تساؤلات ملحة.. تأثير فيضانات السودان على مصر بعد تصريف النهضة
مع تزايد الأنباء حول غرق أجزاء من أراضي السودان بفعل الفيضانات. التي سببها الفتح المفاجئ لخزانات سد النهضة في إثيوبيا، زادت المخاوف في مصر على مدى الأيام الماضية من احتمال تكرار نفس السيناريو، وغرق مساحات من الأراضي المصرية.
ودار الجدل على مدى يومين، بشأن إمكان اضطرار القاهرة إلى إعلان حالة الطوارئ في حالة ارتباع منسوب نهر النيل وغرق المدن والقرى المجاورة للنيل. لا سيما أن كميات المياه المتدفقة من إثيوبيا ضخمة، حسبما تشير التقديرات التي تنشرها وسائل الإعلام.
-
6 ولايات منكوبة.. فيضانات السودان تثير جدلًا حول تشغيل سد النهضة
-
الأرصاد تُحذر: موسم الأمطار في السودان ينذر بفيضانات كارثية
وفي هذا السياق، أشار أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، عباس شراقي، إلى أن إعلان وزارة الري السودانية حالة “الإنذار الأحمر” ببعض الولايات. بعدما تجاوز منسوب المياه بالخرطوم الـ17 مترا، يهدد السودانيين فقط، لأنه مستوى يتجاوز حاجز الخطر.
ولكن هذه الأزمة لن تضر مصر في أي شيء، وذلك بسبب وجود السد العالي في محافظة أسوان، والذي يمكنه استيعاب كل الزيادات المفاجئة. سواء في مستويات ارتفاع منسوب المياه، أو قوة التدفق التي خلقت أزمة في السودان.
-
نزوح ومعاناة.. السودانيون بين الجوع والفيضانات
-
كارثة إنسانية تلوح في الأفق بجنوب السودان: فيضانات وارتفاع الإصابات بالملاريا
ومن ثم، وفق الخبير المصري، فإن كل القرى والمدن، داخل المحافظات أو المطلة على نهر النيل ستظل آمنة، سواء بالنسبة للزراعة أو الصناعة أو البنى التحتية. وبالتالي حياة البشر والحيوانات وكل شيء، بالإضافة إلى وجود مجاري مائية أخرى تستوعب الزيادات المائية.
ولفت إلى أن السد العالي في جنوب مصر يمكنه استقبال كميات ضخمة من المياه تصل إلى نحو مليار متر مكعب يوميًا. وبالتالي فإن الكميات المتدفقة من الهضبة الإثيوبية لن تمثل أي خطورة على الأراضي المصرية، بجانب وجود خطط دائمة للطوارئ، يمكنها التعامل مع أي مستجدات.
-
كارثة بيئية في السودان: فيضانات تؤثر على ملايين الفدادين الزراعية
-
السودان يستغيث من التصعيد والفيضانات
وتطرق الخبير في مجال الموارد المائية إلى الحديث عن استعداد مصر لمختلف الظروف المرتبطة بالمياه، ففي حين يمكن للسد العالي أن يصد التدفقات العالية ويحمي الأراضي والممتلكات. فهو في الوقت نفسه عنصر أمان يحمي البلاد من نقص المياه أو انقطاعها لفترات طويلة.
وأوضح أن “السد العالي استطاع أن يوفر الأمان لقطاع الزراعة المصري. ولولاه لتوقفت نصف الأنشطة الزراعية في البلاد، على عكس سد النهضة الإثيوبي الذي حجز قرابة 100 مليار متر مكعب من المياه داخل إثيوبيا، ومع ذلك ما تزال الخدمات هناك في أدنى مستوياتها”.
-
الجموعية تغرق.. نزوح جماعي للأسر بعد فيضان مدمر جنوب أم درمان
-
تحذيرات متجددة.. الدفاع المدني يدق ناقوس الخطر مع استمرار ارتفاع النيل
من جانبه، وجه الخبير في مجال الموارد المائية والري، والأستاذ المساعد بجامعة المنصورة إبراهيم دعبس، اتهامات إلى “إثيوبيا بخداع السودان بدعوى أن سد النهضة سيحمي أراضيها من الفيضانات. ولكن سرعان ما اكتشفت الخرطوم الخدعة بعدما فتحت إثيوبيا الخزانات وأغرقتها”.
وتابع أن خطورة الفيضانات التي أغرقت السودان أنها “صناعية”. فقد جاءت في غير موعدها وسببها السد وليس التدفق الطبيعي من الهضبة الإثيوبية. والذي دائمًا ما تكون له مواعيد ويأتي على فترات طويلة، وتكون هناك خطط لمواجهته.
-
كارثة طبيعية في جنوب دارفور: ترتورا تغرق والعائلات بلا مأوى
-
ترسين السودانية.. الكارثة التي محَت ملامح قرية بأكملها
وأشار إلى أن إثيوبيا أخطأت عندما ملأت بحيرة سد النهضة بسعتها الكاملة. قبل أن تنتهي من تركيب التوربينات الـ13 التي أعلنت عنها لتوليد الكهرباء. إذ إنها لم تركب سوى 8 توربينات، ولا تعمل من هذه التوربينات سوى 5 فقط، وليس بكامل طاقتها أو بانتظام أيضًا.
وقال إن “الملء كان مخالفًا لكل ما هو متعارف عليه في مجال السدود. لأن الأعمال الإنشائية نفسها ما تزال غير مكتملة، فإلى جانب التوربينات. هناك محطة الكهرباء وأعمدة الضغط العالي ومحطات النقل والتوزيع تحت الإنشاء”.
-
حصار البرهان يجلب الجوع والموت البطيء
-
الجوع يحاصر كادوقلي.. أوراق الأشجار ملاذ الأهالي في جنوب كردفان
وأردف: “كان بإمكان المسؤولين في إثيوبيا الاكتفاء بملء 50 مليار متر مكعب من المياه فقط، وهي الكمية التي يمكن للتوربينات التعامل معها. ولكن الإصرار على تجاوز السعة المحددة للبحيرة وهي 75 مليارًا يعد أمرًا مستغربًا، فهم يعلمون أنهم سيضطرون لاحقًا لتصريف الزيادة”.
وعن إمكان تأثر مصر، قال إن السد العالي في أسوان يوفر الحماية الكبيرة للبلاد. من حيث الأمن المائي أو الوقائي، ولكنه أشار إلى أن بحيرة السد العالي ممتلئة .بسعتها الكاملة خلال السنوات الـ5 الأخيرة، وهو أمر قد تكون له حسابات معينة لدى المسؤولين. ولكنها حسابات للصالح العام ولا تمثل أي قلق.
-
الجوع ينهك كادوقلي.. السكان يصطفون منذ الفجر وسط احتكار الجيش للغذاء
-
وجبات تضامن وإنقاذ.. المطابخ المجتمعية تدعم آلاف المحتاجين في السودان
إلا أن الخبير في مجال الموارد المائية، قال إن وجود الكميات الضخمة من المياه في بحيرة سد النهضة يعد أكثر فائدة بالنسبة لمصر، فهو مخزون للقاهرة وعلى أراضي إثيوبيا. وعندما يبدؤون توليد الكهرباء من التوربينات الـ13، ستخرج المياه من بحيرة النهضة باتجاه مصر والسودان.
ولكن الأمر المؤكد، وفق دعبس، أن مصر لن تتعرض لفيضانات مدمرة، أو تغرق أراضيها مثلما حدث في السودان. وذلك لسببين، الأول هو وجود صمام الأمان المتمثل في السد العالي. والثاني هو وجود خطط الطوارئ الدائمة، لحالات الفيضان أو النقصان في المياه.
-
كارثة إنسانية تلوح في الأفق.. نداء عاجل لنجدة الجوعى في السودان
-
من رماد الحرب إلى الجوع والعطش.. مأساة نازحي دارفور تتفاقم
-
الأزمات الإنسانية في السودان: جوع ومخاوف في ظل استمرار الحرب




