تحقيقات

لماذا يسعى الجيش إلى محو الهوية السودانية؟


شنت القوات المسلحة السودانية هجمات مروعة طالت عددا من المباني الحكومية بينها مقرات لوزارات سيادية في العاصمة الخرطوم ردا على تشديد قوات الدعم السريع الخناق على مقر القيادة العامة للجيش.

فيما يبدو انه انتهاج لسياسة الأرض المحروقة في خضم مخطط لرئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان لتحويل العاصمة الى مدينة بورتسودان اثر هزائم متتالية تكبدها خاصة خسارة مدينة ام روابة الإستراتيجية وبعد حديث مسؤول في المجلس عن تشكيل حكومة حرب.

ويعتقد ان البرهان يسعى لقطع الطريق على رئيس قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي لوح بتشكيل سلطة مدنية في مناطق سيطرته اذا أعلنت حكومة من قبل البرهان محذرا من مخططات التقسيم على غرار دول أخرى.

والهجمات التي طالت أبراجا عدة في قلب العاصمة ومن بينها مقرات لمؤسسات ومرافق ووزارات سيادية تهدف الى جعل الخرطوم مدينة مدمرة ومهمشة وتحويل الأنظار الى مدينة بورتسودان كعاصمة ادارية جديدة.

ويكشف هذا المخطط نوايا النظام السابق وحزب المؤتمر الشعبي المنحل في تدمير العاصمة وجعلها غير قادرة على استقبال أية حكومة لتحقيق أهداف سياسية ضيقة وفتح الطريق امام مخططات التقسيم.

وندد الدعم السريع بسياسة الارض المحروقة حيث قال في بيان نشرته على صفحته في منصة اكس “في خطوة تأتي ضمن سيناريو الأرض المحروقة الذي انتهجه النظام البائد في مناطق مختلفة من السودان؛ واصل طيران مليشيا البرهان والفلول عمليات القصف المتعمد للبنى التحتية والمناطق الحيوية في الخرطوم بغرض تدميرها. 

واضاف “شملت عمليات القصف المتعمد بالخرطوم، مباني وزارة العدل، ديوان الضرائب. برج الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس. وبرج شركة النيل للبترول. إلى جانب استمرار القصف المتعمد على المناطق المأهولة بالسكان والأسواق بالبراميل المتفجرة. 

واكد ان “هذه الممارسات التي تستهدف مقدرات الشعب السوداني. تزيد أشاوس قواتنا إصراراً وعزيمة لإقتلاع هذا النظام الإرهابي من جذوره لفتح المجال أمام شعبنا لبناء دولته على أسس جديدة تحقق العدالة والمساواة”.

وختم قائلا “إن مخطط تدمير المنشآت الحيوية وقصف المدنيين العزل عقب كل هزيمة للفلول. ما هو إلا محاولة لتبرير عجزهم المفضوح في ميدان المعركة. فبالأمس حينما هزموا في سلاح المدرعات قصفوا المدنيين في مايو جنوب الخرطوم. ومنطقة الحاج يوسف في شرق النيل. ومدينة نيالا في غرب البلاد، واليوم مع اقتراب انهيار قواتهم داخل القيادة العامة قصفوا البنى التحتية والمناطق الحيوية. ليس أمام الفلول أي خيار إما التسليم الكامل فيما تبقى من مواقع. أو انتظار المصير المحتوم والذي بات وشيكاً، ولن تستطيع حملات التضليل مدفوعة الأجر مداراته”.

وأظهرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي ألسنة اللهب تلتهم مباني شهيرة أبرزها البرج الذي يضم مقر ومكاتب شركة النيل، أكبر شركات النفط في البلاد.
ويعد المبنى ذو الواجهات الزجاجية والتصميم الهرميّ، من أبرز معالم العاصمة. وأظهرت المقاطع احتراقه بشكل شبه كامل اذ غطّى اللون الأسود طبقاته مع تواصل تصاعد الدخان منه.

وقال بدر الدين بابكر المقيم في شرق العاصمة “من المحزن رؤية هذه المؤسسات تدمّر على هذا النحو”.
وتساءل “بعد كل هذا الدمار ماذا سيتبقى لهم لحكم البلاد؟”.
ومنذ اندلاع المعارك في السودان بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة دقلو في 15 نيسان/ابريل. قُتل نحو 7500 شخص ومن المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير. بينما اضطر نحو خمسة ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور الى دول الجوار خصوصا مصر وتشاد.

وفرّ نحو 2.8 مليون شخص من الخرطوم التي تشهد قصفا جويا وبالمدفعية الثقيلة وحرب شوارع في مناطق سكنية.
وقال حاتم أحمد البالغ 53 عاما “وكأنهم يريدون تحويلها إلى مدينة رماد غير قابلة للسكن”.
ودمّر النزاع البنى التحتية الضعيفة أصلا وتسبب بإغلاق 80 بالمئة من مستشفيات البلاد وأغرق ملايين الأشخاص في وضع أشبه بالمجاعة الحادة.

وغطى الدخان الأسود الكثيف سماء العاصمة السودانية. وأظهرت صور تمّ تداولها على مواقع التواصل، تهشّم نوافذ مبانٍ عدة في وسط الخرطوم واختراق الرصاص لجدرانها.
وقال شهود في حي مايو في جنوب الخرطوم إنهم “سمعوا دوي قصف مدفعي كثيف على مواقع قوات الدعم السريع في (منطقة) المدينة الرياضية” المجاورة.

وسقط 51 قتيلا على الأقل الأسبوع الماضي في قصف استهدف سوقا في حي مايو. وفق الأمم المتحدة.
والأحد ندّدت لجنة للمحامين مؤيدة للديمقراطية بسقوط عشرات القتلى المدنيين في المعارك المستمرة منذ الجمعة.
وفي ولاية شمال كردفان (350 كيلومترا غرب العاصمة). تبادل الجيش وقوات الدعم السريع القصف المدفعي الأحد، بحسب ما أفاد سكان فيما تمكن الدعم من السيطرة على مدينة ام روابة الإستراتيجية ما يمكنه من قطع طريق امدادات الجيش.
وكان إقليم دارفور مطلع القرن الحالي مسرحا لنزاع دامٍ أوقع 300 ألف قتيل وأدى الى نزوح أكثر من 2.5 مليون سوداني، بحسب الأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى