اثيوبيا من غريم إلى وسيط في أزمة السودان
التقى رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الذي كانت بلاده في خلاف شديد مع الخرطوم بسبب مشاكل حدودية وتوترات أمنية، مع قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان اليوم الثلاثاء، ليصبح أول زعيم أجنبي يزوره في عاصمته الحربية بورتسودان منذ بدء الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتأتي الزيارة التي ينظر لها على نطاق واسع على أنها محاولة من أديس أبابا لدفع جهود السلام والتوسط بين طرفي الأزمة بالتوازي مع جهود إقليمية أخرى تبذل لجمع قائدي الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) والجيش (البرهان) وجها لوجه لحل الخلافات العالقة وانهاء الحرب التي تنذر بزعزعة الاستقرار في المنطقة.
ومن غريم وخصم لقائد الجيش السوداني، إلى وسيط، يبدو أبي أحمد عازما على لعب دور محوري في رأب الصدع بين البرهان وحميدتي وإن لم تظهر بعد أي تفاصيل دقيقة عن خارطة طريق محتملة قد يقدمها لنزع فتيل الأزمة. وإثيوبيا الدولة الجارة تتأثر حتما بتوسع الحرب في السودان شأنها في ذلك شأن بقية دول الجوار ومن مصلحتها انتهاء الأزمة الحالية.
وكثّف البرهان خلال الآونة الأخيرة من جهوده لوضع حد لعزلته الدولية المتفاقمة، في وقت نجح فيه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” في إقناع الدول الأفريقية التي زارها خلال جولته الأخيرة بوجاهة مبادرته الرامية إلى إنهاء الأزمة وتأسيس الدولة السودانية الجديدة.
وباتت العديد من دول الجوار تنظر إلى البرهان على أنه جزء من الأزمة، خاصة بعد أن أجهض العديد من المبادرات التي كانت تهدف إلى إرساء هدنة في الحرب الدائرة، رغم فقدانه السيطرة على العديد من المناطق السودانية، مقابل تحقيق قوات الدعم السريع لمكاسب ميدانية هامة.
ووصف أبي الزيارة بأنها جاءت ضمن مسعى لتحقيق الاستقرار في السودان بعد مرور ما يقرب من 15 شهرا على اندلاع الصراع. وكان يُنظر إلى أبي في السابق على أنه أقرب إلى قوات الدعم السريع من الجيش وسبق أن استضاف قائدها محمد حمدان دقلو في أديس أبابا في ديسمبر/كانون الأول.
وأجبرت الحرب في السودان نحو 10 ملايين شخص على ترك منازلهم وخلقت ظروفا أشبه بالمجاعة في أنحاء من البلاد وهددت بزعزعة استقرار المنطقة.
وبينما سيطرت قوات الدعم السريع على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ووسط وغرب البلاد، يسيطر الجيش على ولايات في الشرق والشمال، منها بورتسودان التي اتخذ منها قاعدة له.
وتعثرت العام الماضي محادثات استضافتها السعودية والولايات المتحدة في جدة بهدف التوسط من أجل وقف إطلاق النار، كما باءت حتى الآن محاولات إعادة الجيش إلى طاولة المفاوضات بالفشل.
وأظهرت صور نشرها الجانبان البرهان وأبي يضحكان ويسيران جنبا إلى جنب بعد وصول الزعيم الإثيوبي. ووصف مكتب أبي الزيارة عبر منصة التواصل الاجتماعي ”إكس” بأنها جزء من الجهود الرامية إلى إيجاد “حلول مستدامة لاستقرار السودان”.
وقال مصدر مطلع إن لدى أبي فرصة أفضل لتحقيق انفراجة من خلال وجوده بشكل شخصي، مضيفا “وجود السودان ذاته أصبح على المحك، وعندما أدار العالم ظهره له أبدى رئيس الوزراء الإثيوبي اهتمامه البالغ بالسودان”.
وتأتي الزيارة بعد هجوم لقوات الدعم السريع على ولاية سنار بجنوب شرق البلاد الشهر الماضي مما أدى إلى اقتراب الحرب من حدود السودان مع إثيوبيا. وكانت هناك دلائل على أن قوات الدعم السريع توغلت بولاية القضارف التي تستضيف أكثر من 600 ألف نازح سوداني بالإضافة إلى عشرات الآلاف من اللاجئين الإثيوبيين.
وقال مزارعون سودانيون في الولاية الشهر الماضي إن عناصر من ميليشيا فانو الإثيوبية دخلت منطقة الفشقة المتنازع عليها بين البلدين. وقال أبي في كلمة ألقاها الاثنين إنه لن يستغل الحرب لتسوية القضية وإن حكومته لن تقف إلى جانب أي من الأطراف وتأتي زيارة أبي إلى بورتسودان أيضا على الرغم من التوتر السابق مع الجيش.
واختار زعيم قوات الدعم السريع أديس أبابا مكانا للقاء تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ”تقدم” التي انتقدها الجيش وزعم أحد نواب البرهان العام الماضي أن مقاتلين إثيوبيين يدعمون قوات الدعم السريع.
وقال آلان بوسويل مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية “السؤال الكبير الذي يطرحه الكثيرون هو ما إذا كان أبي يستطيع أن يضع نفسه وسيطا بين البرهان وحميدتي، أو يحمل رسائل بينهما”.