أحداث

المواطن السوداني لا يجد مفر من رصاص .. والبرهان يغلق باب التفاوض


الكلمة للرصاص في السودان، هناك حيث تحولت المدن لساحات معارك مستمرة فيما أغلق الجيش باب التفاوض مع قوات الدعم السريع.

معارك طاحنة في كافة جبهات القتال دون توقف، تمزق أوصال بلد بات فيه السكان على مشارف مجاعة محققة، دون حل سياسي يلوح في الأفق، رغم الدعوات الإقليمية والدولية لإنهاء العنف والعودة إلى طاولة التفاوض.

وقالت مصادر عسكرية، إن معارك عنيفة اندلعت بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، إثر هجوم شنته قوات الدعم السريع، على الجيش السوداني، في ولاية الجزيرة (وسط)، أدى إلى تراجعه إلى حدود ولاية القضارف (شرق).

وخلال الفترة الأخيرة، كثف الجيش السوداني هجماته العسكرية لاستعادة ولاية الجزيرة الخاضعة، منذ نهاية العام الماضي، لسيطرة قوات الدعم السريع، حيث نشر مجموعة كبيرة من الجنود في ولايات القضارف وسنار (جنوب شرق).

إغلاق باب التفاوض

ومع ارتفاع غبار المعارك، أغلق قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الباب أمام أي مفاوضات أو سلام أو وقف إطلاق نار مع قوات الدعم السريع.

وقال البرهان، مساء أمس الأربعاء، لدى تفقده متحركات الجيش في الخطوط الأمامية بولاية نهر النيل شمالي السودان: “لن تكون هناك مفاوضات أو سلام أو وقف إطلاق نار مع هؤلاء المتمردين”.

ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من المتحدث الرسمي باسم قوات الدعم السريع على تصريحات البرهان.

وسبق أن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق بين طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.

وأفلح منبر جدة في إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات، على نحو دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول 2023.

وفي 8 مارس/آذار الماضي، دعا مجلس الأمن الدولي إلى وقف إطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان، في مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا وأيدته 14 دولة وامتنعت روسيا عن التصويت عليه، ويدعو “كافة أطراف النزاع للسعي إلى حل مستدام للنزاع عبر الحوار”.

وتزايدت دعوات أممية ودولية إلى تجنيب السودان كارثة إنسانية، قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18.

تراجع مواقع الدفاعات

وحسب المصادر العسكرية، تعرضت قوات من الجيش، مسنودة بالحركات المسلحة التي تقاتل بصفوفها، لهجوم عنيف من قوات الدعم السريع، أسفر عن خسائر في الأرواح والآليات الحربية.

ووفق المصادر ذاتها، استخدمت قوات الدعم السريع في الهجوم المدفعية الثقيلة والطائرات المسيرة، ما أدى إلى تراجع الجيش إلى منطقتي الخياري والفاو على الحدود مع ولاية القضارف.

والعملية العسكرية التي كانت تستهدف استعادة مصفاة الجيلي، شمالي مدينة بحري، لم تكلل بالنجاح، وعادت قوات الجيش إلى الدفاعات المتقدمة على الحدود مع مدينة شندي بولاية نهر النيل (شمال).

كما أكدت المصادر أن عملية تحرير قرى مصنع سكر سنار (جنوب شرق) فشلت أيضا في تحقيق أهدافها وعادت قوات الجيش إلى دفاعاتها على الحدود مع مدينة سنار.

وأشارت إلى أن العملية العسكرية لتحرير مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان لم تحقق أيضا النجاح المطلوب وعادت القوات إلى مدينة تندلتي.

نفس الأمر بالنسبة للعملية العسكرية لتحرير جبل كردفان، التي فشلت بالكامل، وعادت قوات الجيش إلى الدفاعات المتقدمة بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان.

خسائر فادحة؟

ومع تصاعد وتيرة المعارك الحربية، أعلنت قوات الدعم السريع إلحاق الهزيمة بقوات الجيش وحلفائها من الحركات المسلحة، فيما لم يعلق الجيش السوداني على هذا الإعلان.

وقالت القوات، في بيان اطلعت على نسخة منه، إنها ألحقت هزيمة بـ”مرتزقة العدل والمساواة”، وهي حركة متهمة بالقتال إلى جانب الجيش، قرب منطقة الفقيشة التي تبعد عن الخياري نحو 5 كيلومترات (على الحدود مع ولاية القضارف)، وكبدتهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

ولفت البيان إلى أن القوات استولت على 28 عربة قتالية بكامل عتادها الحربي، وعربة أخرى تحمل منظومة اتصالات، ودبابة إضافة إلى مقتل وجرح العشرات، فيما لاذ مئات من منسوبي الجيش والحركات المتحالفة معها بالفرار.

معارك الخرطوم

أما في العاصمة الخرطوم، أبلغت مصادر عسكرية  أن المدفعية الثقيلة التابعة للجيش قصفت، بشكل مكثف، مواقع قوات الدعم السريع في بحري ومنطقة أركويت شرقي العاصمة، ومواقع في مناطق الصالحة والريف الجنوبي لمدينة أم درمان.

وحسب المصادر العسكرية، فإن قوات الدعم السريع واصلت هجماتها على مقر سلاح الإشارة بمدينة الخرطوم بحري شمالي العاصمة.

واستطاع الجيش صد هجوم قوات الدعم السريع على سلاح الإشارة باستخدام الطائرات المسيرة والمدفعية، ما أدى إلى تدمير دبابة بالإضافة إلى عدد كبير من المركبات القتالية ومقتل عشرات من الدعم السريع، وفق المصادر ذاتها.

 

وقال الجيش، في بيان اطلعت عليه، إن قوات العمل الخاص بمنطقة الكدرو العسكرية يواصلون قطع خطوط الإمداد عن قوات الدعم السريع، ونفذت عمليات ناجحة أسفرت عن تعطيل تانكر وقود وتدمير مركبات قتالية وقتل عشرات من الأطقم المرافقة.

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش والدعم السريع حربا مروعة، خلفت آلاف القتلى وملايين النازحين واللاجئين، وفق الأمم المتحدة، فضلا عن دمار هائل بالبنى التحتية.

وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان – حتى قبل الحرب- أحد أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى