ما الذي تفعله القوات الأوكرانية في السودان؟
سؤالان يطرحان نفسهما في هذا التوقيت، بعد تقارير إعلامية أفادت بأن القوات الأوكرانية تعمل إلى جانب الجيش السوداني، كجزء من حملة تشنها كييف لضرب المصالح الروسية خارج الخطوط الأمامية للحرب الأوكرانية.
تقارير تزامنت مع فيديو نشرته صحيفة “كييف بوست”، لافتة إلى أنها حصلت عليه من مصادر داخل المخابرات العسكرية الأوكرانية المسؤولة عن العمليات السرية.
وسبق أن نفى قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي) وجود أية علاقة بين قواته و”فاغنر”، وأكد أن المجموعة ما زالت تربطها علاقة بالجيش السوداني.
وفي أحد أجزاء الفيديو الذي نشرته “كييف بوست” تظهر قوات خاصة من المجموعة القتالية “تيمور”، وهي جزء من مديرية المخابرات العسكرية الأوكرانية، وهي تفحص المركبات العسكرية.
وتُظهر اللقطات اللاحقة مقاتلا أوكرانيا يستجوب على ما يبدو “أسيرا” يتحدث الروسية، وهو يعترف في الفيديو بأنه “جزء من مجموعة فاغنر الذين تم إرسالهم إلى السودان قادما من جمهورية أفريقيا الوسطى” ، حيث يتمركز مقاتلون من المجموعة الروسية الخاصة.
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مصادر مطلعة لم تسمها، تعمل القوات الخاصة الأوكرانية في السودان منذ عدة أشهر على الأقل.
وقالت المصادر للصحيفة “من المرجح أن تقوم القوات الخاصة الأوكرانية بالعمل على تدمير المرتزقة الروس وشركائهم المحليين في السودان، العمل الذي خططنا له (في السودان) يتم تنفيذه”.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التقى قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، في مطار شانون بإيرلندا، في سبتمبر/أيلول الماضي.
وقال زيلينسكي، في ذلك الوقت: “ناقشنا التحديات الأمنية المشتركة بيننا، وتحديدا أنشطة الجماعات المسلحة غير الشرعية التي تمولها روسيا”.
ويقاتل الجيش السوداني قوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان الماضي.
“الدعم السريع” تنفي أية علاقة مع “فاغنر”
وفي سبتمبر/أيلول الماضي رجّح تقرير لشبكة “سي إن إن” الأمريكية احتمال أن تكون أوكرانيا قد استهدفت مواقع لقوات الدعم السريع في السودان، بعد تقارير عن تلقيها “دعما من مجموعة فاغنر”.
وذكرت الشبكة الأمريكية أن الهجمات شملت 14 ضربة مختلفة، على مواقع لأسلحة ومعدات قوات الدعم السريع.
وفي تصريحات إعلامية سابقة، نفى قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي) وجود أية علاقة بين قواته و”فاغنر”، وأكد أن المجموعة الروسية ما تزال تربطها “علاقة وثيقة” بالجيش السوداني.
وفي مقابلة مع وكالة “نوفا” الإيطالية، قال حميدتي “لقد ذكرنا عدة مرات وسنذكر مرة أخرى بشكل لا لبس فيه، لا توجد روابط بين قوات الدعم السريع وفاغنر”.
مضيفا “تم جلب فاغنر إلى السودان منذ فترة طويلة من قبل (الرئيس السوداني المعزول) عمر البشير لتدريب الجيش، وحينها أُجبرت قوات الدعم السريع على المشاركة في هذا التدريب، ومع ذلك منذ عام 2019 لم يكن للدعم السريع أي علاقة مع المجموعة”.
وفي أبريل/نيسان 2018، زار قائد المجموعة الراحل يفغيني بريغوجين الخرطوم، وبعد وفاته تحدثت مصادر عن وجود نحو 100 رجل من فاغنر يُدربون القوات العسكرية السودانية.
النفوذ الروسي في أفريقيا
تقول دراسة للمركز الأفريقي للدراسات إن روسيا وسّعت نفوذها في أفريقيا في السنوات الأخيرة، لأكثر من أي جهة خارجية أخرى.
وتمتد هذه الارتباطات، حسب المركز، من تعميق العلاقات في شمال أفريقيا، وتوسيع نطاقها في جمهورية أفريقيا الوسطى ومنطقة الساحل، وإحياء علاقات الحرب الباردة في الجنوب الأفريقي.
وتنتشر قوات فاغنر الروسية في 10 دولة أفريقية، بينها جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان ومالي وبوركينا فاسو والكونغو الديمقراطية، وسط تقارير إعلامية تحدثت عن اعتزام المجموعة توسيع أنشطتها لتشمل 3 دول جديدة وربما أكثر.
ويرى خبراء أن خارطة انتشار المجموعة شبه العسكرية قد تكون أوسع من ذلك بكثير، فحضورها مؤكد أينما ارتفع أزيز الرصاص في القارة السمراء، أو كانت هناك حاجة إلى حماية النفوذ الروسي.
ولا تعترف موسكو بنشاط “فاغنر” رسميا، إلا أن المجموعة تنشط تحت مسميات عدة سواء شركات للتعدين عن الذهب والماس، أو مدربين عسكريين، أو شركات متخصصة في الحرب السيبرانية.
يقول المحلل والباحث الروسي بجامعة الصداقة والشعوب “ديمتيري بريجع” إن وجود فاغنر في أفريقيا يهدف لحماية النفوذ الروسي في خضم الصراع الكبير بين القوى العظمى.
وأضاف بريجع، أن “أفريقيا هي قارة متنوعة ومهمة من الناحية الجيوسياسية والاقتصادية، وتعتبر مكانا لمصالح العديد من الدول الكبرى”.
ولفت إلى أن “فاغنر” مهتمة بأن يكون لها دور كبير في القارة السمراء، مشيرا إلى أن العديد من الدول الأفريقية تحاول التخلص من الهيمنة الفرنسية على اقتصاداتها وأراضيها وثرواتها ونفوذها السياسي.
وأكد أن روسيا تمتلك علاقات طيبة وقوية مع العديد من الدول الأفريقية منذ الاتحاد السوفياتي، مشيرا إلى أن التعاون الروسي الأفريقي الآن يعمل على المشاريع الاقتصادية، وبناء قدرات تلك الدول، وليس الهيمنة والطمع في الثروات.