أحداث

المدنيون في شراك أزمة السودان


أوضاع أمنية وإنسانية بالغة التعقيد تشهدها مدن دارفور غربي السودان في ظل استمرار المواجهات بين الجيش وقوات «الدعم السريع».

وخلال الأيام الماضية، سيطرت قوات “الدعم السريع” بشكل كامل على ولايتي جنوب ووسط دارفور، وسبق أن أحكمت قبضتها الأمنية على ولايتي غرب وشرق دارفور، ما أدى إلى تصعيد العمل العسكري وما يرافقه من تأثير على المدنيين.

ويقول المواطن، عيسى موسى، إن الوضع الأمني في مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، معقد للغاية مع نقص حاد في الخدمات الضرورية.

وأشار موسى إلى أن قوات الدعم السريع سيطرت على مدينة نيالا، وتسعى إلى فتح الأسواق وإزالة الحواجز الأمنية على الطرق، لكن الخوف يسيطر على المواطنين، رغم التطمينات.

من جانبه، يقول المواطن أنور عبدالله إن مدينة زالنجي حاضرة ولاية وسط دارفور، تشهد أيضا نقصا في الخدمات الضرورية من الكهرباء والمياه والإنترنت.

وأوضح عبدالله أن المدينة تشهد موجة نزوح مستمر إلى المناطق الأكثر أمنا.

قلق أممي

مع تصاعد الاشتباكات، أعربت كليمنتاين نكويتا سلاميو نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، الموظفة المسؤولة عن البعثة الأممية والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية، عن بالغ قلقها إزاء التصعيد العسكري في دارفور وتأثيره على المدنيين.

وقالت نكويتا سلامي: “إنني أشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن المدنيين عالقون في شرك القتال الدائر بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع في دارفور، في سياق التوترات القبلية المتصاعدة، مما يذكّر بالأحداث التي وقعت في الجنينة في دارفور في يونيو/حزيران الماضي”.

وأضافت أنه “عقب استئناف الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع الخميس الماضي في نيالا (جنوب دارفور)، وزالنجي (وسط دارفور)، والفاشر (شمال دارفور)، والجنينة (غرب دارفور)، تأثر المدنيون بشدة حيث شُرّد آلاف الأشخاص، وسقط كثيرون بين قتيل وجريح، ودُمرت ممتلكات المدنيين”.

وتابعت: “أكرر دعوتي لجميع أطراف النزاع في السودان إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين أثناء الأعمال العدائية. أهل دارفور عانوا بما فيه الكفاية”.

ودعت إلى ضرورة “السماح للمدنيين بمغادرة المناطق المتضررة من النزاع بأمان ودون عوائق”.

وأشارت إلى أنه منذ اندلاع القتال في السودان في أبريل 2023، قُتل الآلاف، واضطر أكثر من 5.7 مليون شخص إلى مغادرة منازلهم، و25 مليونا، أي أكثر من نصف السكان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

ظهور جديد لـ”حميدتي”

وفي ظهور إعلامي جديد رهن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي» موافقته على السلام بأن يجنح الجيش لسلام حقيقي وألا يستغل ذلك للاستعداد لحرب أخرى.

وقال حميدتي، الذي ظهر مساء الخميس في مقطع مصور وهو يخاطب دفعة جديدة من قوات الدعم السريع، إن “كل الأنظار الآن موجهة إلى مفاوضات جدة. نحن مع السلام ولكن ليس سلام الكذب”.

وشدد على أن “الدعم السريع لن يقبل بسلام زائف يستعد عبره الجيش بشراء الطائرات والمسيرات وتدريب المستنفرين”.

وأوصى حميدتي قواته بمحاربة المتفلتين وعدم التعدي على أعراض وممتلكات المواطنين في المناطق والمدن التي يسيطر عليها الدعم السريع.

ودعا النازحين واللاجئين للعودة إلى مناطقهم وتعهد بحمايتهم، كما دعا المواطنين في مناطق سيطرة قواته لاختيار إدارات مدنية من أبناء هذه المناطق ممن يرونه مناسبا شريطة أن لا يتم اختيار أيا من منسوبي حزب المؤتمر الوطني المحلول.

وطالب الشرطة بالعمل بصورة طبيعية في المناطق التي تفرض عليها قوات الدعم السريع سيطرتها.

وهاجم قائد الدعم السريع عبدالفتاح البرهان قائد الجيش، قائلا إنه “كان وراء جميع الانقلابات التي أحبطت خلال الفترة الانتقالية”.

واتهم حميدتي البرهان “بتدبير النزاعات القبلية خلال الفترة الماضية في ولاية البحر الأحمر وأقاليم النيل الأزرق ودارفور وكردفان وذلك من أجل البقاء في السلطة”.

إزاحة إدريس 

دون سابق إنذار، أعفى رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، اليوم الجمعة، عضو المجلس، الهادي إدريس، من منصبه.

وحسب بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي “أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، اليوم مرسوما دستوريا قضى بإعفاء الهادي إدريس يحيى من منصب عضو مجلس السيادة الانتقالي.”

وتابع: “على أطراف اتفاق جوبا ترشيح بديل منه، وعلى الأمانة العامة لمجلس السيادة والجهات المعنية بالدولة وضع هذا المرسوم الدستوري موضع التنفيذ”، دون توضيح أسباب الإقالة.

وسبق أن تداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، أخبارا عن عزم رئيس مجلس السيادة، إقالة الهادي إدريس من منصبه، بسبب موقفه الرافض للحرب والداعي إلى السلام.

وفي فبراير/شباط 2021، أصدر البرهان مرسوما دستوريا، بإضافة 3 أعضاء جدد للمجلس وهم: الهادي إدريس، والطاهر حجر، ومالك عقار.

والهادي إدريس، رئيس “الجبهة الثورية” (تجمع حركات مسلحة)، بينما الطاهر حجر، رئيس حركة “تجمع قوى تحرير السودان”، أما مالك عقار، فهو رئيس “الحركة الشعبية/ قطاع الشمال”.

القوى الديمقراطية

في سبيل إنهاء الحرب، عقدت الهيئة القيادية التحضيرية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، مساء الخميس، اجتماعا بعد انعقاد الاجتماع التحضيري في أديس أبابا بالفترة من 23-26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وترأس الاجتماع رئيس الهيئة القيادية التحضيرية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) عبدالله حمدوك، حيث رحب بالحضور من قيادات القوى السياسية والمهنيين والنقابات ولجان المقاومة والمجتمع المدني.

وأكد أهمية البناء على ما تحقق من نجاح في الاجتماع التحضيري والمواصلة بذات الروح وصولاً لبناء أوسع جبهة مدنية ديمقراطية تسهم في إنهاء الحرب وإعادة تأسيس الدولة السودانية.

وذكر بيان صادر عن الهيئة القيادية أن الحضور تداول حول تشكيل بقية هيئات التنسيقية وعلى رأسها المكتب التنفيذي التنسيقي، وطرق إدارة العمل الداخلي والتواصل مع القوى المدنية الديمقراطية التي لم تشارك في الاجتماع التحضيري.

وأكد الاجتماع ضرورة التخطيط المحكم لعقد المؤتمر التأسيسي في موعده المتفق عليه في الاجتماع التحضيري، وعلى مضاعفة الجهود من أجل وقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية الملحة في السودان.

كما أشاد الاجتماع بجهود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأفريقي ومنظمة «إيغاد» في منبر جدة، وحث القوات المسلحة والدعم السريع على ضرورة المضي قدماً في المباحثات وصولاً لوقف عدائيات حقيقي للأغراض الإنسانية، وعملية سياسية تنهي الحرب.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش و”الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلّف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، ونحو 3 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

ويتبادل الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى