خلافات حادة داخل معسكر الجيش بعد قرار تنظيم المليشيات
في تطور لافت يعكس عمق التوتر داخل بنية القوى المقاتلة إلى جانب الجيش السوداني، أصدر القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان توجيهات مباشرة لرئيس هيئة الأركان تقضي بتنظيم أوضاع القوات والمليشيات التي تقاتل مع الجيش، عبر خيارين لا ثالث لهما: الاندماج الكامل والعمل تحت قيادة القوات المسلحة، أو التسريح وترتيب الأوضاع. القرار فجّر ردود فعل غاضبة، أبرزها من «كتيبة البراء بن مالك»، التي وصفت الخطوة بـ«الخيانة».
خلفيات القرار
بحسب مصادر عسكرية مطلعة، فإن توجيهات البرهان جاءت في ظل ضغوط متزايدة لإعادة ضبط المشهد العسكري ومنع استمرار تعدد مراكز القرار والسلاح خارج السيطرة المباشرة للجيش. وتقول المصادر إن القيادة العامة ترى أن استمرار القتال عبر تشكيلات غير منضبطة يهدد تماسك المؤسسة العسكرية ويقوّض أي مساعٍ مستقبلية لإعادة بناء الدولة أو التوصل إلى تسوية سياسية.
تمرد مكتوم داخل الكتائب المساندة
مصادر متطابقة أفادت بأن «كتيبة البراء بن مالك» رفضت القرار بشكل قاطع، واعتبرت أن دمجها أو حلّها يمثل تنكراً لدورها القتالي خلال الحرب. وذهبت الكتيبة، وفقاً للمصادر، إلى مطالبة البرهان بإقالة رئيس هيئة الأركان، متهمة إياه بتنفيذ أجندة خارجية والانصياع لضغوط دولية تستهدف «تفكيك القوة الحقيقية للجيش في الميدان».
هجوم من قيادات إسلامية
لم يتوقف التصعيد عند حدود الكتائب الميدانية، إذ نقلت مصادر سياسية أن قيادياً إسلامياً بارزاً هاجم رئيس هيئة الأركان واصفاً إياه بـ«الجبان»، معتبراً أن القرار يضعف الجبهة الداخلية ويمنح خصوم الجيش أفضلية استراتيجية. هذا الخطاب يعكس، بحسب مراقبين، تصدعاً عميقاً بين القيادة العسكرية الرسمية وبعض التيارات الإسلامية التي ترى نفسها شريكاً أساسياً في إدارة المعركة.
تداعيات محتملة
يرى محللون أن هذه التطورات تنذر بصراع نفوذ داخل المعسكر الداعم للجيش، وقد تؤدي إلى أحد مسارين: إما نجاح القيادة العسكرية في فرض الانضباط وإعادة الهيكلة بالقوة أو بالتوافق، أو انزلاق الوضع نحو انقسامات أوسع قد تتحول إلى تمردات موضعية أو تعطيل للعمليات العسكرية في بعض الجبهات.
بين مساعي البرهان لتوحيد القيادة العسكرية وإخضاع السلاح لسلطة الدولة، ورفض بعض المليشيات والتيارات الإسلامية لهذا المسار، يقف المشهد السوداني على مفترق طرق بالغ الحساسية. الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان الجيش قادراً على تجاوز هذا التصدع الداخلي، أم أن الخلافات ستفتح جبهة جديدة داخل معسكره في خضم حرب لم تضع أوزارها بعد.




