أحداث

خيانة أم تصفية حسابات: جيش البرهان يقصف الفرقة السادسة في الفاشر


كشفت مصادر عسكرية بقيادة الفرقة السادسة مشاة بالفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور عن مقتل اثنين من الضباط وإصابة آخر وهروب آخرين؛ إثر اشتباك في صفوف الجيش داخل القيادة السبت، في حادثة تعد امتدادا لتفاقم الخلافات داخل المؤسسة العسكرية بدأت مع اقتراب محادثات جنيف، وسط حديث عن عدم قدرة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان السيطرة على الأوضاع.

وقالت المصادر العسكرية إن الفرقة السادسة مشاة تواجه تذمرا واسعا واتهامات بالخيانة بعد غارات جوية خاطئة. حيث شن الطيران الحربي السبت، غارات بالخطأ على مقر سلاح النقل داخل الفرقة السادسة مشاة، مما أدى لمقتل 5 جنود وإصابة 9 آخرين.

وكشف ضابط برتبة ملازم، عن فرار ضباط آخرين وقال الضابط الذي فضل حجب إسمه لـ “دارفور24” إن مسؤول الاستخبارات العسكرية بقيادة الفرقة السادسة مشاة ضمن الضباط الفارين.

وأشارت المصادر إلى أن الضابطين المقتولين أحدهما؛ ضابط إداري متهم بالوقوف وراء جهاز التشويش وآخر برتبة ملازم قلل من حجم الحادثة، بينما المصاب وهو ضابط برتبة مقدم مسؤول من السيطرة والذي وجه طاقم الطائرة بضرب الموقع. ولفت إلى أن قيادة الفرقة السادسة مشاة كادت أن تشهد السبت، انفجارا لولا تدخل قائد الثاني لاحتواء الموقف.

وتناقل ناشطون على الشبكات الاجتماعي هذه الأنباء مع جدل واسع وانتشار روايات متباينة للأسباب وراء قصف طيران الجيش مقر قيادته في الفاشر.

وأشار بيان للقوات المشتركة التابعة للجيش إلى تعرض الطائرة التي نفذت الغارة إلى “تشويش” أدى لقصف المقر بالخطأ، بينما ذهبت روايات أخرى إلى اتهام الجيش بقصف المقر عمدا بهدف “تحييد” مخازن الأسلحة كانت هدفا لقوات الدعم السريع، إلى جانب إحباط محاولة كان يقوم بها ضباط وجنود للفرار من المدينة.

وذكر بيان منسوب لقيادة القوات المشتركة، التي تضم الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه، على منصة إكس، الحادثة إلى “تشويش” تعرضت له إحدى الطائرات التي نفذت عدد من الغارات الجوية على مدينة الفاشر.

وتشهد قيادة الفرقة السادسة مشاه بالفاشر منذ فترة طويلة اتهامات لقائد الفرقة وقائد الاستخبارات وآخرين بالتخابر لصالح قوات الدعم السريع على غرار الاتهامات التي طالت قيادات الجيش في الجزيرة وسنار.

وبرزت الخلافات الداخلية بشكل واضح منذ أشهر، من خلال القرار الذي أصدره البرهان في أبريل الماضي، والذي يقضي بإقالة وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، وتكليف نائبه حسين عوض وكيل وزارة الخارجية بأداء مهامه، بالإضافة إلى إقالة واليي كسلا والقضارف، في الوقت الذي كانت فيه الاشتباكات المسلحة لا تزال على أشدها بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مختلف مدن البلاد.

ونقلت صحيفة “الراكوبة” المحلية عن ضابط سابق في الجيش، اشترط عدم الكشف عن اسمه، قوله إن أسباب فشل الجانب الاستخباراتي تكمن في سيطرة ضباط موالين لقوات الدعم السريع على مراكز استخباراتية حساسة قبل الحرب، إضافة إلى الدمار الهائل الذي تعرضت له وحدات التحكم الاتصالي خلال الأيام الأولى من القتال.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع استفادت من إستراتيجية “الاستنزاف البطيء” التي تستخدمها حاليا في سنار والفاشر واستخدمتها من قبل في مناطق عسكرية داخل الخرطوم مثل المدرعات ومنطقة جبل أولياء العسكرية. وقدر ضابط كبير سابق في الجيش خسائر القوات المسلحة منذ اندلاع الحرب مع الدعم السريع في منتصف أبريل 2023 بأكثر من 5 آلاف ضابط وجندي قتلوا في مختلف مناطق العمليات ونحو 3 آلاف وقعوا في الأسر إضافة إلى إنفاق نحو 10 مليارات دولار في المجهود الحربي المباشر وغير المباشر.

وعزا الضابط الخسائر المادية والبشرية الضخمة للجيش وفقدانه نحو 70 في المئة من أراضي البلاد إلى ثلاثة أسباب؛ ضعف العمل الاستخباراتي وتعدد مراكز القرار داخل الجيش وإستراتيجية الدعم السريع الاستنزافية. وتابع أن الخسائر قد تكون أكبر بذلك بكثير نظرا لتكتم الدوائر المختصة داخل المؤسسة العسكرية على البيانات المتعلقة بالخسائر اليومية، مشيرا إلى مقتل أكثر من 50 ضابطا بمختلف الرتب من الجيش والمجموعات التي تقاتل معه خلال الأيام الثلاثة الماضية في أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري والفاشر وسنار.

وأكد الضابط فشل الإستراتيجية العسكرية التي اتبعها الجيش منذ بدء الحرب وتغيرها ثلاث مرات من الهجوم ثم الدفاع إلى إستراتيجية القنص والهجمات المباغتة، لافتا إلى فشل إستراتيجية الهجوم الجوي المدعومة من دولة مجاورة وتسببها في انتقادات حادة للجيش بسبب الخسائر الجسيمة التي أحدثتها في أوساط المدنيين والبنى التحتية وعدم قدرتها على إلحاق أضرار كبيرة بقوات الدعم السريع التي استخدمت إستراتيجية استنزافية مستفيدة من قدرتها الفائقة على إدارة حرب المدن وتفوقها الاستخباراتي التكتيكي الذي أفشل معظم الهجمات الجوية وحدّ من تأثيرها المباشر عليها.

وقال الضابط “عندما اندلعت الحرب كانت الميزة التفوقية الوحيدة التي يمتلكها الجيش هي الطيران الحربي، لكن سرعة قوات الدعم السريع في تحييد قاعدة مروي قبل اندلاع الحرب، والتي نقلت إليها معظم الطائرات والأجهزة الجوية قبل الحرب بشهرين، أسهمت في تقليص القدرات الجوية للجيش رغم الدعم الذي وجدته من دولة مجاورة بعد اندلاع الحرب”.

وأضاف “لم تستطع الهجمات الجوية تحقيق سوى أقل من 5 في المئة من أهدافها الموجهة نحو الدعم السريع، لكنها أدت في المقابل إلى مقتل 80 في المئة من الضحايا المدنيين الذين سقطوا خلال الحرب والذين قدرتهم منظمة جونسايد ووتش بأكثر من 100 ألف، كما أحدثت خسائر في البنى التحتية للبلاد قدرت بعشرات المليارات من الدولارات”.

وكانت بعض المصادر العسكرية السودانية قد أكدت انتشار ميليشيات مسلحة تؤجّج نار الحرب والصراع برعاية الجيش، متمثلة في مجموعات محسوبة على الإسلاميين تقاتل إلى جانبه في المعارك الدائرة حالياً في البلاد. وقال مراقبون إنه إلى جانب بعض قادة الجيش توجد أيضا رغبة شعبية شديدة في إبعاد الإسلاميين عن المقاومة الشعبية والصراع بشكل عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى