقتتال ورفضه لغة السياسة.
الرفض العسكري للهدنة التي كانت المجموعة الرباعية الدولية (الإمارات ومصر والسعودية والولايات المتحدة) قد طرحتها، ووافقت عليها “قوات الدعم السريع”، هذا الرفض لم يُنظر إليه كقرار سيادي للمؤسسة العسكرية، بل كاستجابة مباشرة لأجندة “التنظيم الإخواني” الذي يرى في استمرار الحرب طوق النجاة الوحيد لضمان دوره في أيّ مشهد سياسي قادم.
ووفق ما نقلت (العين الإخبارية)، يرى مراقبون أنّ بيان مجلس الأمن والدفاع السوداني، الذي أكد عزم الجيش وحلفائه على مواصلة الحرب، جاء ليعكس عمق “التماهي” بين قيادة الجيش ورغبات جماعة الإخوان.
وفي هذا السياق اعتبر عضو قيادة “تضامن” (تجمع للضباط المتقاعدين)، العميد وليد عز الدين، أنّ بيان الجيش كشف عن “تناقض معيب”، مؤكدًا أنّ العسكريين “وجدوا أنفسهم غارقين في التماهي مع رغبة حلفائهم من التنظيم الإخواني”.
وأوضح عز الدين في تصريح صحفي أنّ الإخوان يرفضون الهدنة، وأيّ تسوية سياسية “لا تُبقيهم في المشهد بعد انتهاء الحرب”.
وشدد على أنّ هذا “التماهي في إرضاء جماعة الإخوان” يضع قيادة الجيش في “خانة التصنيف بالانسجام مع أجندة التنظيم”، أكثر من كونها قيادة عسكرية تسعى لإنهاء الصراع.
ولم يكن الرفض مفاجئًا لمن يتابع خطاب قيادة الجيش، فالمحلل السياسي حاتم طه يرى أنّ ما يحدث هو “ممارسة مدروسة للمراوغة السياسية” هدفها الأول إرضاء الداخل، وتحديدًا “الصف الإخواني”.
وقال طه: إنّ بيان مجلس الأمن والدفاع خلا من أيّ لغة إيجابية نحو السلام، أو تخفيف الأزمة الإنسانية، وركّز بدلًا من ذلك على “الاستنفار العام واستمرار العمليات العسكرية”.
وأكد طه أنّ هذا الخطاب “موجهٌ للداخل، للصف الإخواني أوّلًا، وللدوائر العسكرية التي تخشى أن يُستغل اتفاق الهدنة لتقليص نفوذها ثانيًا”.
ويكشف إصرار الجيش على الحرب، مدفوعًا من الإخوان، عن “خوفٍ مزمنٍ من مواجهة الحقيقة” واستحقاقات السلام، خاصة بعد تدهور الموقف العملياتي بسقوط الفاشر.
ويشير المحلل وليد عز الدين إلى أنّ سقوط الفاشر “خلط الأوراق”، ولم تعد بيد القيادة العسكرية أوراق قوة، وهو ما دفعها إلى إصدار بيان “فاقد للتوازن والإرادة والحكمة”، ينسجم مع رغبة حلفائها الإخوان في الهروب من أيّ مفاوضات.
ويختم حاتم طه حديثه بالتحذير من أنّ “خطاب الحرب” تحوّل إلى “أداة لتثبيت الولاء السياسي” للتنظيم، وهو ما يفقد الجيش وظيفته الوطنية ويحوّل البلاد إلى “مسرح للإنكار يفاقم أرقام القتلى ومعاناة الجوع والمرض”.
وكانت “قوات الدعم السريع” قد أعلنت موافقتها على مقترح المجموعة الرباعية الدولية (الإمارات ومصر والسعودية والولايات المتحدة) لهدنة إنسانية في السودان.
وقال المتحدث باسم قوات الدعم السريع في بيان نُشر أوّل من أمس: “تلبية لتطلعات ومصالح الشعب السوداني، تؤكد قوات الدعم السريع موافقتها على الدخول في الهدنة الإنسانية المطروحة من قبل دول الرباعية، وذلك لضمان معالجة الآثار الإنسانية الكارثية الناجمة عن الحرب وتعزيز حماية المدنيين.”




