أول أيام العيد بالسودان.. التفاصيل
لم يهنأ سكان الخرطوم بأول عيد أيام الأضحى، إثر تواصل الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني و”الدعم السريع”، رغم إعلان الهدنة.
وأفاد شهود عيان أن الاشتباكات العنيفة تجددت جنوبي العاصمة الخرطوم بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وأكد الشهود أن الطيران الحربي وجه ضربات عسكرية مع سماع أصوات المضادات الأرضية، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية على الأرض.
وطبقا للشهود فإن الطيران الحربي حلق أيضا بكثافة بمدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
وفي مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، أفاد شهود عيان بسماع دوي المدافع جراء الاشتباكات بين القوتين المتحاربتين.
ومساء الثلاثاء، أعلن قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، عن وقف إطلاق النار من جانب واحد في أول أيام عيد الأضحى المبارك.
ومساء الإثنين، أعلن قائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي” عن “هدنة من جانب واحد بمناسبة عيد الأضحى” لمدة يومين ابتداء من الثلاثاء.
القصف العشوائي
ومع استمرار الاشتباكات والقصف العشوائي، وقبل يومين من عيد الأضحى، قتل نحو 12 من أسرة واحدة بحي “الحاج يوسف” بمدينة بحري جراء القصف العشوائي للطيران الحربي.
وأفاد أحد السكان بأن “الطيران الحربي استهدف تجمعات لقوات “الدعم السريع” لكن القذائف الطائشة أصابت منزلين متجاورين ما أدى إلى مقتل 12 من أسرة واحدة”.
وأضاف “القصف العشوائي قتل الأبرياء داخل منازلهم، ولا بد من إيقاف الحرب فورا”.
وفي أحياء جنوب العاصمة الخرطوم تسبب القصف العشوائي للطيران الحربي أيضا في انهيار منازل جزئيا وكليا.
وأفاد شهود عيان بأن الطيران الحربي قصف أحياء مايو والأزهري، جنوبي العاصمة الخرطوم، ما أدى إلى إصابة مواطنين وانهيار منازل.
عيد بلا أضاحٍ
وفي أول أيام العيد، عانى معظم سكان العاصمة الخرطوم من انعدام الأموال، الأمر الذي حرمهم من شراء الأضاحي.
ويقول عبدالوهاب موسى، موظف حكومي: “مع عدم صرف الرواتب الشهرية منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي، تعقدت أوضاعنا المالية، وأصبحنا غير قادرين على شراء الاحتياجات الضرورية”.
وأشار موسى إلى أنه “مع انعدام المال فشلت في شراء الأضحية، وأبنائي الصغار يسألون، ولكن كل التبريرات باءت بالفشل”.
وأضاف “فرحة العيد منقوصة وأطفالي الصغار حزينون لعدم شراء الأضحية”.
من جهته يقول أنور عبدالرحمن وهو أستاذ جامعي، إنه “نسبة لتوقف الراتب الشهري، حياتنا تعقدت بصورة مدهشة، ولا أستطيع شراء المستلزمات اليومية”.
وأشار عبدالرحمن “كل وعود إدارة الجامعة بصرف الرواتب الشهرية باءت بالفشل، لذلك لا أستطيع شراء الأضحية لهذا العام”.
وأردف، “نتمنى إيقاف الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها”.
معاناة مضاعفة
ما زالت معظم المستشفيات داخل العاصمة الخرطوم تعاني التردي ونقص الخدمات الضرورية خاصة الكهرباء والمياه.
وأفادت مصادر طبية أن الوضع في المستشفيات كارثي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، جراء نقص الطواقم الطبية والأدوية.
كما أبلغ شهود من داخل مستشفى “البان جديد” بمدينة شرق النيل، بأن الوضع هناك ينذر بالخطر.
وطبقا للشهود، فإن المستشفى يعاني نقصا كبيرا في الكوادر الصحية والإمداد الدوائي وأكياس الدم، والمرضى يفترشون الأرض، مع انتشار البعوض، وانقطاع الكهرباء والمياه، ما فاقم الأوضاع إلى الأسوأ”.
دعوات للحوار
وفي ظل استمرار المعارك الحربية وفشل الهدن الإنسانية، طالبت نقابة أطباء السودان (غير حكومية) بنبذ العنف والتطرف.
وحثت النقابة المكونات والكيانات المدنية والخدمية والنقابية والأهلية والطوعية في العاصمة والأقاليم، في الحضر والبادية، داخل أرض السودان الفتية وخارجها، وفي العالم الافتراضي، على بث روح السلم الاجتماعي والسواء الإنساني ونبذ العنف والتطرف والشتات وخطابات الكراهية والعنصرية والاصطفاف الجهوي وكل ما شأنه أن يزيد النار فوق هشاشة هشيم أرضنا.
من جهتها أعلنت قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم السابق) بالسودان، استمرار دورها المتواصل دون انقطاع ومنذ اليوم الأول لهذه الحرب للوصول لإيقاف إطلاق النار تمهيدا لوقفها.
وذكر التحالف في بيان “نثمن في ذات السياق إعلانات طرفيها بشكل منفرد عن هدنة يوم عرفة وأول أيام عيد الأضحى المبارك وإعلان الدعم السريع إطلاق سراح عدد من الأسرى بمناسبة العيد المبارك”.
ودعا الطرفين إلى الإفراج فوراً عن الأسرى والمعتقلين، وتغليب مصلحة الوطن بالوقف الفوري للحرب وكافة الانتهاكات المصاحبة لها.
ويتبادل الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اتهامات ببدء القتال أولا ثم ارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات سابقة لم تفلح في وضع نهاية للاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل الماضي، والتي خلّفت قتلى وجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في إحدى أفقر دول العالم.