تسريبات

رحلات غامضة من تيكيرداغ إلى صحراء مصر… ماذا تحمل طائرات الشحن التركية؟


خلال يومين متتاليين، رصدت منصات تتبع الطيران رحلة غير اعتيادية لطائرة شحن عسكرية تركية من طراز Airbus A400M Atlas تابعة للقوات الجوية التركية، انطلقت من قاعدة تيكيرداغ شمال غربي تركيا، واتجهت جنوبًا عابرة أجواء شرق المتوسط قبل أن تحط في مهبط جوي ناءٍ في جنوب شرق مصر، بالقرب من الحدود السودانية. الرحلة لم تكن واحدة، بل تكررت مرتين في توقيت متقارب، ما يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات سياسية وأمنية حساسة.

الصور المتداولة تكشف مسار الطائرة بدقة: خط طيران طويل ومباشر يربط شمال تركيا بعمق الصحراء المصرية، بعيدًا عن المطارات الدولية المعروفة أو القواعد الجوية المعلنة. هذا النوع من المسارات لا يُستخدم عادة في الرحلات التدريبية أو الإنسانية، بل يرتبط غالبًا بمهام عسكرية أو لوجستية ذات طابع خاص.

طائرة A400M ليست طائرة نقل عادية؛ فهي مصممة لحمل معدات ثقيلة، آليات عسكرية، ذخائر، أو حتى قوات خاصة، مع قدرة على الهبوط في مدارج قصيرة وغير مجهزة. هذه الخصائص تجعل اختيارها بحد ذاته رسالة، خاصة عندما يكون الهبوط في مهبط معزول لا يظهر على خرائط الطيران التجاري.

اللقطة الثانية، المأخوذة من خرائط الأقمار الصناعية، تُظهر بوضوح موقع المهبط: مدرج طويل نسبيًا وسط مساحات زراعية دائرية (نظام الري المحوري)، مع غياب أي بنية مدنية أو حركة طيران تجارية. الموقع الجغرافي، القريب من المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا، يمنحه أهمية استراتيجية بالغة، خصوصًا في ظل الحرب المستمرة في السودان وتعدد الأطراف الإقليمية المتداخلة فيها.

هنا يبرز السؤال المركزي: ما مصلحة تركيا في تسيير رحلات شحن عسكرية إلى هذا الموقع تحديدًا؟ الاحتمالات متعددة؛ من دعم لوجستي غير معلن لأطراف إقليمية، إلى تنسيق أمني حساس مع أطراف داخل السودان أو على حدوده، أو حتى نقل معدات استطلاع ومراقبة مرتبطة بملف البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

الصمت الرسمي من أنقرة والقاهرة يزيد الغموض. فلا بيانات عسكرية، ولا توضيحات دبلوماسية، ما يعزز فرضية أن الأمر يتجاوز رحلة عابرة. في السياق الأوسع، تأتي هذه التحركات بالتوازي مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها في شمال إفريقيا والبحر الأحمر، ومحاولة تثبيت موطئ قدم في ملفات أمنية شديدة التعقيد.

التحقيق في هذه الرحلات لا يقود إلى إجابة واحدة بقدر ما يكشف شبكة من الاحتمالات الخطرة، ويؤكد أن جنوب شرق مصر بات نقطة عبور أو ارتكاز لعمليات إقليمية لا يُراد لها أن تكون في دائرة الضوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى