أحداث

وجه السودان إلى «السماء» و«المعاناة» على الأرض


طوى السودان يوما جديدا من دفتر الحرب، حلقت فيه المسيرات بكثافة من العاصمة إلى النيل الأبيض، فوق صفحات من المعاناة الإنسانية والاقتصادية.

إذ أفادت مصادر عسكرية  بأن طائرات مسيرة استهدفت، اليوم الجمعة، 3 مناطق عسكرية في العاصمة الخرطوم وولاية النيل الأبيض (جنوب)، ما أدى تصاعد ألسنة اللهب والدخان في سماء تلك المناطق.

وحسب المصادر العسكرية، فإن قيادة الفرقة “18 مشاة” التابعة للجيش السوداني في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض (جنوب) أسقطت عبر دفاعاتها الجوية طائرتين مسيرتين لقوات “الدعم السريع” استهدفتا مقر الفرقة دون وقوع خسائر.

المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، قالت أيضا إن طائرة مسيرة أخرى تتبع لقوات “الدعم السريع” استهدفت قاعدة “كنانة” الجوية بولاية النيل الأبيض لكن الدفاعات الجوية أسقطتها.

ويأتي استهداف قوات “الدعم السريع” لولاية النيل الأبيض، بعد يوم واحد، من وصول رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، إلى مدينة كوستي بالولاية، ضمن جولة شملت مدن المناقل، وسنار والفاو.

وبعيدا عن النيل الأبيض، قالت المصادر العسكرية إن “مضادات الطيران التابعة للجيش السوداني “تعاملت أيضا مع طائرتين مسيرتين بمنطقة (وادي سيدنا) العسكرية” شمال مدينة أم درمان، و”إسقاطها دون خسائر”.

ولم تعلق قوات الدعم السريع على هذه الهجمات على الفور.

تزايد أعداد النازحين

ومع تصاعد وتيرة الحرب حذرت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، من مخاطر تزايد أعداد النازحين في السودان إلى 10 ملايين.

وقالت المنظمة، في بيان، إن “عدد النازحين بسبب الصراع داخل السودان قد يصل إلى 10 ملايين في الأيام المقبلة، إذ تتعقد أسوأ أزمة نزوح داخلي في العالم باستمرار، مع تفاقم المجاعة والأمراض التي تلوح في الأفق إثر الصراع المدمر”.

مشيرة إلى أن عدد النازحين وصل إلى 9.9 مليون شخص في جميع ولايات السودان الـ18، منهم 7.1 ملايين فروا من منازلهم بعد بدء النزاع بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في 15 أبريل/نيسان 2023، فيما كان البقية نازحين بالفعل قبل الحرب.

حرب المسيرات».. وجه السودان إلى «السماء» و«المعاناة» على الأرض

وأوضحت المنظمة أن أكثر من مليوني شخص عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، خاصة إلى تشاد وجنوب السودان ومصر، ليصل بذلك عدد الفارين من ديارهم في السودان إلى 12 مليون شخص.

وأضافت “يحاول 70% من الأشخاص الذين أجبروا على النزوح في السودان، البقاء على قيد الحياة في أماكن على شفا المجاعة، وسط وصول ضعيف أو نادر للمساعدات، إذ يعقد موسم الأمطار الأمر وقد يؤدي إلى كوارث مرتبطة بالمناخ وتفشي الأمراض”.

وشددت مديرة منظمة الهجرة إيمي بوب على أن النزوح في السودان “يحدث تحت تهديد مستمر بتبادل إطلاق النار، والمجاعة والمرض والعنف العرقي والعنف القائم على النوع الاجتماعي”.

وأضافت “الاحتياجات الإنسانية في السودان هائلة ويتعين تلبيتها فورا، ومع ذلك لم يتم تقديم سوى 19% من الأموال التي طلبناها، ومطلوب جهود دولية موحدة لتجنب المجاعة التي تلوح في الأفق”.

نقص الإنتاج

في السياق ذاته، حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، من قلة إنتاج الموسم الزراعي الذي يبدأ في يونيو/حزيران الجاري، بسبب انعدام الأمن ونقص المدخلات.

وقالت المنظمة “رغم التوقعات بهطول أمطار أعلى من المتوسط في السودان، فإن هناك مخاوف بشأن إنتاج الحبوب لعام 2024 مع انتشار الصراع إلى مناطق الإنتاج الرئيسية والنقص في المدخلات الزراعية”.

المنظمة قالت في هذا الصدد إنها “تخطط لمساعدة 1.8 مليون أسرة مزارعة، بما يُعادل 9 ملايين فرد، في رصد الجراد ومكافحته، وتوفير المعدات الزراعية وبذور الذرة الرفيعة والدخن والسمسم والبطيخ والفول السوداني”.

وشككت الفاو في قدرة السودان على استيراد متطلباته من الحبوب في 2024، التي تصل إلى نحو 3.38 مليون طن بما في ذلك 2.44 مليون طن من القمح و662 ألف طن من الذرة، بسبب محدودية القدرة المالية واللوجستية.

آثار الحرب المدمرة في السودان

وأفادت بـ”ارتفاع أسعار الحبوب بمعدلات أسرع منذ بداية النزاع، بسبب عدم كفاية الإمدادات وتعطل التدفقات التجارية وتدمير الأسواق”، إذ “زادت أسعار الذرة الرفيعة والدخن والقمح المستورد خلال الفترة من مارس/آذار 2023 إلى مارس/آذار 2024 إلى أكثر من الضعف”.

وبناء على ذلك، قالت المنظمة إن “الارتفاع الاستثنائي في أسعار الحبوب يقيد إمكانية الحصول على الغذاء بشدة، في ظل انخفاض القوة الشرائية للأسرة وانخفاض فرص العمل”.

ويعاني 18 مليون سوداني من الجوع الشديد، بينهم قرابة الـ5 ملايين شخص على حافة المجاعة، وفق تقييم أممي صدر بداية 2024، لكن يرجح مراقبون أن يكون العدد الفعلي أكبر من ذلك جراء توسع الصراع وتعطل سُبل كسب العيش.

وتتواصل الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، وخلّفت 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ.

وفي الآونة الأخيرة تزايدت دعوات أممية ودولية إلى تجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى