تحقيقات

نزاع السودان.. مدارس “مغلقة” وتلاميذ “بلا مستقبل”


ظلال قاتمة ألقاها نزاع لم تخمد نيرانه، بات السودان بسببه على شفا مستقبل بلا ملامح، يهدد بخلق أجيال بلا وجهة ينقصها “العلم” و”العمل”.

وبمدارس شبه مدمرة أو لا تزال قائمة، لكنها باتت مأوى للنازحين، ومعلمون بلا رواتب غيروا مهنتهم بحثا عن عمل يكفي عيشهم، أصبح التعليم في السودان يواجه أزمة بالغة التعقيد، في ظل استمرار الحرب بين الجيش وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل الماضي.

نقل بلا امتحانات

وعلى خلفية تلك الأزمات، أصدرت وزارة التربية والتعليم، في 9 أغسطس الماضي، قرارا قضى بإلغاء امتحانات المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية للعام الحالي في جميع الولايات المتأثرة بظروف الحرب.

ونص القرار على نقل جميع تلاميذ الصف السادس إلى المرحلة المتوسطة مباشرة، وإلغاء جميع امتحانات النقل النهائي بمراحل التعليم الثلاث في الولايات المتأثرة بالحرب، على أن ينقل التلاميذ والطلاب نقلا مباشرا إلى الصفوف الأعلى.

لجنة لحصر الأضرار

وذكرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن “مؤسسات التعليم العالي ومنسوبيها تعرضوا إلى أضرار جسيمة بالغة نتيجة للممارسات غير الأخلاقية لقوات الدعم السريع على مختلف الأصعدة”.

وأوضحت الوزارة في بيان، صدر مؤخرا أنه “منذ تفجر الاشتباكات كونت الوزارة لجنة لحصر الأضرار المادية التي لحقت بمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، ووقفت اللجنة على حجم الأضرار التي طالت منسوبيها ومؤسساتها والجامعات الحكومية والخاصة والمراكز البحثية والصندوق القومي لرعاية الطلاب”.

وأشار البيان إلى أن “التخريب طال كل مؤسسات التعليم العالي وعددا من علمائها ومنسوبيها والبحث العلمي بولاية الخرطوم، وعددا من الولايات الأخرى حيث تأثرت هذه المؤسسات كليا أو جزئيا وعددها 104 من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة والمراكز البحثية والصندوق القومي لرعاية الطلاب”، بالإضافة إلى “رئاسة الوزارة التي تضررت باشتعال النار في عدد من طوابقها، واحتراق عدد كبير من المكاتب”.

تعقيدات بالغة

بالنسبة إلى عمر عبدالسلام، وهو معلم بالمرحلة الثانوية، فإن العام الدراسي الجديد، عنوانه “الفشل”، في ظل عدم صرف رواتب المعلمين، وتحول المدارس في أغلبية الولايات إلى دور إيواء للنازحين الفارين من نيران النزاع في الخرطوم.

وأوضح يوسف أنه “من الطبيعي أن يتعطل العام الدراسي، والأولوية الآن تتمثل في توفير الغذاء والدواء للأطفال في ظل الحرب العبثية التي أنهكت جميع الشعب السوداني”.

وأضاف: “أتمنى أن تتوقف الحرب، وتعود الحياة إلى طبيعتها، وإعادة فتح المدارس، كي لا يضيع مستقبل أبنائنا التعليمي”.

بدوره، لجأ المعلم بمرحلة الأساس، أحمد خليفة، إلى العمل في السوق لتوفير متطلبات الأسرة من الغذاء والدواء.

وأشار خليفة “اضطررت لدخول السوق وامتهان التجارة في ظل توقف الراتب الحكومي لمدة 5 أشهر”، مضيفا: “الوضع الاقتصادي صعب، ولا بد من إيجاد بدائل لتوفير احتياجات الأسرة”.

من جهتها، تقول آمال عبدالله، وهي ربة منزل، إن مستقبل أبنائها الصغار أصبح مجهولا إثر استمرار المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، منذ أبريل الماضي.

وأشارت عبد الله إلى أن “العام الدراسي أصبح على كف عفريت، ومستقبل مظلم ينتظر أبناءها، في ظل عدم قدرتها المالية لنقلهم إلى دولة أخرى لإكمال تعليمهم”.

وأضافت: “الأطفال استثمارنا الوحيد، واجتهدنا في تعليمهم، لكن الحرب أدخلتنا في حسابات مجهولة”.

ثكنات عسكرية

ويقول المتحدث الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين، سامي الباقر، إن “المدارس في أغلبية مدن السودان تحولت إلى ثكنات عسكرية”.

وأشار الباقر إلى أن “الوزارة أخفقت في صرف رواتب المعلمين لمدة 5 أشهر، لذلك من الصعوبة بمكان فتح العام الدراسي الجديد”.

ومنذ منتصف أبريل يخوض الجيش و”الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى