رحيل «يونيتامس».. هل يصب الزيت على نار السودان؟
البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان تحزم حقائبها استعدادا لرحيل يراكم المخاوف في بلد تطوقه أزمة مستفحلة ويقف على رمال متحركة.
ومع تصاعد وتيرة الاقتتال العنيف والأجواء ملبدة بالغيوم السياسية، أنهى مجلس الأمن الدولي، مساء الجمعة، ولاية البعثة المعروفة اختصارا بـ”يونيتامس”، اعتبارا من اليوم الأحد، بتصويت 14 من أعضائه وامتناع روسيا.
وبحسب مراقبين، فإن إنهاء تفويض البعثة الأممية سيزيد الأوضاع الهشة في السودان المُنهك تعقيدا، في ظل تزايد أعمال العنف والنزوح والجوع وانتشار الأوبئة، مع تضاؤل الحل السلمي في الوقت القريب.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي. يشهد السودان حربا بين الجيش و”الدعم السريع” خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل. فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
ووافق أعضاء مجلس الأمن على مشروع القرار المقدم من بريطانيا والذي حمل الرقم 2715. بعد مداولات واسعة استمرت لأيام شملت البعثة السودانية والأعضاء الدائمين وغير الدائمين. استنادا إلى طلب للحكومة السودانية في 16 نوفمبر/تشرين ثاني الماضي. بالإنهاء الفوري لمهام البعثة.
وبموجب القرار، ستوقف البعثة عملياتها في السودان اعتبارا من الإثنين المقبل. على أن تنقل مهامها إلى وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها. وتكمل ذات المهمة بحلول 29 فبراير/شباط المقبل. لتبدأ إجراءات تصفية البعثة مطلع مارس/آذار التالي له.
ويعمل في بعثة الأمم المتحدة في السودان 245 شخصا. بينهم 88 في بورتسودان (شرق). فضلا عن آخرين في نيروبي وأديس أبابا. حسب ما أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريك الشهر الماضي.
غياب رصد الانتهاكات
يرى الكاتب والمحلل السياسي، محمد سعيد. أن “إنهاء تفويض البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان، سيربك المشهد بالكامل. ويعني التخلص من جهات اعتبارية كانت ترصد الانتهاكات في البلاد”.
ويقول سعيد في حديثه لـ”العين الإخبارية”. إن “إنهاء تفويض بعثة الأمم المتحدة يعني إعادة السودان إلى العصر الحجري. واستمرار هيمنة تيارات ظلت ترفض دخول البعثات الأممية إلى السودان منذ سنوات طويلة”.
وفي بيان سابق، اطلعت عليه “العين الإخبارية”. قالت الخارجية السودانية إن “إنهاء تفويض بعثة الأمم المتحدة كان نتاج جهود تكاملية انخرطت فيها الدبلوماسية الرئاسية .واللجنة الوطنية العليا للتعامل مع الأمم المتحدة. وبعثة السودان الدائمة في نيويورك”.
وأضاف أن تلك الجهود “توجت بجهود الوفد الرفيع الذي قاده .وكيل وزارة الخارجية الذي انخرط في اتصالات واجتماعات مع جميع أعضاء المجلس الأمن وكبار المسؤولين في الأمم المتحدة”.
من جهته، حذر الكاتب والمحلل السياسي، أنور عيسى. من أن إنهاء تفويض بعثة الأمم المتحدة .“سيؤدي إلى استمرار الحرب .وارتكاب الفظائع والانتهاكات من طرفي الحرب دون رصد ومراقبة دقيقة ما يؤدي إلى حرب أهلية واسعة النطق وانهيار الدولة”.
وأوضح عيسى في حديثه لـ”العين الإخبارية”. أن وقف الحرب يتطلب تكامل الجهود الإقليمية والدولية للتواصل مع الأطراف المتقاتلة وحثهم على وقف إطلاق النار. واستعادة المسار المدني الديمقراطي.
صيغة جديدة
أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك.استلام المنظمة خطابا من الحكومة السودانية “يعلن قرار الحكومة إنهاء بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة في الفترة الانتقالية (يونيتامس) على الفور”.
وقال دوغاريك إن الحكومة السودانية “أعلنت أيضا التزامها بالانخراط بشكل بناء مع مجلس الأمن .والأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن صيغة جديدة متفق عليها”.
وأكد القرار أهمية وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها. وشدد على ضرورة أن تتم عملية انتقال وتصفية بعثة “يونيتامس” بشكل منظم من أجل ضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة. والأداء الفعال لجميع عمليات الأمم المتحدة. بما في ذلك المساعدة الإنسانية والإنمائية.
و تم في يناير/كانون الثاني 2020، طلب عبد الله حمدوك خلال تقلده منصبه رئيسا للوزراء في السودان. من الأمم المتحدة تشكيل بعثة سياسية تحت الفصل السادس. لمساعدة الحكومة الانتقالية في عملية التحول الديمقراطي ودعم عملية السلام. مع الجماعات المسلحة وإعادة توطين النازحين.
وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. أعلنت الحكومة السودانية رسميا إنهاء تفويض البعثة الأممية، بعد نحو 8 أسابيع من إعلان فولكر بيرتس استقالته من رئاسة البعثة.
و 19 مايو/أيار 2022، أعلنت الحكومة السودانية عدم استطاعتها طرد بعثة “يونيتامس” من البلاد لارتباطها بتفويض مجلس الأمن.
و الثالث من يونيو/حزيران 2020. تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2524 الذي أنشأ “يونيتامس”؛ وهي بعثةٌ سياسية تختصُ بتقديم الدعم للسودان خلال انتقاله السياسي لحكم ديمقراطي.