الجموعية تغرق.. نزوح جماعي للأسر بعد فيضان مدمر جنوب أم درمان

تسببت الزيادة المفاجئة في منسوب مياه النيل الأبيض في إلحاق أضرار جسيمة بعدد من مناطق الجموعية الواقعة في الريف الجنوبي لأم درمان، وفق ما أفادت به مصادر محلية يوم الجمعة. وأوضحت المصادر أن الفيضان أدى إلى غمر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمناطق السكنية، ما أسفر عن خسائر كبيرة في الممتلكات والمنازل، وأجبر العديد من الأسر على النزوح من مساكنها. هذا التصاعد في مستوى المياه جاء في وقت تشهد فيه البلاد ظروفًا مناخية متقلبة، وسط ضعف واضح في البنية التحتية التي لم تعد قادرة على احتواء تداعيات الفيضانات الموسمية.
زيارة ميدانية
في إطار متابعة الأوضاع الميدانية، قام والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، يوم الجمعة 3 أكتوبر 2025، بجولة تفقدية إلى المناطق المتضررة من فيضان النيل الأبيض في منطقة الجموعية. ورافقه عدد من أعضاء حكومته خلال الزيارة التي هدفت إلى الوقوف على حجم الأضرار التي لحقت بالقرى الواقعة على ضفاف النهر. وخلال الجولة، اطّلع الوالي على التصدعات التي أصابت ترس قرية الشقيلة نتيجة اندفاع المياه، ووجّه الجهات المختصة بضرورة الإسراع في ردم الترس المتضرر وإنشاء تروس إضافية لمنع تسرب المياه إلى القرى مجددًا. هذه الإجراءات تأتي في سياق محاولات احتواء الأزمة وتفادي تفاقمها في الأيام المقبلة.
جهود محلية
أكدت المصادر أن سكان القرى، خصوصًا من فئة الشباب، بذلوا جهودًا كبيرة في محاولة لحماية مناطقهم من خطر الفيضان، مستخدمين الجوالات والتراب لتدعيم الحواجز الترابية. إلا أن قوة اندفاع المياه من النيل تجاوزت قدراتهم الذاتية، ما دفعهم إلى إطلاق نداءات استغاثة عاجلة للسلطات المختصة. هذه التحركات الشعبية تعكس حجم القلق المتصاعد في المناطق الريفية، حيث يعتمد السكان بشكل كبير على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، ويواجهون تحديات مضاعفة في ظل غياب الدعم الفني واللوجستي الكافي.
نداءات عاجلة
في الأيام الأخيرة، أطلق متطوعون في مناطق الجموعية سلسلة من المناشدات للجهات الحكومية، طالبوا فيها بتدخل فوري لإنقاذ آلاف الأرواح والمنازل من خطر الغرق. وشددت هذه النداءات على ضرورة توفير الحماية العاجلة للقرى المتضررة، من خلال تعزيز التروس وتوفير المعدات اللازمة للتصدي لتدفق المياه. وتأتي هذه المطالب في وقت تتزايد فيه المخاوف من اتساع رقعة الفيضان، خاصة مع استمرار ارتفاع مناسيب النيل الأبيض، ما يهدد بمزيد من الأضرار في المناطق السكنية والزراعية على حد سواء.
تحذير رسمي
أصدرت غرفة الطوارئ بمحلية جبل أولياء تحذيرًا رسميًا من “خطر حقيقي” يهدد المناطق الواقعة على ضفاف النيل الأبيض، بعد أن اجتاحت السيول الحواجز الترابية في عدد من المناطق، من بينها العسال، وطيبة الحسناب، والشقيلاب، والكلاكلات. وأوضحت الغرفة أن المياه بدأت تتسرب إلى الأحياء السكنية، ما ينذر بانهيار محتمل للمنازل في حال استمرار ارتفاع المنسوب. هذا التحذير يعكس حجم التهديد الذي تواجهه المجتمعات المحلية، ويضع السلطات أمام اختبار حقيقي في إدارة الأزمة وتقديم الاستجابة السريعة.
أزمة متكررة
تواجه السودان سنويًا موجات من السيول والفيضانات التي تؤدي إلى وفاة العشرات وتدمير المنازل والحقول الزراعية، في ظل بنية تحتية هشة تعاني من آثار الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023. هذا النزاع المسلح أدى إلى تدمير واسع في شبكات الصرف والمرافق الحيوية، ما جعل البلاد أكثر عرضة للكوارث الطبيعية. ومع استمرار القتال، تتراجع قدرة المؤسسات على التدخل الفوري، ما يفاقم من حجم الأزمات البيئية والإنسانية التي تضرب مناطق واسعة من البلاد.
