لعمامرة.. هل يطفئ نيران الحرب بالسودان؟
يجري المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، محاولة لإخماد نيران الحرب بالسودان وبلورة خطة عمل للحل السلمي، فهل ينجح؟
ومع تعثر مفاوضات منبر جدة السعودية، ومبادرة “الهيئة الحكومية للتنمية” (إيغاد)، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، إلى أي مدى يمكن يسهم لعمامرة الذي أنهى لتوه زيارة استمرت ٣ أيام إلى بورتسودان، في إيجاد حل للحرب المدمرة التي خلفت آلاف القتلى والجرحى.
والتقى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، في بورتسودان، مسؤولين حكوميين وعسكريين وقادة القوى السياسية بمدينة بورتسودان شرقي السودان.
“تغيير المنهج”
بالنسبة إلى مستشار رئيس الوزراء السوداني السابق، فائز الشيخ، فإن الأمم المتحدة تحتاج إلى تغيير منهجها السلبي تجاه الحرب في السودان، ودون ذلك لن يحدث أي اختراق مهم.
وأوضح الشيخ فإن المنهج المطلوب هو مخاطبة القضايا الإنسانية وفرض قوة المنظمة واستخدام دبلوماسية خشنة تهدف إلى حماية المدنيين من انتهاكات الدعم السريع ومن قصف طيران الجيش الذي قتل المئات ودمر مؤسسات من بينها مستشفيات.
وأضاف: “للأمم المتحدة خيارات لم تلجأ إليها ومن ضمنها التدخل الإنساني، وأيضا وضع حزمة عقوبات على الجهات المعرقلة للسلام والداعمة للحرب”.
وتابع: “كذلك ضرورة إعانة الملايين من النازحين واللاجئين وإقامة مراكز إيواء داخل السودان منزوعة السلاح”.
ومضى قائلا: “لست متفائلا ما لم تغير الأمم المتحدة منهجها المبني على الدبلوماسية الناعمة التي تسببت في خروج بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) وطرد موظفين دوليين”.
وكان لعمامرة قال في بيان في ختام زيارته: “أردت أن تنطلق مهمتي كمبعوث شخصي لأمين عام الأمم المتحدة، رسميا على الأرض”.
وأضاف: “عملت على برمجة هذا اللقاء مع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، وكذلك على مشاورات مع العديد من المسؤولين وشرائح المجتمع المدني”.
وتابع “أستطيع القول إنني تعلمت الكثير فيما يتعلق بحقائق السودان والتطلعات إلى مستقبل أفضل، وكذلك استمعت إلى وجهة النظر الرسمية لدولة السودان حول عدد من المبادرات الرامية إلى حلحلة الأوضاع وإطلاق عملية سلام تؤدي إلى الحل السلمي المنشود الذي يسمح للشعب السوداني باستئناف الحياة الكريمة”.
البدايات الخاطئة
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط: “لا يمكن أن يحقق المبعوث الشخصي للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، أي اختراق في هذا المجال، وذلك لعدة أسباب، أولها أن الطرفين لا يمتلكان حتى الآن إرادة حقيقية للسلام وإيقاف الحرب، وثانيهما حالة الاستقطاب الحاد التي تشهدها الحرب السودانية في هذه المرحلة”.
وتابع: “بالإضافة إلى أن المنهج الذي اتبعه رمطان لعمامرة لن يؤدي إلى تحقيق توافق، وقد بدأ جولته لتلمس المشهد السوداني بالسياسة، من مصر ولم يبدأها بأي من البلدين الذين دشنوا منابر لحل المشكلة وأعني بذلك المملكة العربية السعودية (منبر جدة)، وجيبوتي (منبر إيغاد) أو إثيوبيا مقر الاتحاد الأفريقي”.
وأضاف الأسباط “هو بدأ الرحلة بمصر ثم بورتسودان، وفي بورتسودان بدأ أيضا بشكل خاطئ، حيث التقى داعمي الحرب ومن يصبون المزيد من النار على الحرب مثل الكتلة الديمقراطية والتي كانت رأس الرمح من خلال دعوتها للانقلاب على حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ودعمها للجيش وانحيازها باكرا لطرف من أطراف الحرب”.
وتابع: “لذلك هذا المنهج لا يمكن أبدا أن يفضي إلى تحقيق اختراق وبناء قاعدة يمكن أن ينطلق منها لتحقيق أي هدف.. كان من الأجدى لمبعوث الأمم المتحدة أن ينطلق من المنصة التي بنى عليها سلفه، فولكر بيرتس، ثم الاتجاه إلى الاتحاد الأفريقي، وتلمس ومعرفة الخطوات التي قام بها الاتحاد ثم الاتجاه إلى جيبوتي وبعد ذلك يمضي إلى جدة”.
وبعد ذلك، وفق الأسباط، يكون لعمامرة “قد كون قاعدة من البيانات والمعلومات تعينه على وضع خطة للانطلاق نحو الفرقاء”. وأضاف المحلل السوداني: “لكنه بدأ بداية خاطئة ولا أتوقع أن يحقق اختراقا في هذا المجال”.
هل ينجح؟
في المقابل، أبدى الباحث السياسي، محمود راجي، تفاؤلا بزيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمضان لعمامرة، إلى السودان، لوضع خطة لإنهاء الأزمة في البلاد.
وقال راجي “أنا شخصيا متفائل بها، ويتضح الموضوع أكثر من خلال لقاءاته المقبلة مع القوى المدنية والأطراف الإقليمية ذات العلاقة”.
فيما يقول الكاتب والمحلل السياسي، الهضيبي يس: “قطعا يظل المجتمع الدولي يدفع بمقترحات لحل أزمة الحرب في السودان منذ 15 من أبريل/نيسان الماضي، ولكن ما لم تتوفر إرادة سياسية داخلية لإيقاف الحرب وإنهاء النزاع المسلح بين طرفي الصراع فإن كافة المقترحات والزيارات للمبعوثين الدوليين لن تفلح في حل الأزمة”.
وأضاف “كذلك لا بد من وقوف المجتمع الدولي على مسافة واحدة من الأطراف الداخلية السودانية خاصة السياسية، مما قد يسهل مهمة المبعوث الأممي رمضان لعمامرة لحل أزمة الحرب في السودان”.
وتابع: “ما يعاب على المجتمع الدولي خلال العامين الماضيين، هو سوء التقدير على مستوى التعامل مع كيانات الدولة السودانية سواء السياسية، أو منظمات المجتمع المدني، فيما يتعلق بصناعة مشروع سياسي يؤسس لمرحلة جديدة في السودان”.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 تشهد السودان حربا بين الجيش و”الدعم السريع” خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.