أحداث

بعرقلة المفاوضات ووصول المساعدات.. الجيش يفاقم معاناة المدنيين


قال وسطاء بقيادة الولايات المتحدة الجمعة إنهم حصلوا على ضمانات من الطرفين المتحاربين في السودان خلال محادثات في جنيف بتحسين وصول المساعدات الإنسانية، لكن غياب الجيش السوداني عن المحادثات أعاق التقدم، في الوقت الذي لجأ إلى التصعيد العسكري كرسالة تحد للمجتمع الدولي والولايات المتحدة التي تضغط لإحلال السلام.

واتهمت قوات الدعم السريع في السودان الجيش بتصعيد الهجمات الجوية على المناطق السكنية في عدد من المناطق وكذلك استهداف قوافل المساعدات الإنسانية بسبب موقفها الرافض للمشاركة في مفاوضات جنيف.

وعلى مدى عشرة أيام من المحادثات، حاولت مجموعة جديدة تضم وسطاء من السعودية ومصر والإمارات التفاوض على زيادة المساعدات وتوفير الحماية للمدنيين الذين يواجهون المجاعة والنزوح الجماعي وانتشار الأمراض بعد 16 شهرا من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وأفاد الوسطاء الذين أطلقوا على أنفسهم اسم مجموعة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان” إنهم حصلوا على وعود بالسماح بتدفق المساعدات عبر معبر أدري الحدودي من تشاد إلى منطقة دارفور وعلى طول طريق الدبة من بورتسودان على البحر الأحمر. كما أفادوا بإحراز تقدم نحو فتح طريق آخر عبر تقاطع سنار.

لكنهم أقروا أن أي تقدم ما زال أقل بكثير من الاستجابة اللازمة لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وقال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو في مؤتمر صحافي في جنيف “نأمل أن يكون هذا مصدر زخم لخطوات أكبر بكثير وتقدما على الطريق”. وأضاف “المحزن هو أن الأزمة في السودان حادة إلى درجة أننا قد نجري أربع جولات من المفاوضات ولا نصل بالكاد إلى لقدر محدود للغاية مما يستحقه الشعب السوداني”.

وفي ما يكشف جحم التحديات، لم يتم إرسال سوى جزء ضئيل من المساعدات المتاحة في أدري هذا الأسبوع لأن الحكومة المتحالفة مع الجيش فرضت وقفا على الحركة بعد فتح المعبر لأول مرة منذ أشهر.

وفشلت الضغوط الدبلوماسية المكثفة في إقناع الجيش بإرسال وفد رسمي إلى سويسرا على الرغم من أن الوسطاء قالوا إنهم على اتصال مع الجيش عمليا.

وقالت المجموعة في بيان “رغم أننا كنا على اتصال مستمر مع القوات المسلحة السودانية عمليا، نأسف لقرارهم عدم الحضور. ونعتقد أن هذا قلص قدرتنا على إحراز تقدم جوهري أكبر في قضايا رئيسية، وخاصة وقف أعمال القتال على الصعيد الوطني”.

واعترض الجيش على مشاركة الإمارات في المحادثات لأنها قدمت دعما ماديا لقوات الدعم السريع وفقا لتقارير يقول خبراء الأمم المتحدة إنها ذات مصداقية. ونفت الإمارات إرسال أسلحة لقوات الدعم السريع.

وقال بيرييلو في مقابلة لاحقة إن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان كان منفتحا على مشاركة الجيش في المحادثات لكن هناك “قوى سياسية سلبية للغاية تعيقه”، دون أن يذكرها بالاسم.

غير أن العديد من التقارير الإخبارية ومصادر مطلعة تؤكد أن الإسلاميين وفلول النظام السابق يلعبون دورا سلبيا في التوصل إلى اتفاق سلام. وقال بيرييلو “نعتقد أن من الممكن وقف القتال على المستوى الوطني. ونعلم أن هذا سيتطلب قدرا كبيرا من العمل”.

وفي الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الدولي لحلحلة الأزمة وإيصال المساعدات إلى السكان يتخذ رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبدالفتاح البرهان. نهجا آخر في إطار المناورة السياسية وذر الرماد على العيون. والتقى البرهان الجمعة رئيس المخابرات العامة المصرية الوزير عباس كامل وقال في بيان صحفي عبر صحفته على موقع فيسبوك اليوم إن اللقاء جرى في بورتسودان بحضور أحمد ابراهيم مفضل مدير جهاز المخابرات العامة السودانية.

وأكد رئيس المخابرات المصرية “حرص بلاده على أمن واستقرار السودان. وتمنى أن تطوى صفحة الحرب سريعا لوقف معاناة المواطن السوداني” وفق البيان.

من جهتها، قالت قوات الدعم أنه منذ “وصول وفدها إلى جنيف تلبية لدعوة المحادثات الهادفة لوقف العدائيات وتسهيل وصول المساعدات للمحتاجين برعاية دولية وإقليمية. وعلى مدى أسبوع كامل من بدء الجولة شهدنا تكثيف الطيران الحربي للجيش غاراته على مناطق مأهولة بالسكان مرتكباً جرائم شنيعة أودت بحياة المئات من أبناء شعبنا. وأحدث القصف العشوائي دماراً كبيراً في البنى التحتية والمرافق العامة والخاصة”.

وشددت على أن الهجمات طالت ولايات سنار ودارفور والخرطوم وأم درمان وغيرها وأوقعت عددا كبيرا من المدنيين والنازحين قائلة “ان الانقلابيين والحركة الإسلامية الإرهابية يسعون من وراء الهجمات الهمجية التأكيد بعدم اكتراثهم للجهود الدولية والإقليمية المبذولة لإنهاء معاناة السودانيين. ومحاولة يائسة لتصدير مواقف عن انتصارات فشلوا في تحقيقها أمام أشاوس قواتنا في جبهات القتال. لذلك لجأوا لسيناريو “الأرض المحروقة” واستهداف الأبرياء على أسس جهوية ومناطقية بغيضة”.

ويصر الجيش السوداني وداعميه من القوى الاسلامية على تحقيق ما يصفه بالحسم العسكري رغم أن جميع المؤشرات الميدانية تؤكد عدم قدرته على تحقيق ذلك. بعد خسائره الميدانية الفادحة إضافة الى توسع عزلته الخارجية.
وغاب وفد الحكومة السودانية التفاوضي عن محادثات بشأن الأزمة في بلاده بدأت بجنيف، في 14 أغسطس/آب الجاري. استجابة لدعوة أميركية صدرت في 23 يوليو/ تموز الماضي فيما شارك الدعم السريع لانهاء معاناة السودانيين.
ووصفت الولايات المتحدة تلك المفاوضات بأنها “نموذج جديد”، وأنها تريد مواصلة البناء عليه.
وأبدى الوفد تمسكه قبل الجلوس في أي مفاوضات جديدة بتنفيذ “إعلان جدة”. الذي صدر في مايو/ أيار 2023، في ختام مباحثات استضافتها مدينة جدة السعودية.

ونص هذا الإعلان على التزام طرفي الحرب (الجيش والدعم السريع) بـ”الامتناع عن أي هجوم عسكري قد يسبب أضرارًا للمدنيين”، و”التأكيد على حماية المدنيين”. و”احترام القانون الإنساني والدولي لحقوق الإنسان”.
وتحدثت مصادر عن خلافات كبيرة للغاية بين رئيس مجلس السادة عبدالفتاح البرهان والجانب الأميركي حيث أعلن المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو مساء الأربعاء إلغاء لقاء مع وفد للحكومة السودانية كان مقررا بالقاهرة. بسبب ما وصفه بخطأ بروتوكولي.

وفي منتصف أبريل/نيسان 2023، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع. وخلّفت نحو 18 ألفا و800 قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى